“نحن بحاجة لأن ننطلق دائمًا ومجدّدًا من الروح القدس، الذاكرة والمرشد الذي يفتح دروب جديدة وغير متوقعة ” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته إلى أعضاء اللجنة الدولية للحوار بين الكنيسة الكاثوليكية وكنيسة “Disciples of Christ”
استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء أعضاء اللجنة الدولية للحوار بين الكنيسة الكاثوليكية وكنيسة “Disciples of Christ” وللمناسبة وجّه الاب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال “عليكم أوفر النعمة والسلام”! أرحب بكم بالكلمات التي وجهها الرسول بطرس، في الأوقات الصعبة للإنجيل، إلى المؤمنين المنتشرين في جميع أنحاء العالم. نحن أيضًا، في هذه الأوقات الصعبة للإيمان، نتّحد في الثقة عينها التي أراد الرسول أن ينقلها: ثقة أن نضع رجاءنا في إله التعزية، بقدر ما تمَّ اختيارنا – كما كتب – بسابق علم الله الآب وتقديس الروح، لكي نطيع يسوع المسيح. في إيمان الثالوث الأقدس، الذي يحثنا على الشركة، أحييكم أخويًّا، ممتنًا للكلمات التي وجهها إليّ القس بول تشيه باسم اللجنة بأكملها. يسعدني أن أعرف أنه، مع إعادة التأكيد على هدف الوحدة المرئية الكاملة التي ميزتكم منذ عام ١٩٧٧، أنتم تكرسون أنفسكم في هذه المرحلة السادسة من عملكم لاستكشاف “خدمة الروح القدس”.
تابع البابا فرنسيس يقول كما تؤكِّدون في وثيقة سابقة لكم، “إنَّ الروح القدس لا يعطي الكنيسة فقط تلك الذاكرة التي تسمح لها بالبقاء في التقليد الرسولي، ولكنّه حاضر أيضًا في الكنيسة، ويرشد المسيحيين وجماعة المعمدين بأسرها لكي يُعمِّقوا سر المسيح”. لذلك فإن الروح هو ذاكرة ومرشد. ذاكرة. قال لنا يسوع إن الروح القدس “سيعلمكم جميع الأشياء ويذكركم جميع ما قلته لكم”. عندما نقترب بالصلاة وبقلب مفتوح من الكتب التي ألهمها الروح القدس، نسمح له بأن يحدِّثنا ويعمل فينا. عندها تذكرنا ذاكرته النافعة بما يهم في الحياة وتذكرنا بأن “ما من شيء يعجز الله”؛ وأنه يدعونا كل يوم لكي نولد من علو، ويحثنا على محبّة الإخوة.
أضاف الأب الأقدس يقول لكن الروح القدس، بالإضافة لكونه ذاكرة حية، هو مرشد أيضًا. وكما يؤكد المجمع الفاتيكاني الثاني، “بقوة الإنجيل، هو يحفظ للكنيسة شبابها، ويجددها باستمرار ويقودها نحو الاتحاد الكامل مع عريسها؛ ويدفعها على التعاون لكي يتحقق مخطط الله في ملء الحق؛ ويوحدها في الشركة والخدمة، ويزودها ويوجهها بعطايا هرمية ومواهبيّة مختلفة، ويزينها بثماره”. باختصار، إنَّ الروح القدس يحافظ على شباب الجماعة المسيحية. وفيه، الذي هو الرائد الحقيقي للرسالة، نفرح بإعلان يسوع ربًا ومخلصًا، ونجد القوة لكي نسير قدمًا في مدح اسمه، وتمجيده وتعظيمه. وهكذا يحفظ الروح القدس أرواحنا من تجارب الحزن والمرجعية الذاتية. في الواقع، تُشفى روح العالم الخانقة التي تحيط بنا من خلال تذوق هواء الروح القدس النقي، الذي يحررنا من التمحور حول ذواتنا والاختباء في مظاهر دينية خارجية فارغة من الله.
تابع الحبر الأعظم يقول أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، إن نظرة الإيمان تعرف كيف تتنبّه، في الحياة والواقع، لحضور الروح القدس وبذاره، وهي تعرف كيف ترى عمله حتى خارج حدود جماعاتنا. إذا كنا مطيعين له، هو سيعرف كيف يخلق التناغم والانسجام حتى عندما قد يبدو لنا أنه من الصعب أن نوفِّق، لأنه هو في نفسه تناغم. لذلك نحن بحاجة لأن ننطلق دائمًا ومجدّدًا من الروح القدس، الذاكرة والمرشد الذي يفتح دروبًا جديدة وغير متوقعة. لذلك لا نخافنَّ من السير في دروب التناغم التي يشير إليها الروح القدس: لا دروب الدنيوية الروحية، التي تريد أن تكييفنا مع احتياجات ونزعات العصر، بل دروب الشركة والرسالة. ما أجمل أن نكون اليوم أيضًا، كما في أيام الرسل، ” أولئك الذين يؤيدهم الروح القدس المرسل من السماء” (١ بط ١، ١٢). وخلص البابا فرنسيس إلى القول أشكركم على الخطوات التي تقومون بها إلى الأمام، تحت إرشاد الروح القدس، وأتمنى لكم أن تواصلوا المسيرة بشجاعة.