القلق الآتي من الروح القدس والقلق الذي يأتي من عدم راحة الضمير، والتبجُّح الذي يُغلِّف الحياة ويزيّنها ولكنه كترقق عظم في النفس، هذه هي المواضيع التي تمحورت حولها عظة البابا فرنسيس في القداس التي ترأسه في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان.
قال البابا فرنسيس يقدّم لنا الإنجيل الذي تقدّمه لنا الليتورجيّة اليوم من القديس لوقا الملك هيرودس قلقًا بعد أن أمر بقتل يوحنا المعمدان لأنه يشعر الآن بأنّه مُهدّد من قبل يسوع. لقد كان قلقًا مثل أبيه هيرودس الكبير بعد زيارة المجوس له. هناك نوعان من القلق في حياتنا، تابع الحبر الأعظم يقول، “القلق الجيّد” وهو القلق الذي يعطينا إياه الروح القدس والذي يجعل نفسنا تسعى دائمًا للقيام بأمور صالحة، ومن ثمّ هناك “القلق السيّء” وهو الذي يولد من عدم راحة الضمير بسبب أمور سيئة قد قمنا بها، والملكان هيرودس الأب هيرودس الابن كانا يحلان المشاكل التي كانت تقلقهما بواسطة القتل، وكانا يسيران قدمًا على جُثث الأشخاص.
تابع الأب الأقدس يقول لا يمكن لهؤلاء الأشخاص الذين يرتكبون أفعالاً سيئة أن ينعموا براحة الضمير أو بالسلام لأنهم يعيشون في قلق مستمر، كمَن يعاني نوعًا من الشرى… هؤلاء الأشخاص قد ارتكبوا الشرّ، والشر مهما كان يملك الجذور عينها: الجشع، والتبجُّح والكبرياء. هذه الثلاثة لا تترك ضميرك بسلام ولا تسمح للـ “القلق الجيّد” الآتي من الروح القدس بأن يدخل إلى قلبك وتحملك على العيش قلقًا وخائفًا على الدوام. الجشع، والتبجُّح والكبرياء.
أضاف الحبر الأعظم يقول أما القراءة الأولى التي تقدّمها لنا الليتورجيّة اليوم من سفر الجامعة فتحدثنا عن الزهو والتبجُّح اللذان ينفخان ولا يدومان طويلاً لأنهما كفقاقيع الصابون. التبجُّح لا يعطيك ربحًا حقيقيًّا، كما يقول لنا سفر الجامعة: “أَيُّ فائِدَةٍ لِلبَشَرِ مِن جَميعِ تَعَبِهِم، الَّذي يُعانونَهُ تَحتَ الشَّمس؟”، يتعبون ليدّعوا ويتظاهروا بما ليسوا هم عليه. هذا هو التبجُّح، وإن أردنا أن نقولها بشكل بسيط التبجُّح هو أن نزيّن حياتنا ونركّبها. وهذا الأمر يُمرض النفس لأن الإنسان يزيّن حياته ليظهر بما هو ليس عليه، وهذه الأمور التي يقوم بها هي للإدعاء فقط وللتبجّح وماذا يربح في النهاية؟ التبجُّح هو كترقق عظام النفس، من الخارج تبدو سليمة ولكنها في داخلها مريضة ومتآكلة. إن التبجُّح يحملنا على الخداع والنفاق.
تابع الأب الأقدس يقول فنعيش تمامًا كالمخادعين الذين “يضعون علامات على الأوراق” لكي يربحوا في اللعب ولكن انتصارهم هذا ليس حقيقيًّا لأنّه يقوم على الخداع. هذه هو التبجُّح: العيش بالادعاء بعكس ما نحن عليه، وهذا الأمر يُقلق النفس. ولكن أين هي قوّة التبجُّح؟ إذا كان الكبرياء يدفعك للقيام بأمور سيئة ومن ثم لتغطيتها وإخفائها؟
وختم البابا فرنسيس عظته بالقول هناك العديد من الأشخاص الذين نعرفهم ويبدون وكأنّهم أشخاص صالحين، يذهبون إلى القداس يوم الأحد ويقدمون تقادم كبيرة للكنيسة وهذا ما يظهر للعيان ولكنّهم فاسدون في الداخل. هذه هي نتيجة التبجُّح: يجعلك تظهر أمام الآخرين بصورة معينّة ولكنك في الحقيقة مختلف كل الاختلاف. وبالتالي أين سنجد قوّتنا وأماننا وملجأنا؟ لقد قرأناها في المزمور الذي تقدّمه لنا الليتورجيّة اليوم: “لقد كنت لنا يا رب ملجأ جيلاً بعد جيل”، ورنّمناها قبل قراءة الإنجيل متذكرين كلمات يسوع القائل: “أنا هو الطريق والحق والحياة”، وهذه هي الحقيقة! ليحررنا الرب من جذور الشرّ الثلاثة: الجشع، والتبجُّح والكبرياء، ولاسيما من التبجُّح الذي يُسبب لنا أذى كبيرًا.
إذاعة الفاتيكان
الوسوم :البابا فرنسيس: ليحررنا الرب من جذور الشرّ: الجشع والتبجُّح والكبرياء