“إن بذرة السلام تطلب منا أن ننزع سلاح القلب. كيف؟ من خلال الانفتاح على يسوع الذي هو سلامنا؛ والمثول أمام صليبه الذي هو منبر السلام، وبنوالنا منه في الاعتراف المغفرة والسلام” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بمناسبة الاحتفال بعيد جميع القديسين
لمناسبة الاحتفال بعيد جميع القديسين تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الثلاثاء صلاة التبشير الملائكي مع وفود الحجاج والمؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان، وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها اليوم، بالاحتفال بجميع القديسين، قد يكون لدينا انطباعًا مضلِّلًا: قد نفكر في الاحتفال بتلك الأخوات وأولئك الإخوة الذين كانوا في حياتهم كاملين ودقيقين، لكن إنجيل اليوم يدحض هذه الرؤية النمطية. إنّ تطويبات يسوع في الواقع، والتي هي بطاقة هوية القديسين، تظهر العكس تمامًا: هي تتحدث عن حياة تسير بعكس التيار وثورية!
تابع البابا فرنسيس يقول لنأخذ على سبيل المثال إحدى التطويبات الآنية: “طوبى لصانعي السلام”، ونرى كيف يختلف سلام يسوع تمامًا عن السلام الذي نتخيله. نحن جميعًا نريد السلام، ولكن غالبًا ما نريده هو أن نكون في سلام، وأن نُترَك وشأننا، وألا نواجه المشاكل. لكن يسوع يسوع لا يمنح الطوبى للذين هم في سلام، وإنما للذين يصنعون السلام، بناة السلام وصانعو السلام. في الواقع، يجب بناء السلام، ومثل أي بناء، هو يتطلب الالتزام والتعاون والصبر. نحن نريد أن يمطر السلام من فوق، لكنّ الكتاب المقدس يتحدّث عن “بذرة السلام”، لأنها تنبت من تراب الحياة، من بذرة قلوبنا. وتنمو في الصمت، يومًا بعد يوم ، من خلال أعمال العدل والرحمة، كما يُظهر لنا الشهود المنيرين الذين نحتفل بهم اليوم. مرة أخرى، نحن نؤمن أن السلام يأتي بالقوة والجبروت، أما بالنسبة ليسوع فالعكس صحيح. تخبرنا حياته وحياة القديسين أن بذرة السلام، لكي تنمو وتثمر، يجب أن تموت أولاً. إنّ السلام لا يتحقق بغزو أو هزيمة شخص ما، كما أنه لا يكون عنيفًا ولا مسلحًا أبدًا.
أضاف الأب الأقدس متسائلاً فكيف نصبح صانعي سلام إذن؟ أولاً ، من الضروري أن ننزع سلاح القلب. نعم ، لأننا جميعًا مجهزون بأفكار عدوانية وكلمات قاطعة، ونعتقد أننا ندافع عن أنفسنا بسلك الشكوى الشائك وجدران اللامبالاة الاسمنتيّة. إن بذرة السلام تطلب منا أن ننزع سلاح القلب. كيف؟ من خلال الانفتاح على يسوع الذي هو سلامنا؛ والمثول أمام صليبه الذي هو منبر السلام، وبنوالنا منه في الاعتراف المغفرة والسلام. من هنا نبدأ ، لأن كوننا صانعي سلام وكوننا قديسين، ليس من قدراتنا، وإنما هو عطيّة منه، إنه نعمة.
تابع الحبر الأعظم يقول أيها الإخوة والأخوات، لننظر إلى داخلنا ولنسأل أنفسنا: هل نحن بناة السلام؟ هل نحمل حيث نعيش وندرس ونعمل التوتر والكلمات التي تجرح، والثرثرة التي تُسمِّم، والجدل؟ أم أننا نفتح درب السلام: هل نسامح الذين أساءوا إلينا ، ونعتني بالذين هم على الهامش ، وهل نعالج بعض الظلم من خلال مساعدة الذين لديهم موارد أقل؟ هذا هو بناء السلام.
ولكن أضاف الأب الأقدس يقول قد يظهر سؤال أخير ينطبق على كل تطويبة: هل من المناسب أن نعيش هكذا؟ ألا يعيش الخاسرون بهذه؟ لكن يسوع هو الذي يعطينا الإجابة: إن صانعي السلام “أبناء الله يُدعون”: ربما في العالم قد يبدون في غير محلهم، لأنهم لا يخضعون لمنطق السلطة والتسلّط، ولكنهم في السماء سيكونون الأقرب إلى الله، والأكثر تشبُّهاً به. ولكن، في الواقع، حتى هنا يبقى المتنمر فارغ اليدين، بينما الذين يحبون الجميع ولا يجرحون أحداً ينتصرون: كما يقول المزمور، “إن العقب لإنسان السلامة”(راجع مز ٣٧ ، ٣٧).
وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بالقول لتساعدنا العذراء مريم، سلطانة جميع القديسين، لكي نكون بناة سلام في حياة كلّ يوم.