في مقابلته العامة مع المؤمنين، البابا فرنسيس يتحدّث عن زيارته الرسوليّة على إيرلندا ويدعو للقاء العالمي العاشر للعائلات الذي سيعقد في روما عام ٢٠٢١.
أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان واستهلّ تعليمه الأسبوعي بالقول لقد قمت في نهاية الأسبوع الماضي بزيارة إلى إيرلندا للمشاركة في اللقاء العالمي للعائلات. وقد أردت بحضوري أن أُثبِّتَ العائلات المسيحيّة في دعوتها ورسالتها. آلاف العائلات – أزواج وأجداد وأبناء – جاءت إلى دبلن بتنوّع لغاتها وثقافاتها وخبراتها، لقد شكّلت علامة بالغة لجمال حلم الله للعائلة البشريّة بأسرها. نحن نعرف أنَّ حلم الله هو الوحدة والتناغم والسلام، ثمرة الأمانة والمغفرة والمصالحة التي منحنا إياها بالمسيح. هو يدعو العائلات للمشاركة في هذا الحلم ولكي يجعلوا من العالم بيتًا لا يعيش فيه أبدًا أحد وحيدًا، غير محبوب أو مهمّشًا. فكّروا بهذا الأمر جيّدًا: ما يريده الله هو ألا يكون أحد وحيدًا، غير محبوب أو مهمّشًا. لذلك كان موضوع هذا اللقاء العالمي مناسب جدًّا، وكان العنوان “إنجيل العائلة فرح للعالم”.
تابع الأب الأقدس يقول أنا ممتن لرئيس جمهوريّة إيرلندا ولرئيس الوزراء ولمختلف السلطات الحاكمة والمدنيّة والدينيّة وللعديد من الأشخاص الذين وعلى مختلف المستويات ساعدوا في تحضير وتحقيق أحداث اللقاء. وإذ توجّهت إلى السلطات في قصر دبلن ذكّرت أنَّ الكنيسة هي عائلة من العائلات، وكجسم هي تعضد خلاياها هذه في دورها الضروري من أجل نمو مجتمع أخوي ومتضامن.
أضاف الحبر الأعظم يقول خلال هذه الأيام شكّلت “نقاط نور” حقيقيّة شهادة الحب الزوجي التي قدّمها أزواج من مختلف الأعمار. لقد ذكّرتنا قصصهم أنَ حبَّ الزواج هو عطيّة خاصة من الله ينبغي علينا تعزيزه يوميًّا في “الكنيسة البيتيّة” التي هي العائلة. ما أحوج العالم لثورة حب وحنان تخلِّصنا من ثقافة المؤقت الحاليّة! وهذه الثورة تبدأ في قلب العائلة.
تابع البابا فرنسيس يقول في كاتدرائيّة دبلن التقيت الأزواج الملتزمين في الكنيسة والعديد من الأزواج الشباب مع أطفالهم. لقد التقيت بعدها بعض العائلات التي تواجه تحديات وصعوبات خاصة، وبفضل الإخوة الكبوشيين القريبين دائمًا من الشعب، والعائلة الكنسيّة الواسعة تختبر التضامن والعضد كثمار للمحبة.
أضاف الأب الأقدس يقول لقد شكّل العيد الكبير مع العائلات في استاد دبلن ذروة زيارتي، تبعه يوم الأحد القداس في فينيكس بارك. في أمسيّة الصلاة استمعنا إلى شهادات مؤثِّرة لعائلات تألّمت بسبب الحروب، عائلات تجدّدت بالمغفرة وعائلات خلّصها الحب من دوامة الإدمان وعائلات تعلّمت الاستعمال الجيّد للهواتف المحمولة والألواح الرقميّة وكيفيّة إعطاء الأولويّة لقضاء الوقت معًا. وقد ظهرت قيم التواصل بين الأجيال ودور الأجداد المميّز في توثيق الروابط العائليّة ونقل كنز الإيمان. أما اليوم – بالرغم من قساوة القول – فيبدو أن الأجداد هم مصدر إزعاج. في ثقافة الإقصاء هذه يتمُّ إقصاء الأجداد وإبعادهم. الأجداد هم حكمة وذاكرة الشعب، ذاكرة العائلات! وعلى الأجداد أن ينقلوا هذه الذاكرة للأحفاد. كذلك على الشباب والأطفال أن يتحدّثوا مع أجدادهم لكي يمضوا قدمًا بالتاريخ. من فضلكم لا تهمّشوا الأجداد، وليكونوا بالقرب من أبنائكم: أحفادهم.
