عصر السبت توجّه قداسة البابا فرنسيس إلى مدرسة القلب الأقدس في البحرين وهي مدرسة كاثوليكية تأسست بالقرب من كنيسة القلب الأقدس في منامة وكان في استقباله مديرة المدرسة الأخت روزيلين توماس مع بعض الأساتذة ثم توجّهوا جميعًا إلى القاعة الرياضية في المدرسة حيث كان بانتظار الأب الأقدس حوالي ثماني مائة شاب وشابة حيث وجّهت الأخت روزيلين كلمة رحّبت بها بالأب الأقدس معبرة عن الإعجاب والتقدير لخدمته المتواضعة كمرشد محبٍّ نحو السلام والتناغم والخطوات الشجاعة التي قام بها في هذا الاتجاه وقالت إن مدرسة القلب الأقدس هي رمز مصغر للتعايش السلمي وثقافة الرعاية. لدينا طلاب وموظفون من ٢٩ جنسية وثقافة ولغات وخلفيات دينية مختلفة، ومن المؤكد أن وجودكم معنا سيزيد من الوعي بتنوعنا الثقافي ومعتقداتنا المشتركة، بالإضافة إلى التزامنا بتأسيس مجتمع نابض بالحياة ومحترم للأجيال الحاضرة والمستقبلية. وخلصت إلى القول أيها الأب الأقدس إن الوجوه المبتسمة للشباب الحاضرين هنا اليوم تعبر عن فرحهم برؤيتكم شخصيًا. إن كلماتكم ستقويهم لكي يكونوا الرجاء في مستقبل منير لعالمنا، حيث سيكونون مواطنين فاعلين يجتهدون لكي يجعلوا عالمنا مكانًا أفضل.
وبعد نشيد ورقصة تقليدية قدّم ثلاثة من الشباب شهادة حياة فتحدث أولاً شاب مسلم الملازم عبد الله عطية، طالب سابق في هذه المدرسة وعضو في الحرس الملكي البحريني وقال نشأت في عائلة مسلمة ودرستُ في هذه المدرسة، وهي مؤسسة كاثوليكية. بنشأتي في البحرين ودراستي في هذه المدرسة المرموقة، أتيحت لي الفرصة للاحتفال ليس فقط بالعيد؛ وإنما احتفلت أيضًا بعيد الميلاد والديوالي والعديد من الأعياد الأخرى التي تدفئ القلب. خلال الأعياد كان الأشخاص والطلاب من مختلف الأديان والخلفيات يحتفلون معًا. لم يكن هناك تمييز إذا شارك أحدهم في سعادة الآخر. وقد أثبتت مدرسة القلب الأقدس أنها مثال ممتاز للوحدة والاحترام المتبادل. كشخص بالغ، شاركت في عمليات عسكرية وضعتني في اتصال مع أديان لم أكن أعرف بوجودها. هناك العديد من الديانات في مملكة البحرين مثل الإسلام والمسيحية والهندوسية والسيخ والبوذية واليهودية. قد لا يتبع كل هذه الأديان عدد متساوٍ من الأشخاص، لكنهم جميعًا يُحترمون على قدم المساواة. ويعود هذا إلى مبدأ “الوحدة في التنوع”، والذي يُعدُّ سمة أساسية لمملكتنا الجميلة والتي تربط الجميع معًا للحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة. إنَ “الوحدة في التنوع” هي السبب الرئيسي لنمو وتطور بلدنا الجميل. لنبقى جميعًا معًا كفريق البحرين. نحن محظوظون ومباركون أن لدينا ملكًا متواضعًا ولطيفًا، صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الذي هو في المحور ويجمع جميع الأديان والجنسيات هنا.
