“إن خلاص الله لا يأتي من الأمور الكبيرة ولا من السلطة والمال أو من “التحالفات” السياسيّة والإكليريكيّة وإنما من الأمور الصغيرة والبسيطة” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان.
استهّل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من القراءات التي تقدّمها لنا الليتورجيّة اليوم: من القراءة الأولى من سفر الملوك الثاني الذي يخبرنا عن نعمان السرياني الذي طلب الشفاء من النبي إيليا ولكنّه لم يقدّر الأسلوب البسيط الذي من خلاله قال له النبي أن هذا الشفاء سيتمّ أي من خلال الاغتسال في الأردنِّ سبع مرات، ومن الإنجيلي لوقا والذي يخبرنا عن أهل الناصرة الذين لم يقبلوا كلمات يسوع وثار ثائرهم على ابن أرضهم وازدروه. قال البابا فرنسيس إنه الازدراء الذي يمكن أن نشعر به أمام مخطط خلاص الله عندما لا يتبع تصوراتنا وخططنا، أي عندما لا يكون الخلاص كما نريده. لقد شعر يسوع بازدراء الكتبة وعلماء الشريعة الذين كانوا يبحثون عن الخلاص في العديد من الشرائع والقوانين، لكن الشعب لم يكن يثق بهم.
تابع الحبر الأعظم يقول لقد كان الصدوقيّون يبحثون عن الخلاص في المساومات مع الرؤساء والإمبراطورية… من خلال تحالفات إكليريكيّة وسياسيّة. ولذلك لم يكن الشعب يثق بهم أو يصدّقهم، فيما كانوا يؤمنون بيسوع لأنه كان يكلّمهم كمن له سلطان، ولكن لماذا هذا الازدراء؟ لأنه وفي مخيلتنا ينبغي على الخلاص أن يأتي من شيء كبير وعظيم، نعتقد أن وحدهم المقتدرون بإمكانهم أن يخلّصوننا وأولئك الذين يملكون القوّة والمال والسلطة. لكن مخطط الله مختلف تمامًا. لقد شعروا بالازدراء والإهانة لأنّه لم يكن باستطاعتهم أن يفهموا كيف يمكن للخلاص أن يأتي من صِغَر أمور الله وبساطتها.
أضاف الأب الأقدس يقول عندما قدّم يسوع درب الخلاص لم يتحدّث قط عن أمور عظيمة وكبيرة وإنما عن أشياء صغيرة. إنهما عمودان أساسيان ويمكننا أن نجدهما في إنجيل القديس متى في التطويبات والدينونة الأخيرة، حيث يقول لنا يسوع: “تَعالَوا، يا مَن بارَكَهم أَبي، فرِثوا المَلكوتَ المُعَدَّ لَكُم مَنذُ إِنشاءِ العَالَم: لأَنِّي جُعتُ فأَطعَمتُموني، وعَطِشتُ فسَقَيتُموني، وكُنتُ غَريباً فآويتُموني…” أمور بسيطة. فأنت لم تبحث عن الخلاص أو الرجاء في السلطة والتحالفات… بل قمت بهذه الأمور الصغيرة بكل بساطة، وهذا الأمر يسبب الازدراء لدى العديد. وكاستعداد لعيد الفصح أدعوكم لقراءة التطويبات والفصل الخامس والعشرين من إنجيل القديس متى، وللتفكير والتأمُّل إن كان هناك ما يسبب لي الازدراء أو يسلبني طمأنينتي وسلامي. ويسوع يقول لنا كلمة مهمّة في هذا السياق: “طوبى لِمَن لا أَكونُ لَه حَجَرَ عَثرَة”.
وختم البابا فرنسيس عظته بالقول سيساعدنا اليوم أن نأخذ القليل من الوقت لنقرأ التطويبات والفصل الخامس والعشرين من إنجيل القديس متى، ونتنبّه لما يحصل في قلبنا ولنطلب من الرب نعمة أن نفهم أن درب الخلاص الوحيد هو “جنون الصليب” أي تنازل ابن الله وإخلاء ذاته.
إذاعة الفاتيكان