استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الخميس في قاعة بولس السادس بالفاتيكان أعضاء جمعية الأب كارلو نيوكي وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه مشيرًا إلى واقع الجمعية التي ولدت من قلب هذا الكاهن المميّز وقال في عظة التطويب الذي تمَّ في ميلانو لعشرة سنوات خلت أشار الكاردينال تيتامانزي إلى الأب نيوكي في الكنيسة “كباحث قلق عن الله وباحث شجاع عن الإنسان، بذل حياته في البحث عن وجه المسيح المطبوع في وجه كلِّ إنسان”.
في الواقع، تابع الأب الأقدس يقول، إن الطوباوي الأب كارلو نيوكي، رسول المحبة، قد خدم المسيح بشكل بطولي في الأطفال والشباب والفقراء والمتألّمين منذ بداية خدمته الكهنوتية كمربٍ شغوف. ومن ثمّ كمرشد عسكري عرف قساوة الحرب العالمية الثانية أولاً على الجبهة اليونانية-الألبانية ومن ثمَّ مع وحدات “جبال الألب” في الحملة الروسيّة. وخلال الانسحاب من تلك الجبهة اعتنى بمحبة لا تكلّ بالجرحى والمشرفين على الموت، ونضج فيه مشروع مركز لصالح الأيتام والصغار الذين تضرّروا بسبب الحرب. ولدى عودته إلى إيطاليا قام بتحقيق هذا المشروع الرائع الذي لم يكن مجرّد مشروع اجتماعي ولكنّه كان مدفوع بمحبة المسيح.
وبعد سنوات طويلة، أضاف الحبر الأعظم يقول، أنتم تسيرون قدمًا بهذا الإرث، وكموهبة ثمينة أنتم تنمّونه بحماس الأب نيوكي الرسولي وأمانته للإنجيل. ولذلك أنا ممتنٌّ لكل فرد منكم: مدراء ومسؤولو المراكز، أطباء وعاملون، متطوّعون وأصدقاء. وأنتم اليوم هنا مع المرضى والضيوف وعائلاتهم لكي تؤكّدوا التزامكم بالقرب من آلام الأشخاص الأشد هشاشة بأسلوب السامري الصالح وعلى مثال مؤسسكم الطوباوي. لا تتعبوا أبدًا من خدمة الأخيرين على الجبهة الصعبة للمرض والإعاقة، وبالإضافة إلى العلاجات والتقنيات المتقدّمة للجسد قدّموا للذين يتوجّهون بثقة إلى مؤسساتكم طبَّ النفس أي تعزية الله وحنانه.
تابع البابا فرنسيس يقول وإذ تستلهمون من عناية ولطافة الطوباوي كارلو نيوكي ودرايته الكهنوتية أنتم مدعوون لكي تقرنوا في واقعية الحياة اليومية الخدمة الاجتماعية والصحية بعمل البشارة. وهذا يعني بالنسبة لكم أن تحاربوا بشجاعة أسباب الألم وتعالجوا بمحبة مشقّة الأشخاص المتألمين أو الذين يعيشون في صعوبة. إن الأيام قد تغيّرت نسبة للبدايات، ولكن من الضروري أن نمضي قدمًا بالروح عينه والموقف والأسلوب الذي كان الأب نيوكي يصفه بهذا الشكل: “مسيحيون نشيطون، متفائلون وهادئون واقعيون وإنسانيون، ينظرون إلى العالم لا كعدوٍّ ينبغي القضاء عليه أو الهرب منه وإنما كابنٍ ضال علينا استعادته وافتداءه بالحب”.
أضاف الأب الأقدس يقول إن معنى وقيمة المهنة الصحية وكل خدمة تقدّم للأخ المريض يظهران بشكل كامل في القدرة على أن تقرنوا الكفاءة بالشفقة. فالكفاءة هي ثمرة الاستعداد والخبرة، وهذا كلّه يعضده الدافع القوي لخدمة القريب المتألّم، دافع تحرّكه في المسيحي محبة المسيح. الكفاءة هي ميزة تجعل شهادة المؤمنين صادقة في مختلف مجالات المجتمع، والكفاءة تضمن لك أيضًا عندما تسير بعكس التيار احترام الثقافة المسيطرة: وفي حالتكم عندما تكرّسون الوقت والموارد لحياة هشّة وضعيفة حتى وإن كانت هذه الحياة قد تبدو للبعض بلا فائدة ولا تستحق أن تُعاش.
تابع الحبر الأعظم يقول الكفاءة والشفقة. إن معاناة الإخوة تطلب بأن تكون متقاسمة، وتطلب تصرفات ومبادرات شفقة، لأن الأمر يتعلّق بـ “التألّم مع” على مثال يسوع الذي محبّة بالإنسان تجسد ليتمكن من أن يشارك حتى النهاية، وبشكل واقعي جدًّا، في الجسد والدم كما تُظهر لنا آلامه. إنَّ المجتمع الغير قادر على استقبال وحماية المتألمين ومنحهم الرجاء، هو مجتمع الذي قد فقد الشفقة ومعنى الإنسانية. إن الشبكة الواسعة لمراكز والخدمات التي قد انشأتموها في إيطاليا وبلدان أخرى تشكّل نموذجًا جيدًا لأنها تحاول أن تجمع المساعدة والاستقبال والمحبة الإنجيليّة. وفي إطار اجتماعي يعزز الفعالية إزاء التضامن، تشكّل مراكزكم بيوت رجاء هدفها حماية وتقييم الخير الحقيقي للمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين.
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول أيها الأصدقاء الأعزاء، أجدد تقديري للخدمة التي تقومون بها للذين يعيشون في ظروف صعبة. أشجعكم على متابعة مسيرتكم في الالتزام في تعزيز بشري يشكل أيضًا مساهمة حقيقة وفعالة لرسالة الكنيسة التبشيرية. إنَّ اعلان الانجيل في الواقع يكون أكثر مصداقية بفضل المحبة الملموسة التي من خلالها يشهد رسل المسيح لإيمانهم به. لتقد خياراتكم ونشاطاتكم على الدوام الشهادة الإنسانية والمسيحية للطوباوي كارلو نيوكي والتي تميّزت بالمحبة تجاه الأشخاص الأكثر ضعفاً. وليعطيكم الرب أن تكونوا في كلِّ مكان رسلاً لرحمته وعزائه. سأرافقكم بصلاتي وأمنحكم من كل قلبي البركة الرسولية التي أمنحها أيضًا للذين تستضيفونهم في مراكزكم؛ ومن فضلكم لا تنسوا أن تصلوا من أجلي.
أخبار الفاتيكان