مَثل السامري الصالح والتجدد بفعل المحبة، كان هذا محور كلمة البابا فرنسيس خلال كلمته في مركز بيت السامري الصالح في ختام زيارته الرسولية إلى باناما.
زار قداسة البابا فرنسيس، اليوم الأخير في زيارته الرسولية إلى باناما لمناسبة اليوم العالمي للشباب، مركز مؤسسة “Casa Hogar del Buen Samaritano Juan Diaz”، بيت السامري الصالح خوان دياس التي تقدِّم الخدمات للشباب حاملي فيروس فقدان المناعة المكتسب. وبدأ الأب الأقدس وقبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي كلمته موجها الشكر إلى مدير المركز على كلمة الترحيب به، وأكد قداسته أنه أراد هذا اللقاء مع شباب المركز ومراكز أخرى واصفا اللقاء بفرصة لتجديد الرجاء. أشار البابا بعد ذلك إلى قراءته شهادة أحد شبان المركز وتأثره بهذه الشهادة والتي تحدث فيها الشاب عن ميلاد جديد له في هذا المكان، وقال قداسته إن هذا المركز والمراكز الأخرى تشكل علامة للحياة الجديدة التي يريد الله أن يهبنا إياها. وتابع أن من يولد مجددا في هذا المكان ليس فقط المستفيدين من الخدمات التي يقدمها المركز، بل هنا تولد الكنيسة ويولد الإيمان ويتجددان باستمرار بالمحبة. وأضاف أننا نولد مجددا حين يهبنا الروح القدس الأعين لنرى الآخرين، وكما قال مدير المركز، لا كمجرد جيران بل كقريبين.
وتابع البابا فرنسيس مذكرا بما يحدِّثنا عنه الإنجيل حين سُئل يسوع “ومن قريبي؟”، وواصل قداسته أن يسوع لم يجب باستخدام نظريات أو بحديث جميل ومنمق، بل مستخدما مَثل السامري الصالح والذي هو مَثل محدد للحياة الفعلية التي يعرفها الجميع في هذا المركز جيدا ويعيشونها. القريب هو في المقام الأول شخص، وجه نلقاه على الطريق يحركنا ويؤثر فينا، يحركنا بعيدا عن نماذجنا وأولوياتنا، ونتأثر بشكل عميق بحياة هذا الشخص كي نوفر له مكانا ومساحة في مسيرتنا. هكذا فهم السامري الصالح القريب حين رأى رجلا تُرك على جانب الطريق بين حي وميت، لا فقط من ِقبل اللصوص، بل وأيضا من قِبل لا مبالاة كاهن ولاوي، وقال البابا فرنسيس إن اللامبالاة أيضا تجرح وتقتل. السامري الصالح في المقابل، واصل البابا متحدثا إلى الحضور، يؤكد لنا ومثل مراكزكم كافة أن القريب هو في المقام الأول شخص له وجه محدد، حقيقي، ليس شيئا نتجاوزه ونتجاهله في أي وضع كان، وجه يكشف عن إنسانيتنا المتألمة والمتجاهَلة في أحيان كثيرة. وتابع قداسته متحدثا عن وجه يزعج بشكل رائع حياتنا لأنه يذكِّرنا ويضعنا على درب ما هو هام بالفعل، ويحررنا من جعل اتِّباعنا الرب سطحيا.
وواصل قداسة البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي مؤكدا أن الوجود في هذا المكان يعني لمس الوجه الصامت والأمومي للكنيسة القادرة على تأسيس بيت وتشكيل جماعة، وقال قداسته إن وجه الكنيسة هذا غالبا ما لا يُرى ولا يُنتبه إليه لكنه علامة محبة الله الملموسة وحنانه، علامة حية للبشرى السارة، بشرى القيامة التي تعمل اليوم في حياتنا.