تابع الحبر الأعظم يقول في صباح يوم الأحد قمت بزيارة حج إلى مزار نوك المريمي العزيز على الشعب الإيرلندي. هناك في الكابلة التي بُنيت في مكان ظهور العذراء، أوكلت لحمايتها الوالديّة جميع العائلات ولاسيما عائلات إيرلندا. وبالرغم من أن زيارتي لم تكن تتضمّن زيارة لشمال إيرلندا لكنّني وجّهت تحيّة لأهلها وشجّعت عمليّة المصالحة والسلام والصداقة والتعاون المسكوني.
أضاف البابا فرنسيس يقول كان على زيارتي هذه إلى إيرلندا، بالإضافة إلى الفرح الكبير الذي حملته، أن تأخذ على عاتقها عذاب ومرارة الآلام التي سببتها في هذه البلاد جميع أنواع الانتهاكات من قبل أعضاء الكنيسة أيضًا وواقع أنَّ السلطات الكنسيّة في الماضي لم تعرف كيف تواجه هذه الجرائم بشكل ملائم. لقد أثّر فيَّ بشكل عميق اللقاء مع بعض الضحايا، وبالتالي طلبت المغفرة من الرب مرارًا على هذه الخطايا وعلى العار والشعور بالخيانة اللذين تسببت بهما. إن أساقفة إيرلندا قد بدؤوا مسيرة تنقيّة ومصالحة جديّة مع الذين تعرّضوا للانتهاكات، وبمساعدة السلطات الوطنيّة وضعوا سلسلة من القوانين القاسية لضمان أمان الشباب. أما في لقائي مع الأساقفة فشجّعتهم في جهودهم للتعويض عن فشل الماضي بصدق وشجاعة، واثقين بوعود الرب ومتّكلين على إيمان الشعب الإيرلندي العميق من أجل البدء بمرحلة تجدد في الكنيسة في إيرلندا. هناك إيمان في إيرلندا، غيمان ذات جذور عريقة. لكن هل تعلمون أن الدعوات الكهنوتيّة قليلة جدًّا؟ لماذا؟ بسبب هذه المشاكل والفضائح… وبالتالي علينا أن نصلّي لكي يرسل الرب إلى إيرلندا كهنة قديسين ودعوات جديدة.
وختم البابا تعليمه الأسبوعي بالقول أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، لقد شكّل اللقاء العالمي للعائلات في دبلن خبرة نبويّة ومعزّية للعديد من العائلات الملتزمة في درب الزواج والحياة العائليّة بحسب الإنجيل؛ عائلات تلميذة ومرسلة، خميرة صلاح وقداسة وعدالة وسلام. غالبًا ما ننسى العديد من العائلات التي تسير قدمًا بأمانة ويعرف أعضاؤها كيف يطلبون المغفرة من بعضهم البعض إزاء المشاكل؛ ننساها لأنَّ الموضة اليوم في الجرائد والصحف هي الحديث عن الطلاق والانفصال… لكن هذا الأمر سيء جدًّا. أنا أحترم الجميع وعلينا جميعًا أن نحترم الآخرين، لكن الحلّ الأفضل ليس الطلاق ولا الانفصال ولا دمار العائلة. الحل الأفضل هو العائلة المتّحدة. أما لقاء العائلات المقبل فسيعقد في روما عام ٢٠٢١، فاستعدّوا! نكل جميع العائلات إلى حماية العائلة المقدّسة لكي تكون حقًا، في بيوتها ورعاياها وجماعاتها، فرحًا للعالم.
إذاعة الفاتيكان