ترأس قداسة البابا فرنسيس القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان عن راحة نفس الأب جاك هاميل بحضور وفد من أبرشية روين يرأسه أسقف الأبرشية المطران دومينيك لوبرون، وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة قال فيها في صليب يسوع المسيح – واليوم تحتفل الكنيسة بعيد صليب يسوع المسيح – نفهم سرّ المسيح بالكامل. سرّ إخلاء الذات هذا والقرب منا، هو الذي “في صورةِ الله – يكتب القديس بولس – لم يَعُدَّ مُساواتَه للهِ غَنيمَة بَل تَجَرَّدَ مِن ذاتِهِ مُتَّخِذًا صورَةَ العَبد، وَصارَ عَلى مِثالِ البَشَر، وَظَهَرَ بِمَظهَرِ الإِنسان. فَوَضَعَ نَفسَهُ، وَأَطاعَ حَتّى المَوت، مَوتِ الصَّليب”. هذا هو سرّ المسيح، سرٌّ يُصبح استشهادًا من أجل خلاص البشر. يسوع المسيح أول شهيد، أول شخص يبذل حياته في سبيلنا، ومن سرّ المسيح هذا يبدأ تاريخ الاستشهاد المسيحي بأسره منذ العصور الأولى حتى يومنا.
تابع الأب الأقدس يقول لقد اعترف المسيحيون الأولون بإيمانهم بيسوع المسيح باذلين حياتهم في سبيله؛ لقد كانوا يقترحون على المسيحيين الأولين أن يجحدوا بإيمانهم وعندما كانوا يرفضون كانوا يقتلونهم. هذه التاريخ يتكرر حتى يومنا هذا ونجد اليوم في الكنيسة شهداء أكثر من القرون الأولى؛ فاليوم يُقتل المسيحيون ويعذّبون ويسجنون وتُقطع رؤؤسهم لأنهم لا ينكرون يسوع المسيح. وفي هذا التاريخ نصل إلى الأب جاك الذي ينتمي إلى سلسلة الشهداء هذه. مسيحيو اليوم يتألمون لأنّهم لا ينكرون المسيح ويُظهرون وحشيّة هذا الاضطهاد. وهذه الوحشية التي تطلب الجحود بالإيمان هي شيطانيّة. كم يطيب لنا جميعًا أن تعلن جميع الديانات أن القتل باسم الله هو أمر شيطاني!
أضاف الحبر الأعظم يقول إن الأب جاك هاميل قد قتل فيما كان يحتفل بذبيحة صليب المسيح. لقد كان رجلاً صالحًا ومتواضعًا، رجل أخوّة يسعى على الدوام على إحلال السلام وقد قُتل كالمجرمين، هذا هو خط الاضطهاد الشيطاني. ولكن هناك أمر في هذا الرجل الذي قبل استشهاده مع استشهاد المسيح على المذبح، أمر يجعلني أفكّر كثيرًا: وسط الصعوبة التي عاشها وإذ كان يشعر بما ستؤول إليه هذه المأساة لم يفقد هذا الرجل الصالح والمتواضع وضوح الرؤية والمعرفة فأدان ولفظ اسم القاتل بوضوح قائلاً: “تباعد عنّي أيها الشيطان!” هو أيضًا قد بذل حياته من أجلنا، بذل حياته لكي لا يُنكر يسوع. أعطى حياته في تضحية يسوع على المذبح ومن هذا المذبح أدان مُضطَهِده قائلاً: “تباعد عنّي أيها الشيطان!”
وختم البابا فرنسيس عظته بالقول إنه مثال للشجاعة وإنما أيضًا لبذل الذات وإخلائها لمساعدة الآخرين وبناء الأخوة بين البشر! فليساعدنا مثاله جميعًا لكي نسير قدمًا بلا خوف. كما وعلينا أن نصلّي من أجله ونطلب منه – هو الذي يقيم الآن في السماء لأنه شهيد والشهداء هم طوباويون – أن يعطينا التواضع والأخوة والسلام ولاسيما الشجاعة لنقول الحقيقة بأن القتل باسم الله هو أمر شيطاني!
إذاعة الفاتيكان