تلا قداسة البابا فرنسيس صلاة “افرحي يا ملكة السماء” مع وفود الحجاج والمؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان، وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة استهلها بالقول يُحتفل اليوم في إيطاليا وفي بلدان أُخرى بعيد صعود يسوع إلى السماء الذي تمّ بعد أربعين يوم من الفصح. نتأمّل سرّ يسوع الذي يخرج من إطارنا الأرضي ليدخل في ملء مجد الله حاملاً معه بشريّتنا. يُظهر لنا إنجيل القديس لوقا ردّة فعل التلاميذ أمام الرب الذي “اِنفَصَلَ عَنهم ورُفِعَ إِلى السَّماءِ”. لم يشعروا بألم أو بضياع وإنما “سَجَدوا له، ثُمَّ رَجَعوا إِلى أُورَشَليم وهُم في فَرَحٍ عَظيم”. إنها عودة مَن لا يخاف بعد الآن مِن المدينة التي رفضت المعلّم، وشهِدت على خيانة يهوذا وإنكار بطرس وتشتّت التلاميذ وعنف سلطة كانت تشعر بأنها مهدَّدة.
تابع الأب الأقدس يقول منذ ذلك اليوم، أصبح بإمكان الرسل وكل تلاميذ المسيح أن يقيموا في أورشليم وجميع مدن العالم، حتى في تلك التي تتعرّض للظلم والعنف، لأن السماء عينها هي فوق كل مدينة ويمكن لكل من السكان أن يرفع نظره برجاء. في هذه السماء يقيم ذاك الإله الذي ظهر قريبًا لدرجة أنّه أخذ وجه إنسان، يسوع الناصري. هو يبقى على الدوام الله-معنا ولا يتركنا وحدنا! يمكننا أن ننظر إلى العلى لنرى مستقبلنا أمامنا. ففي صعود يسوع، المصلوب والقائم من الموت، هناك الوعد بمشاركتنا في ملء الحياة في لدن الله.
أضاف الحبر الأعظم يقول قبل أن ينفصل عن أصدقائه، وبالحديث عن حدث موته وقيامته، قال لهم: “أَنتُم شُهودٌ على ذَلِكَ”. في الواقع، وبعد أن رأوا ربّهم يصعد إلى السماء عاد التلاميذ إلى المدينة يعلنون بفرح للجميع الحياة الجديدة التي تأتي من المصلوب القائم من الموت والذي “تُعلَنُ بِاسمِه التَّوبَةُ وغُفرانُ الخَطايا في جَميعِ الأُمَم”. هذه هي الشهادة التي لا تقدّم فقط بالكلام وإنما أيضًا بواسطة الحياة اليوميّة؛ الشهادة التي ينبغي عليها أن تخرج كل أحدٍ من كنائسنا لتدخل خلال الأسبوع إلى البيوت والمكاتب والمدرسة وأماكن اللقاء والتسلية والمستشفيات والسجون وبيوت الراحة والأماكن المكتظّة بالمهاجرين وضواحي المدينة…
تابع البابا فرنسيس يقول لقد أكّد لنا يسوع أننا في هذا الإعلان وفي هذه الشهادة سنُلبَس قوّة من العلى، أي قوّة الروح القدس. هنا يكمُن سرّ هذه الرسالة: حضور الرب القائم من الموت بيننا والذي من خلال عطيّة الروح القدس لا يزال يفتح أذهاننا وقلوبنا لنحمل بشرى محبّته ورحمته حتى إلى الأماكن الأكثر تمرُّدًا في مدننا. إن الروح القدس هو الذي يصنع هذه الشهادة المتعددة الأشكال التي تقدّمها الكنيسة وكل معمّد في العالم. بالتالي لا يمكننا أن نهمل اللقاء في الصلاة لنمجّد الله ونطلب عطيّة الروح القدس. في هذا الأسبوع الذي يحملنا إلى عيد العنصرة لنقيم في العليّة بشكل روحي مع العذراء مريم لنقبل الروح القدس.
وبعد الصلاة حيا الأب الأقدس المؤمنين وقال أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، تصادف اليوم الذكرى الخمسون لليوم العالمي لوسائل الاتصال الاجتماعيّة والذي أراده المجمع الفاتيكاني الثاني. في الواقع، إن آباء المجمع وخلال تأمُّلهم حول الكنيسة في العالم المعاصر فهموا أهميّة وسائل الاتصال التي باستطاعتها “أن تمدّ جسورًا بين الأشخاص، والعائلات، والمجموعات الاجتماعية والشعوب، وذلك سواء في البيئة المادية أو الرقمية”. وبالتالي أوجّه تحيّة من القلب إلى جميع العاملين في إطار التواصل وأتمنى أن يتحلّى أسلوبنا في التواصل في الكنيسة بطابع إنجيليّ واضح يجمع بين الحقيقة والرحمة.
إذاعة الفاتيكان
الوسوم :البابا فرنسيس: في صعود يسوع نجد وعد مشاركتنا في حياة الله