“لكي نخدم الرب جيّدًا ينبغي علينا أن نتنبّه كي لا نكون أشخاصًا غير أوفياء ويبحثون عن السلطة” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان وذكّر البابا المؤمنين في هذا السياق أنه لا يمكننا أن نخدم الله والعالم في الوقت عينه.
“نَحنُ عَبيدٌ لا خَيرَ فيهِم” استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من الإنجيل الذي تقدّمه لنا الليتورجية اليوم من الإنجيلي لوقا ليتوقّف في تأمله الصباحي عند هذا القول الذي ينبغي على كل تلميذٍ حقيقيّ للرب أن يكرّره يوميًّا لنفسه. ولكن تابع البابا متسائلاً ما هي الحواجز التي تمنعنا من خدمة الرب ومن أن نخدمه بحريّة؟ إنها كثيرة تابع الحبر الأعظم مجيبًا بمرارة ولكن أحدها هو حب السلطة؛ كم من مرّة رأينا وربما في بيوتنا أيضًا أشخاصًا يتصرفون كمن يقول “هنا، الأمر لي!”، وكم من مرّة وبدون أن نقولها جعلنا الآخرين يشعرون وكأننا نحن من نأمر ونضع القوانين… هذا هو حبُّ السلطة! ويسوع يعلّمنا أنه ينبغي على الذي يأمر أن يصبح كالخادم، وأن من أراد أن يكون الأول عليه أن يكون خادمًا للجميع، فيسوع يقلب القيم الدنيويّة رأسًا على عقب، لأن حب السلطة والرغبة بالتسلُّط ليستا الدرب التي ينبغي أن يتّبعهما من يريد أن يخدم الرب لا بل هما عائقين ينبغي أن نطلب من الرب أن يبعدهما عنا.
أما العائق الثاني تابع الأب الأقدس يقول فيحصل في الكنيسة أيضًا وهو الخيانة وغياب الوفاء، وهذا الأمر يحصل عندما نريد أن نخدم الرب وإنما أيضًا وفي الوقت عينه أن نخدم أمورًا أخرى غيره. لقد قال لنا الرب: “ما مِن أَحَدٍ يَستَطيعُ أَن يَعمَلَ لِسَيِّدَيْن، لأَنَّه إِمَّا أَن يُبغِضَ أَحَدَهُما ويُحِبَّ الآخَر، وإِمَّا أَن يَلزَمَ أَحَدَهُما ويَزدَرِيَ الآخَر”، لقد قاله لنا يسوع وهذا عائق كبير وهو الخيانة، وهو يختلف تمامًا عن أن يكون المرء خاطئًا، لأننا جميعنا خطأة ونندم على خطايانا ولكن الخيانة هي أمر آخر، إنها لعبة مزدوجة! وبالتالي فالذي يتعطّش للسلطة والذي لا يعرف الوفاء لا يمكنهما أن يخدما الرب بحريّة. هذان العائقان حب السلطة والخيانة يحرماننا السلام ويحملاننا على قلق القلب الذي لا يتركنا لنرتاح أبدًا، وهذا الأمر يحملنا على العيش بحسب نزعة العالم وحب الظهور.
تابع البابا فرنسيس يقول كم من الأشخاص يعيشون فقط للظهور والشهرة، وبالتالي فلا يمكنهم أن يخدموا الرب هكذا، لنطلب إذًا من الرب أن يزيل لنا العوائق لكي نتمكّن بسلام الجسد والنفس من أن نتكرّس بحريّة لخدمته. إن خدمة الله حرّة ونحن أبناء ولسنا عبيد. وخدمة الله، بعد أن يكون قد أزال لنا العوائق التي تحرمنا سلامنا وطمأنينتنا، هي خدمة حرّة، وعندما نخدم الرب بحريّة نشعر بالسلام وبصوت الرب القائل لنا: “أَحسَنتَ أَيُّها الخادِمُ الصَّالِحُ الأَمين! كُنتَ أَميناً على القَليل، فسأُقيمُكَ على الكَثير: أُدخُلْ نَعيمَ سَيِّدِكَ”. جميعنا نريد أن نخدم الرب بصلاح وأمانة ولكننا بحاجة لنعمته لأننا بدونه لا يمكننا أن نفعل شيئًا. لذلك علينا أن نطلب دائمًا هذه النعمة بأن يزيل لنا هذه العوائق ويمنحنا الطمأنينة وسلام القلب لنخدمه بحريّة كأبناء وليس كعبيد.
وختم البابا فرنسيس عظته مسلطًا الضوء على الحريّة في الخدمة وقال حتى عندما تكون خدمتنا حرّة ينبغي علينا أن نردّد على الدوام: “نَحنُ عَبيدٌ لا خَيرَ فيهِم” ندرك أنه وحدنا لا يمكننا أن نفعل شيئًا. لذلك ينبغي علينا أن نطلب منه ونفسح المجال له كي يعمل بنا ويحوّلنا إلى خدام أحرار، أي إلى أبناء وليس عبيد. ليساعدنا الرب لنفتح قلوبنا ونسمح للروح القدس أن يعمل بنا ويزيل منا هذه العوائق لاسيما حب السلطة الذي يؤذي والخيانة أي الازدواجية في الرغبة بخدمة الله والعالم معًا. وليعطنا الطمأنينة والسلام فنخدمه كأبناء أحرار يقولون له في النهاية: “شكرًا يا أبانا ولكننا عَبيدٌ لا خَيرَ فيهِم”.
إذاعة الفاتيكان
الوسوم :البابا فرنسيس: ليمنحنا الرب الطمأنينة وسلام القلب فنخدمه بحريّة الأبناء