بعدها تحدّثت فتاة كاثوليكية نيفين فارغيز فرنانديز وقالت إنَّ العيش ككاثوليك في بلد ذات أغلبية مسلمة هو فرحة لنا لأننا محاطون بأناس مؤمنين يشاركوننا القيم عينها وقد أعطتنا الكنيسة أساسًا جيدًا، قبل السفر إلى الخارج لمواصلة دراستنا. وأضافت أن الجميع ينظرون إلى الشباب لكي ينالوا الفرح والطاقة والتشجيع، لكن أن يكون المرء شابًا كاثوليكيًا في عالم اليوم يتطلب أيضًا الكثير من الصلاة والتضحية لأنه من السهل أن يقع في التجربة وأن ينجذب إلى الحياة الدنيوية. لذلك من المهم إقامة علاقات جيدة وسليمة من أجل الاصغاء إلى الآخرين والاجابة بطريقة سليمة مقدّمين هكذا شهادة لكنيسة منفتحة على الجميع. وخلصت إلى القول أيها الأب الأقدس، إن حضوركم بيننا يمنحنا القوة ويشجعنا في هويتنا الكاثوليكية. نريد أن نكون أبناء للكنيسة تحت إرشادكم ونحن نفتخر بقدرتنا على عيش إيماننا بدون خوف.
أما الشهادة الأخيرة فكانت لميرينا جوزيف موتا من رعية القلب الأقدس الذي تحدّث عن خبرته الإيمانية كشخص نال درجة القارئ في الكنيسة ويعلن كلمة الله وعضو في جوقة الرعية ينشد أناشيد حول الله ومخلوقاته ألهمت مراحل كثيرة من حياته وعززت إيمانه وقال إنَّ الإيمان هو أمر غير مرئي لكنه محسوس، الإيمان هو قوة عندما نشعر بالضعف، الإيمان هو الرجاء عندما يبدو أنَّ كل شيء قد ضاع. وبالتالي إذا كنت تؤمن بالله وتؤمن بنفسك، فإن كل شيء آخر سيأخذ مكانه. إذا كان لدينا إيمان بقدراتنا، وعملنا بجد، فلا يوجد شيء لا يمكننا أن نحققه. وخلص موجّهًا ثلاثة أسئلة للأب الأقدس الأول حول النصيحة التي يمكنه أن يعطيهم إياها انطلاقًا من خبرته كمراهق والثاني حول كيف يمكننا أن نتواصل مع الله من خلال صلاة صامتة والثالث حول إن كان يعتقد أن قناعاتهم ثابتة يمكنها أن تساعدهم لمحاربة المشاكل الاجتماعية.
بعد شهادات الحياة توجّه الأب الاقدس للشباب قائلاً أَسعَدَنِي أنّني رأيت في مملكة البحرين مكان لقاء وحوار بين ثقافاتٍ ومعتقداتٍ مختلفة. والآن، وأنا أنظر إليكم، وأنتم لستم من ديانة واحدة، ولا تخافون أن تكونوا معًا، أفكّر أنّه من دونكم، هذا العيش معًا بين الاختلافات، لن يكون ممكنًا. أنتم الخميرة الجيّدة والمقدّر لها أن تنمو، وتتغلّب على الحواجز الاجتماعيّة والثقافيّة العديدة، وتعزّز براعم الأخوّة وكلّ ما هو جديد.
وحث الأب الأقدس الشباب قائلاً عززوا الأخوّة، وستحصدون أنتم المستقبل، لأنّ العالم سيكون له مستقبل فقط في الأخوّة! أيّها الشّباب الأعزّاء، نحن بحاجة إليكم، وإلى إبداعكم، وأحلامكم وشجاعتكم، ولطفكم وابتساماتكم، وفرحكم المُعدي، وكذلك إلى القليل من الجنون الذي تعرفون كيف تُدخلونه في كلّ ظرف، والذي يساعد على الخروج من سُباتِ العادات والأنماط المتكرّرة التي نبوِّب فيها أحيانًا حياتنا. كأب أقدس أريد أن أقول لكم: إنَّ الكنيسة معكم وهي بحاجة ماسّة لكم، ولكلّ واحدٍ منكم، لكي تستعيد شبابها، وتكتشف دروبًا جديدة، وتختبر لغات جديدة، وتزداد فرحًا وضيافة. لا تفقدوا أبدًا الشّجاعة بأن تحلموا وتعيشوا بمنظور واسع! تبنّوا ثقافة الرّعاية وانشروها، وصيروا أبطالًا في الأخوّة، وواجهوا تحدّيات الحياة، واسمحوا بأن يوجّهكم إبداع الله الأمين، أذكروني في صلواتكم. وأنا سأصلّي من أجلكم، وسأحملكم في قلبي.