“إنَّ الذي يتبع المسيح، يذهب حيث يذهب، على الطريق عينه، في الاتجاه عينه. يذهب بحثًا عن الضالين، ويهتم بالبعيدين، يأخذ على محمل الجد حالة الذين يتألَّمون، يعرف كيف يبكي مع الباكين، ويمد يده للقريب ويحمله على كتفيه” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته قبل تلاوة صلاة إفرحي يا ملكة السماء
تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر الأحد صلاة إفرحي يا ملكة السماء مع المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها يحدِّثنا الإنجيل الذي تقدّمه الليتورجيا اليوم عن العلاقة الموجودة بين الرب وبين كل فرد منا. ولكي يقوم بذلك، يستخدم يسوع صورة لطيفة وجميلة، صورة الراعي الذي يقيم مع الخراف. ويشرحها بثلاثة أفعال ويقول: “إِنَّ خِرافي تُصْغي إِلى صَوتي وأَنا أَعرِفُها وهي تَتبَعُني”. الإصغاء والمعرفة والاتِّباع لنرى هذه الأفعال الثلاثة.
تابع البابا فرنسيس يقول أولاً تُصغي الخراف إلى صوت الراعي. تأتي المبادرة دائمًا من الرب؛ كل شيء يبدأ من نعمته: فهو الذي يدعونا إلى الشركة معه، لكن هذه الشركة تولد إذا انفتحنا على الإصغاء. إن الإصغاء يعني الجهوزيّة، والطاعة، وزمن مخصص للحوار. واليوم تستحوذ علينا الكلمات والسرعة في الاضطرار دائمًا إلى قول شيء ما أو فعل شيء ما. ما أصعب أن نصغي إلى أنفسنا! في العائلة، في المدرسة، في العمل، حتى في الكنيسة! لكن بالنسبة للرب، من الضروري أولاً أن نُصغي. إنه كلمة الآب والمسيحي هو ابن الإصغاء المدعو لكي يعيش مع كلمة الله في متناول يده. لنسأل أنفسنا إذًا إذا كنا أبناء الإصغاء، إذا كنا نجد الوقت لكلمة الله، إذا كنا نُعطي فُسحة واهتمامًا لإخوتنا وأخواتنا. إن الذي يُصغي إلى الآخرين يصغي أيضًا إلى الرب، والعكس صحيح. ويختبر شيئًا جميلًا جدًا، وهو أن الرب نفسه يصغي إليه: فهو يُصغي إلينا عندما نرفع الصلاة إليه، وعندما نثق به وعندما ندعوه.
أضاف الأب الأقدس يقول وهكذا يصبح الاصغاء إلى يسوع هو السبيل لكي نكتشف أنه يعرفنا. هذا هو الفعل الثاني الذي يميّز الراعي الصالح: هو يعرف خرافه. لكن هذا لا يعني فقط أنه يعرف الكثير عنا: لا وإنما هو يعرفنا بالمعنى البيبلي أي يحبُّنا. أي أن الرب فيما “يسبرنا من الداخل” هو يحبنا. وإذا أصغينا إليه سنكتشف أن الرب يحبنا. وعندها لن تكون العلاقة معه غير شخصية أو باردة أو مجرّد واجهة. لأنَّ يسوع يبحث عن صداقة دافئة، وثقة، وعن علاقة حميمة. هو يريد أن يعطينا معرفة جديدة ورائعة: معرفة أنّه يحبّنا على الدوام، وبالتالي أننا لا نُترك وحدنا أبدًا. وبكوننا مع الراعي الصالح، نحن نعيش الخبرة التي يتحدث عنها المزمور: “إني ولو سرت في وادي الظلمات لا أخاف سوءًا لأنك معي”. لا سيما في الآلام والتعب والأزمات، هو يعضدنا إذ يعبرها معنا، وهكذا، في المواقف الصعبة تحديدًا، يمكننا أن نكتشف أنَّ الرب يعرفنا ويُحبُّنا. لنسأل أنفسنا إذًا: هل أسمح للرب أن يعرفني؟ هل أفسح له مكانًا في حياتي، هل أحمل له ما أعيشه؟ وبعد العديد من المرات التي اختبرتُ فيها قربه وشفقته وحنانه، ما هي الفكرة التي أحملها عنه؟
ختامًا، خلص البابا فرنسيس إلى القول الفعل الثالث: الخراف التي تصغي وتكتشف أنَّ راعيها يعرفها تتبعه. وماذا يفعل من يتبع المسيح؟ يذهب حيث يذهب، على الطريق عينه، في الاتجاه عينه. يذهب بحثًا عن الضالين، ويهتم بالبعيدين، يأخذ على محمل الجد حالة الذين يتألَّمون، يعرف كيف يبكي مع الباكين، ويمد يده للقريب ويحمله على كتفيه. وأنا؟ هل أسمح ليسوع أن يحبّني وأنتقل من هذه المحبّة لكي أحبّه وأقتدي به؟ لتساعدنا العذراء القديسة لكي نصغي إلى المسيح، ونعرفه أكثر فأكثر ونتبعه على درب الخدمة.