“كل فرد هو عطيّة مقدسة وفريدة من نوعها، في كل عمرٍ وفي كلِّ وضع. لنحترم الحياة ونُعزّزها على الدوام!” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي
تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر الأحد صلاة التبشير الملائكي مع وفود الحجاج والمؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها في الليتورجيا اليوم، تُعلَن التطويبات بحسب إنجيل القديس متى، والطوبى الأولى والأساسيّة: “طوبى لِفُقَراءِ الرّوح، فَإِنَّ لَهُم مَلَكوتَ السَّمَوات”.
تابع البابا فرنسيس يقول من هم “فقراء الروح”؟ إنهم الذين يعرفون أنهم لا يكفون أنفسهم، وأنهم لا يتمتعون بالاكتفاء الذاتي، ويعيشون كـ “متسولين لله”: يشعرون بالحاجة إلى الله ويعترفون أن الخير يأتي منه، كعطيّة، وكنعمة. إنَّ فقير الروح يغتني بما يناله؛ لذلك يتمنى ألا تُهدر وتضيع أيّة عطيّة. أود اليوم أن أتوقّف عند هذا الجانب النموذجي لفقراء الروح: عدم الهدر. يُظهر لنا يسوع أهمية عدم الهدر، على سبيل المثال بعد أن كثّر الخبز والسمك، عندما طلب من تلاميذه أن يجمعوا ما فضل من الكسر لئلا يضيع شيء منه. يسمح لنا عدم الهدر بأن نُقدِّر قيمة أنفسنا والأشخاص والأشياء. ولكنّه لسوء الحظ، مبدأ غالبًا ما يتم تجاهله، لاسيما في المجتمعات الأكثر ثراءً، حيث تهيمن ثقافة الهدر والتهميش. لذلك أود أن أقترح عليكم ثلاثة تحديات ضد ذهنيّة الهدر.
أضاف الأب الأقدس يقول التحدي الأول: عدم هدر العطيّة التي نحن عليها. كل واحد منا هو خير، بغضِّ النظر عن المواهب التي لديه. كلُّ شخص هو غني ليس فقط بالمواهب، وإنما بالكرامة أيضًا، إنه محبوب من الله، وذاتُ قيمة وثمين. يذكرنا يسوع أننا ننال الطوبى لا لما لدينا وإنما لما نحن عليه. لنكافح، بمساعدة الله، ضدَّ تجربة أن نعتبر أنفسنا غير مؤهَّلين، وغير مناسبين ونتحسَّر على أنفسنا.
تابع الحبر الأعظم يقول ثم التحدي الثاني: عدم هدر العطايا التي لدينا. يتَّضح أن حوالي ثلث إجمالي إنتاج الغذاء يُهدر كل عام في العالم. وهذا بينما يموت الكثيرون من الجوع! لا يمكننا أن نستخدم موارد الخليقة على هذا النحو؛ وإنما علينا أن نحفظ الخيور ونشاركها، لكي لا يفتقر أحد إلى ما هو ضروري. لا نهدرنَّ ما لدينا، وإنما لننشر إيكولوجيا عدالة ومحبة! وأخيرًا التحدي الثالث: عدم تهميش الأشخاص. تقول ثقافة الهدر: أنا أستخدمك ما دُمتُ بحاجةٍ إليك؛ وعندما أفقدُ اهتمامي بكَ أو تصبحَ عائقًا في طريقي، أرميك بعيدًا. هكذا تتمُّ معاملة الأشخاص الأشدَّ ضعفًا: الأطفال الذين لم يولدوا بعد، والمسنون، والمعوزون والفقراء. لكن لا يمكن التخلص من الأشخاص أبدًا! كل فرد هو عطيّة مقدسة وفريدة من نوعها، في كل عمرٍ وفي كلِّ وضع. لنحترم الحياة ونُعزّزها على الدوام!
أضاف الأب الأقدس يقول أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، لنسأل أنفسنا بعض الأسئلة. أولاً كيف أعيش فقر الروح؟ هل أعرف كيف أفسح المجال لله، هل أؤمن أنه خيري وثروتي الحقيقية العظيمة؟ هل أؤمن أنه يحبني أم أنني أستسلم للحزن متناسيًا أنني عطيّة؟ ومن ثمَّ: هل أنا متنبِّه لكي لا أهدر، هل أنا مسؤول في استخدام الأشياء والخيور؟ وهل أنا مستعدٌّ على مشاركتها مع الآخرين؟ وأخيرًا: هل أعتبر الأشخاص الأكثر هشاشة عطايا ثمينة يطلب مني الله أن أحافظ عليها؟ هل أتذكر الفقراء والذين قد حُرِموا من الضروري؟
وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بالقول لتساعدنا العذراء مريم، امرأة التطويبات، لكي نشهد لفرح بأن الحياة هي عطية ولجمال أن نجعل من أنفسنا عطايا للآخرين.