“لقد صار الله إنسانًا لكي يتمكّن الإنسان الذي جعلته الخطيئة أصمًّا معقود اللسان، من الإصغاء إلى صوت الله، صوت الحب الذي يكلِّم قلبه فيتعلّم هكذا أن يتكلّم لغة المحبّة ويترجمها إلى تصرّفات سخاء وبذل ذات؛” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة التبشير الملائكي مع وفود من المؤمنين احتشدوا في ساحة القديس بطرس وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها يخبرنا إنجيل هذا الأحد عن حدث شفاء أَصَمَّ مَعقودِ اللِّسان قام به يسوع. جاؤوه بِأَصَمَّ مَعقودِ اللِّسان، وسأَلوه أَن يَضَعَ يدَه عليه. ولكنه يقوم بتصرفات عديدة: انفَرَدَ بِه عنِ الجَمْع. في هذه المناسبة كما في غيرها يتصرّف يسوع بتحفّظ. فهو لا يريد أن يؤثِّر على الناس ولا يبحث عن الشعبيّة أو النجاح بل يرغب فقط في صنع الخير للأشخاص. بهذا الموقف هو يعلِّمنا أن فعل الخير يتمُّ بدون صخب.
تابع البابا فرنسيس يقول عندما انفَرَدَ بِه، جعَلَ يسوع إِصبَعَيه في أُذُنَيه، ثُمَّ تَفَلَ ولَمَسَ لِسانَه. يعيدنا هذا التصرّف إلى التجسد. فابن الله هو إنسان دخل في الواقع البشري بشكل كامل، ولذلك يمكنه أن يفهم الوضع الأليم لإنسان آخر ويتدخّل بواسطة تصرف يطال إنسانيته بكاملها. وفي الوقت عينه يريد يسوع أن يُهمنا أنَّ الآية تتمُّ بسبب وحدته مع الآب ولذلك رَفَعَ عَينَيْهِ نَحوَ السَّماءِ وتَنَهَّدَ وقالَ له: “إِفَّتِحْ!” أَيِ: انفَتِحْ. فانفَتَحَ مِسمَعاه وانحَلَّتْ عُقدَةُ لِسانِه، فَتَكَلَّمَ بِلِسانٍ طَليق. لقد شكّل الشفاء بالنسبة له انفتاحًا على الآخرين والعالم.
أضاف الحبر الأعظم يقول تسلّط هذه الرواية من الإنجيل الضوء على ضرورة الشفاء المزدوج. أولاً الشفاء من المرض والألم الجسدي لإعادة الصحّة إلى الجسد، حتى إن كان هذا الهدف يصعب بلوغه بشكل كامل في الأفق الأرضي بالرغم من جهود العلم والطب. ولكن هناك شفاء ثاني، وربما هو أصعب، وهو الشفاء من الخوف الذي يدفعنا إلى تهميش المريض والمتألِّم والمعاق. وهناك أساليب عديدة للتهميش، حتى من خلال شفقة زائفة أو من خلال استئصال المشكلة، نبقى أصماء معقودي اللسان إزاء آلام الأشخاص الذين يطبعهم المرض والقلق والصعوبات. غالبًا ما يصبح المريض والمتألِّم مشكلة، فيما ينبغي عليهما أن يشكِّلا مناسبة لإظهار عناية وتضامن مجتمع ما تجاه الأشد ضعفًا.
تابع الأب الأقدس يقول لقد كشف لنا يسوع سرَّ أعجوبة يمكننا أن نكرّرها بدورنا، لنصبح نحن أيضًا روادًا للـ “إِفَّتِحْ!”، لتلك الكلمة “إنفتح” التي أعاد من خلالها السمع والنطق للرجل الأَصَمَّ والمَعقودِ اللِّسان. إنّه انفتاح على حاجات إخوتنا المتألِّمين والمعوزين وهرب من الأنانيّة وانغلاق القلب. إنَّ يسوع قد جاء ليفتح القلب، النواة الأعمق للإنسان، وليحررنا ويجعلنا قادرين على العيش بشكل كامل العلاقة مع الله والآخرين. لقد صار إنسانًا لكي يتمكّن الإنسان الذي جعلته الخطيئة أصمًّا معقود اللسان، من الإصغاء إلى صوت الله، صوت الحب الذي يكلِّم قلبه فيتعلّم هكذا أن يتكلّم لغة المحبّة ويترجمها إلى تصرّفات سخاء وبذل ذات.
وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بالقول لتنل لنا مريم، تلك التي “انفتحت” بشكل كامل على محبّة الرب، أن نختبر يوميًّا في الإيمان أعجوبة الـ “إِفَّتِحْ!” لنعيش في شركة مع الله والإخوة.
وبعد الصلاة حيا الأب الاقدس المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس وقال يحتفل اليوم في ستراسبورغ بتطويب ألفونسا ماريا إيبينغر، مؤسِّسة راهبات المخلص الكليّ القداسة. نشكر الله على هذه المرأة الشجاعة والحكيمة، التي ومن خلال الألم والصمت والصلاة قدّمت شهادة محبّة الله لاسيما لمرضى الروح والجسد.
اخبار الفاتيكان