ثم توقف البابا فرنسيس، وانطلاقا من اسم مراكز المؤسسة “بيت السامري الصالح”، عند فعل تأسيس بيت، فقال إن تأسيس بيت يعني تأسيس عائلة وتعلُّم أن نشعر بالاتحاد مع الآخرين ما يجعلنا نشعر بالحياة أكثر إنسانية. تأسيس عائلة، واصل البابا فرنسيس، يعني السماح للنبوءة بأن تتخذ جسدا، ويجعل ساعاتنا وأيامنا أقل لامبالاة وعدم ضيافة، يعني تشكيل روابط على أساس أفعال بسيطة يومية يمكن لنا جميعا القيام بها. إلا أن البيت يتطلب تعاون الجميع، ولا يمكن لأحد أن يكون غير مبالٍ أو غريبا حيث كل واحد هو حجر ضروري لبناء البيت، ولهذا علينا أن نطلب من الرب نعمة تعلُّم الصبر والمغفرة وأن نبدأ مجددا كل يوم. وأضاف البابا أن هكذا يمكن أن تتحقق أعجوبة اختبار الميلاد مجددا.
ثم ختم البابا فرنسيس حديثه في مؤسسة Casa Hogar del Buen Samaritano Juan Diaz”، بيت السامري الصالح خوان دياس، قبل ظهر الأحد 27 كانون الثاني يناير آخر أيام زيارته الرسولية إلى باناما لمناسبة اليوم العالمي للشباب، شاكرا الجميع، مراكز المؤسسة ومتطوعيها والمستفيدين من خدماتها، على ما يقدمون من مثَل للسخاء، وكل مَن يجعلون محبة الله تصبح أكثر فأكثر ملموسة بتثبيت النظر في عينَي مَن هو حولنا لنرى فيه القريب. ثم أوكل قداسته الجميع إلى العذراء مريم أمنا طالبا منها أن تعلِّمنا الانتباه لنكتشف كل يوم مَن هو القريب، وأن تشجعنا على أن نتوجه للقائه مقدمين إليه البيت والعناق حيث يمكنه أن يجد حماية ومحبة أخوة. ودعا الجميع إلى أن يوكلوا إلى العذراء كل مخاوفهم وتطلعاتهم وآلامهم كي تأتي إلينا وتساعدنا، كالسامري الصالح، بأمومتها وحنانها وابتسامتها كأم.
هذا وعقب تلاوة صلاة التبشير الملائكي أراد البابا فرنسيس التذكير بأن اليوم هو اليوم الدولي لإحياء ذكرى المحرقة، وشدد قداسته على ضرورة الاحتفاظ بذكرى الماضي والتعلم من صفحات التاريخ السوداء كي لا تتكرر الأخطاء ذاتها أبدا. أكد البابا فرنسيس من جهة أخرى ضرورة مواصلة العمل من أجل العدالة وتنمية الوفاق ودعم الدمج، وذلك كي نكون أدوات سلام وبناة عالم أفضل.
ثم أعرب قداسة البابا عن الأسف إزاء المأساة التي ضربت مدينة برومادينيو البرازيلية حيث فقد الحياة عدد كبير من الأشخاص جراء انهيار سد. وطلب قداسته رحمة الله للضحايا جميعا كما أكد صلاته من أجل شفاء المصابين، معربا عن قربه الروحي من عائلاتهم ومن سكان ولاية ميناس جيرايس البرازيلية جميعا.
توقف البابا فرنسيس بعد ذلك للحديث عن الوضع في فنزويلا وأكد تفكيره خلال زيارته الرسولية إلى باناما في شعب فنزويلا وقربه من هذا الشعب. وتحدث قداسته عن تضرعه إلى الله من أجل التوصل إلى حل عادل وسلمي لتجاوز الأزمة مع احترام حقوق الإنسان والتطلع فقط إلى الخير العام لسكان البلاد جميعا. ودعا البابا الحضور إلى الصلاة طالبين شفاعة العذراء سيدة كوروموتو شفيعة فنزويلا.
هذا وإلى المسيح والعذراء أوكل البابا فرنسيس أيضا ضحايا الاعتداء الإرهابي الذي وقع اليوم على كاتدرائية جولو في الفلبين خلال الاحتفال الإفخارستي، وأعرب قداسته عن إدانته لعمل العنف هذا الذي يؤلم الجماعة المسيحية مجددا. كما ويرفع البابا صلاته من أجل الضحايا والجرحى وأيضا كي يجعل الرب أمير السلام قلوب المعتدين ترتد، ويهب سكان هذه المنطقة تعايشا هادئا.
ثم ختم البابا فرنسيس كلمته عقب صلاة التبشير الملائكي مذكرا بأسماء ضحايا الهجوم الإرهابي على مدرسة الشرطة في كولومبيا.
اذاعة الفاتيكان