تلا قداسة البابا فرنسيس يوم الأحد صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين والحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها يصف إنجيل هذا الأحد اللقاء بين يسوع والمرأة الكنعانيّة. كان يسوع في شمال الجليل في أرض غريبة ليكون مع تلاميذه بعيدًا عن الجموع الكثيرة التي كانت تبحث عنه. وإذا امرأة تقترب منه متوسّلة المساعدة من أجل ابنتها المريضة: “رُحماكَ، يا رَبّ!”. إنها الصرخة التي تولد من حياة مطبوعة بالمعاناة، وبالإحساس بالعجز لأم ترى ابنتها تتعذب بسبب الشر. لقد تجاهلها يسوع في البداية، لكن هذه الأم بقيت تُصر، حتى عندما أخبر المعلّم تلاميذه أن رسالته موجهة فقط إلى “الخِرافِ الضّالَّةِ مِن آلِ إِسرائيل”. ولكنّها بقيت تتوسّله، وعندها ولكي يمتحنها استعان بأحد الأمثال قائلاً: “لا يَحسُنُ أَن يُؤخَذَ خُبزُ البَنينَ فَيُلقى إِلى صِغارِ الكِلاب” فأجابت المرأة على الفور: “نَعم، يا رَبّ! فَصِغارُ الكِلابِ نَفسُها تَأكُلُ مِنَ الفُتاتِ الَّذي يَتَساقَطُ عَن مَوائِدِ أَصحابِها”.
تابع الأب الأقدس يقول بهذه الكلمات، تُظهر الأم أنها قد أدركت أن صلاح الله العلي، الحاضر في يسوع، منفتح على جميع احتياجات مخلوقاته. هذه الحكمة المفعمة بالثقة قد أثّرت في قلب يسوع وسرقت منه كلمات الإعجاب: “ما أَعظمَ إيمانَكِ، أَيَّتُها المَرأَة! فَليَكُن لَكِ ما تُريدين”. ما هو الإيمان العظيم؟ الإيمان العظيم هو الذي يحمل تاريخ الشخص الخاص، المطبوع أيضًا بالجراح، عند أقدام الرب طالبًا منه أن يشفيها وأن يعطيها معنى. لكل منا قصّته وهي ليست على الدوام قصّة خالية من الشوائب… غالبًا ما تكون قصّة صعبة مُشبعة بالآلام والمشاكل والخطايا. فماذا أفعل بقصّتي؟ هل يجب عليّ أن أخفيها؟ لا علينا أن نحملها للرب قائلين: “يا ربي إن شئت فأنت قادر أن تُبرأني!”.
أضاف الحبر الأعظم يقول هذا ما تعلّمنا إياه هذه المرأة وهذه الأم الصالحة: الشجاعة بأن نحمل قصّة الآلام خاصتنا إلى الله وإلى يسوع وأن نلمس حنان الله وحنان يسوع. لنختبر نحن أيضًا هذه القصّة وهذه الصلاة وليفكّر كلٌّ منا في قصّته. في كلِّ قصة تحدث على الدوام أمور سيئة. ولكن لنذهب إلى يسوع ولنقرع على باب قلبه قائلين: “يا ربي إن شئت فأنت قادر أن تُبرأني!” وسنتمكّن من فعل ذلك فقط إن وضعنا على الدوام وجه يسوع نصب أعيننا وإن فهمنا كيف هو قلب يسوع: قلب يتحلّى بالشفقة، قلب يأخذ على عاتقه آلامنا وخطايانا وأخطائنا وفشلنا؛ ولكنّه أيضًا قلب يحبّنا بما نحن عليه.
ولذلك تابع الأب الأقدس يقول من الأهميّة بمكان أن نفهم يسوع ونبني معه علاقة حميمة، ولذلك أعود إلى الوصيّة التي أعطيكم إياها على الدوام: احملوا معكم على الدوام إنجيلاً صغيرًا واقرؤوا مقطعًا منه يوميًّا، وهناك ستجدون كيف هو يسوع وكيف يقدّم نفسه، وستجدون يسوع الذي يحبّنا كثيرًا. لنتذكّر إذًا هذه الصلاة: “يا ربي إن شئت فأنت قادر أن تُبرأني!”؛ واحملوا معكم الإنجيل في الحقيبة أو في الجيب وحتى على الهاتف النقال. ليساعدنا الرب جميعًا لكي نصلّي هذه الصلاة الجميلة التي تعلّمنا إياها امرأة وثنية.
وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بالقول لتشفع لنا العذراء مريم بصلاتها لكي ينمو في كلِّ معمّد فرح الإيمان والرغبة في نقله في شهادة حياة صادقة وأن تمنحنا الشجاعة لكي نقترب من يسوع ونقول له: “يا ربي إن شئت فأنت قادر أن تُبرأني!”.
أخبار الفاتيكان