“على المسيحيين أن يرافقوا الحكام بالصلاة حتى وإن كانوا يخطئون” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان وطلب من الحكام أيضًا أن يصلّوا بدورهم لكي لا ينغلقوا في مجموعاتهم الخاصة. وأكّد البابا في هذا السياق أن الحاكم الذي يدرك تبعيّته إزاء الله والشعب، هو شخص مُصلّي.
استهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقًا من القراءات التي تقدّمها لنا الليتورجيّة اليوم من رسالة القديس بولس إلى تلميذه طيموتاوس والتي يطلب فيها بولس من طيموتاوس “أَن يُقامَ الدُّعاءُ وَالصَّلاةُ وَالابتِهالُ مِن أَجلِ المُلوكِ وَسائِرِ ذَوي السُّلطَة”؛ ومن إنجيل القديس لوقا الذي يقدّم لنا قائدًا يصلّي وهو قائد المائة الذي كان له عبدٌ مريض مشرف على الموت وَكانَ عَزيزًا عَلَيه وكان يحب الشعب أيضًا كما يكتب القديس لوقا: “لَمّا وَصَلوا إِلى يَسوع، سَأَلوهُ بِإِلحاح، قائِلين: “إِنَّهُ يَستَحِقُّ أَن تَمنَحَهُ ذَلِكَ، لأَنَّهُ يُحِبُّ أُمَّتَنا، وَهُوَ الَّذي بَنى لَنا المَجمَع”.
قال البابا فرنسيس لقد شعر هذا الرجل بالحاجة للصلاة، ليس فقط لأنّه كان يحب وإنما لأنّه كان يدرك أيضًا أنّه ليس سيّد كل شيء. لقد كان يعرف أن هناك من هو أعلى منه وهو الآمر الناهي. لقد كان لديه جنود بإمرته ولكنّه كان بدوره مرؤوسًا أيضًا وهذا الأمر حمله على الصلاة. وبالتالي فالحاكم الذي يتحلّى بهذا الوعي هو شخص يصلّي. إن لم يصلِّ ينغلق على ذاته في مرجعيّته الذاتية أو مرجعيّة حزبه وبالتالي في تلك الدائرة المغلقة التي لا يمكن الخروج منها. ولكن إن كان يتحلّى بوعي أنّه مرؤوس وأنّ هناك من له سلطان أعلى منه وأنّه يستمد أيضًا سلطته من الشعب، فهو بالتأكيد شخص مُصلّي.
تابع الأب الأقدس مسلِّطًا الضوء على أهميّة صلاة الحاكم لأن الصلاة هي من أجل خير الشعب الذي أوكِل إليه. وتحدّث في هذا السياق عن لقائه مع حاكم كان يمضي ساعتين يوميًّا بصمت أمام الله بالرغم من مشاغله الكثيرة، وبالتالي ينبغي على الحاكم أن يطلب من الله نعمة أن يحكم بشكل صالح على مثال سليمان الملك الذي لم يطلب من الله ذهبًا ولا أموالاً وإنما الحكمة ليحكم بعدل. على الحكام أن يطلبوا من الرب هذه الحكمة. من المهمّ جدًّا أن يصلّي الحكام ويطلبوا من الرب ألا ينسيّهم أبدًا أنّهم أيضًا مرؤوسين من الله ومن الشعب وأن قوّتهم تكمن هنا في الله والشعب ولا في مجموعاتهم الصغيرة الخاصة.
أضاف البابا فرنسيس يقول في القراءة الأولى يوصي بولس طيموتاوس قائلاً: “أَيُّها الحَبيب، أَسأَلُ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ أَن يُقامَ الدُّعاءُ وَالصَّلاةُ وَالابتِهالُ وَالحَمدُ مِن أَجلِ جَميعِ النّاس، وَمِن أَجلِ المُلوكِ وَسائِرِ ذَوي السُّلطَة، لِنَحيا حَياةً سالِمَةً مُطمَئِنَّةً بِكُلِّ تَقوى وَكَرامَة”. ولكن عندما يقوم أحد الحكام بشيء لا يعجبنا يتمّ انتقاده أو مدحه بحسب من انتخبه أو من لم ينتخبه، ولكن هذا ليس بالتصرّف الصحيح إذ لا يمكننا أن نترك حكامنا وحدهم بل ينبغي علينا أن نرافقهم بالصلاة. على المسيحيين أن يصلّوا من أجل حكامهم. قد يقول لي أحدكم: “ولكن يا أبتي كيف يمكنني أن أصلي من أجله وهو يقوم بأمور سيئة؟” إنّه يحتاج للصلاة أكثر وبالتالي صلِّ من أجله وقدّم الإماتات على نيّته. ما أجمل ما يطلبه منا القديس بولس: أن نصلّي من أجل الملوك وذوي السلطة لكي ِنَحيا حَياةً سالِمَةً مُطمَئِنَّةً. لأنّه عندما يكون الحاكم حرًّا ويمكنه أن يحكم بسلام يستفيد الشعب بأسره من هذا الأمر.
وختم الأب الأقدس عظته بالقول أسألكم أن يأخذ اليوم كلّ فرد منكم خمس دقائق لا أكثر، إن كان حاكمًا ليسأل نفسه: “هل أرفع الصلاة إلى الذي منحني السلطة من خلال الشعب؟” وإن لم يكن حاكمًا: “هل أصلّي من أجل الحكام؟ ليس فقط من أجل الذين يعجبونني وإنما من أجل الذين لا يعجبونني لأنّهم بحاجة للصلاة أكثر من الآخرين. وإن وجدتم أنكم لم تصلّوا من أجل الحكام اعترفوا بهذا الأمر في سرِّ الإعتراف، لأننا عندما لا نرفع الصلاة من أجل الحكام نحن نرتكب خطيئة.
إذاعة الفاتيكان
الوسوم :البابا فرنسيس: على المسيحيين أن يصلّوا من أجل حكامهم