“لا يجب أن نقترب من الشيطان ولا أن نتحاور معه: لقد دُحر ولكنّه خطير لأنّه يُغري، وككلب مسعور مقيّد، يعضّك إن حاولت أن تلاعبه” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا في الفاتيكان والتي تمحورت حول الشيطان الذي لم يمت ولكنّه “قد دين” كما نقرأ في الإنجيل الذي تقدّمه لنا الليتورجيّة اليوم من القديس يوحنا.
تابع الأب الأقدس يقول يمكننا أن نقول إنّه ينازع ولكنّه مغلوب، ولكن ليس من السهل أن نقتنع بهذا الأمر لأن الشيطان مغرِّر ويعرف أي كلمات يقول لنا ونحن أشخاص يحبّون الإغراء. هو يملك هذه القدرة على الإغراء. لذلك من الصعب جدًّا علينا أن نفهم بأنّه قد دُحر لأنّه يقدّم نفسه كصاحب سلطان عظيم ويعدك بأمور كثيرة ويحمل إليك الهدايا – هدايا جميلة ومغلّفة جيّدًا – ولكنّك لا تعرف ما في داخلها – قد تفّكر في داخلك أن الورق الخارجي جميل – لكنّه يُغرينا بالعلبة بدون أن يجعلنا نرى ما في داخلها. يعرف كيف يقدّم اقتراحاته لغرورنا وفضولنا.
أضاف الحبر الأعظم يقول في الواقع ينصح الصيادون بعدم الاقتراب من التمساح الذي ينازع لأنّه مازال بإمكانه أن يقتل بضربة ذيل. هكذا الشيطان أيضًا، هو خطير جدًّا ويقدّم نفسه بكامل سلطته، باقتراحاته التي ليست إلا أكاذيب ونحن نصدِّقها كالأغبياء. في الواقع إنَّ الشيطان هو الكاذب الكبير وأبو الكذب. يعرف كيف يتكلّم وهو قادر حتى على الغناء ليخدع، هو مغلوب ولكنّه يتحرّك كمنتصر. نوره مذهل ولكنه كنار الألعاب الناريّة لا يدوم ويختفي أما نور الرب فهو متواضع ويدوم للأبد.
تابع البابا فرنسيس يقول إن الشيطان يغرينا، يعرف كيف يلامس غرورنا وفضولنا ونحن نصدّقه أي نقع في التجربة. وبالتالي هو خاسر خطير وعلينا أن نتنبّه منه. وفي هذا السياق دعا البابا، كما يقول لنا يسوع، للسهر والصلاة والصوم لأننا هكذا نتغلّب على التجربة. من ثمَّ من الجوهري عدم الاقتراب منه كما يقول أحد آباء الكنيسة لأنّه ككلب مسعور مقيّد، يعضّك إن حاولت أن تلاعبه. إن كنت تعرف على الصعيد الروحي أن الاقتراب من تلك الفكرة أو تلك الرغبة أو أن الذهاب إلى تلك الناحية هو اقتراب من الكلب المسعور والمقيّد، فمن فضلك لا تقترب. فإن قال لي أحدكم: “لقد تعرّضتُ لجرح كبير”، – “ومن جرحك؟” – “الكلب” – “ولكنّه مقيّد!” – “نعم ولكنني قد ذهبت لألاعبه” – “فإذًا لقد سببت هذا الجرح لنفسك”. هكذا هو الأمر لا يجب أن تقترب منه أبدًا وبما أنّه مُقيَّد، لنتركه في قيوده.
في النهاية، أضاف الحبر الأعظم يقول علينا أن نتنبّه لكي لا نتحاور مع الشيطان كما فعلت حواء التي اعتقدت بأنها لاهوتيّة كبيرة ولكنّها سقطت. أما يسوع فلم يقم بذلك، وفي البريّة عندما جرّبه الشيطان أجاب بواسطة كلمة الله. لقد طرد الشياطين، وأحيانًا كان يسألهم عن أسمائهم ولكنّه لم يحاورهم. وبالتالي حثّ البابا فرنسيس المؤمنين قائلاً: لا يجب أن نتحاور مع الشيطان لأنّه يغلبنا، إنّه أكثر ذكاء منا. يأتي بمظهر ملاك نور ولكنّه ملاك ظلٍّ وموت. إنه محكوم عليه ومدحور، إنّه مقيَّد ينازع ولكنه لا زال قادرًا على ارتكاب مجازر. ولذلك علينا أن نصلّي وأن نقوم بأعمال توبة؛ كما يجب ألا نقترب منه وألا نحاوره. وفي النهاية علينا ان نذهب إلى أمنا على مثال الأطفال. عندما يخاف الأطفال يهرعون إلى أمهاتهم قائلين: “أمّي أمي… أنا خائف!” أو عندما يحلمون أحلامًا مزعجة يذهبون إلى أمهاتهم أيضًا.
وختم البابا فرنسيس عظته بالقول نحن أيضًا علينا أن نذهب إلى العذراء وهي ستحرسنا. يقول آباء الكنيسة ولاسيما المتصوّفون الروسيّون: “في أوقات الشدّة الروحيّة، علينا أن نلتجأ تحت حماية أم الله العظيمة. علينا أن نذهب إلى أمنا التي تساعدنا في هذا الجهاد ضدّ المدحور وضدّ الكلب المقيَّد لكي نتغلّب عليه”.
إذاعة الفاتيكان