في إطار زيارته الرسوليّة إلى مدغشقر ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأحد القداس الإلهي في أبرشيّة “Soamandrakizay” بحضور حشد كبير من المؤمنين قدموا من جميع أنحاء البلاد وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة قال فيها لقد قال لنا الإنجيل أنَّ جُموعًا كَثيرَةً كانت تَسيرُ مَعَ يَسوع. كتلك الجموع التي كانت تحتشد على درب يسوع، جئتم بأعداد كبيرة لتقبلوا رسالته ولكي تتبعوه. ولكنّكم تعلمون جيّدًا أن اتباع يسوع ليس أمرًا مريحًا جدًّا! في الواقع يذكّرنا إنجيل لوقا اليوم بمقتضيات هذا الالتزام.
تابع الأب الاقدس يقول يدعونا الشرط الأول للنّظر إلى علاقاتنا العائليّة. إن الحياة الجديدة التي يقترحها علينا الرب تبدو مزعجة وقد تتحوّل أيضًا إلى ظلم مشكِّكٍ بالنسبة للذين يؤمنون بأن دخول ملكوت الله يمكنه أن يُحدُّ فقط بروابط الدم او الانتماء إلى مجموعة معيّنة أو ثقافة خاصة. لكنّ الشرط الذي يضعه المعلّم يدعونا لكي نرفع نظرنا ويقول لنا عن الذي لا يقدر على رؤية الآخر كأخ له وأن يتأثّر لحياته ووضعه بغضِّ النظر عن انتمائه العائلي والثقافي والاجتماعي “لا يَستَطيعُ أَن يكونَ لي تِلميذًا” (لوقا ١٤، ٢٦).
أضاف البابا فرنسيس يقول أما الشرط الثاني فيظهر لنا كم هو صعب إتباع يسوع عندما نريد أن نحدد ملكوت الله مع مصالحنا الشخصية أو مع سحر إيديولوجيّة معيّنة ينتهي بها الأمر باستعمال اسم الله او الدين من أجل تبرير أعمال عنف وتمييز أو اعمال قتل ونفي وإرهاب وتهميش. عن شرط المعلّم يشجّعنا لكي لا نتلاعب بالإنجيل ونستغلّه وإنما لكي نبني تاريخًا في الأخوّة والتضامن في الاحترام المجاني للأرض وعطاياها ضدّ جميع أشكال الاستغلال ونعيش بشجاعة “الحوار دَرْبًا، والتعاوُنِ المُشتركِ سبيلًا، والتعارُفِ المُتَبادَلِ نَهْجًا وطَرِيقًا”.
وختامًا، تابع الحبر الأعظم يقول ما أصعب أن نتقاسم الحياة الجديدة التي يمنحنا الرب إياها عندما نكون مدفوعين باستمرار لتبرير أنفسنا، معتقدين أنَّ كلَّ شيء يأتي حصريًّا من جهودنا وممتلكاتنا، وعندما يصبح سباق جمع الممتلكات مُرهقًا وخانقًا ويزيد من الأنانية واستعمال أدوات غير أخلاقيّة! إن شرط المعلّم هو دعوة لكي نستعيد الذكرى الممتنّة ونعترف أنَّ حياتنا وقدراتنا هي نتيجة عطيّة نسجّها الله والعديد من الأيادي الصامتة لأشخاص سنكتشف أسماءهم فقط لدى ظهور ملكوت السماوات.
أضاف البابا فرنسيس يقول بهذه المقتضيات يريد الرب أن يُعدَّ تلاميذه لعيد انبعاث ملكوت الله وان يحرّرهم من العائق المدمّر، أسوأ اشكال العبودية: العيش من أجل أنفسهم. إنها تجربة الانغلاق في عالمنا الصغير الذي ينتهي به الأمر بترك مكان صغير للآخرين: فلا يدخل الفقراء ولا يُسمع صوته ولا يتمُّ التمتّع بفرح محبّته، ولا يخفق بعد الآن حماس صنع الخير…
تابع الأب الأقدس يقول على الدرب نحو أورشليم يدعونا الرب من خلال هذه المقتضيات لنرفع نظرنا ولنصلح أولوياتنا ولاسيما لكي نخلق فسحات يكون فيها الله محور وأساس حياتنا. لننظر من حولنا: كم من الرجال والنساء والشباب والأطفال يتألّمون ويُحرمون من كلِّ شيء بالكامل! هذا الأمر ليس جزءًا من مخطط الله. كم هي ملحّة دعوة يسوع هذه لكي نموت عن انغلاقاتنا وفردانيتنا الأنانية لكي نسمح لروح الأخوّة أن ينتصر ويشعر كل فرد أنّه محبوب لأنه مفهوم ومقبول ومحترم في كرامته.
أضاف الحبر الأعظم يقول تدعونا كلمة الله التي سمعناها لكي نستعيد المسيرة، ولكي نتجرأ على القيام بالقفزة النوعية ونتبنّى حكمة التجرّد كأساس للعدالة ولحياة كلِّ فرد منا فنتمكّن معًا من محاربة جميع أشكال عبادة الأصنام التي تحملنا على تركيز اهتمامنا على الضمانات الغشاشة للسلطة والتقدّم المهني والمال والبحث عن الأمجاد البشريّة.
وختم البابا فرنسيس عظته بالقول تكُفُّ المقتضيات التي يطلبها منا يسوع عن كونها ثقيلة عندما نبدأ بتذوّق فرح الحياة الجديدة التي يقترحها هو نفسه علينا: الفرح الذي يولد من معرفتنا بأنه هو الذي يأتي ليبحث عنا أولاً عند تقاطع الطرقات حتى عندما نكون ضائعين كذلك الخروف أو كالابن الضال. لتدفعنا هذه الواقعية المتواضعة على مواجهة التحديات الكبيرة ولتمنحكم الرغبة في أن تجعلوا بلدكم مكانًا حيث يمكن للإنجيل أن يصبح حياةً وأن تكون الحياة لمجد الله الأعظم. لنقرّر إذًا ولنتبنَّى مشاريع الرب!
في ختام الذبيحة الإلهية التي احتفل بها في أبرشيّة “Soamandrakizay” تلا قداسة البابا فرنسيس صلاة التبشير الملائكي مع جميع المؤمنين الحاضرين وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة وجّه خلالها تحية لجميع الذين شاركوا في الاحتفال الإفخارستي وقال استفيد من هذه المناسبة لكي أعبر عن امتناني لرئيس الجمهورية ولسلطات البلاد المدنيّة على استقبالهم، ويمتدُّ امتناني أيضًا إلى جميع الذين وبأشكال عديدة قد ساهموا في نجاح زيارتي هذه. ليكافئكم الرب ويبارك شعبكم بأسره بشفاعة الطوباوي رافاييل لويس رافيرينغا والطوباوية فيكتوار رازواماناريفو.
والآن تابع البابا يقول نتوجّه بالصلاة إلى العذراء القديسة فجر الخلاص للبشرية، في اليوم الذي نذكر فيه ولادتها. لترافق العذراء مريم البريئة من دنس الخطيئة الأصلية، التي تحبونها وتكرّمونها كأم وشفيعة، مسيرة مدغشقر في السلام والرجاء.
أخبار الفاتيكان