“الرب أمين ولا ينسانا أبدًا، وهذا الأمر يدفعنا للابتهاج في الرجاء” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان.
استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من المزمور ۱۰٥ الذي تقدّمه لنا الليتورجيّة اليوم الرب “ذَكَرَ إِلى الأَبَدِ لَهُ عَهدا” ومن القراءة الأولى التي تقدمها الليتورجيّة من سفر التكوين والتي نقرأ فيها عن العهد الذي قطعه الله مع إبراهيم: “ها أَنا أَجعَلُ عَهدي معَكَ، وَتَكونُ أَبا جُمهورِ أُمم ولا يَكونُ اَسمُكَ أَبرامَ بَعدَ، بل يَكون اسمُكَ إِبراهيم، لأَنِّي جَعَلتُكَ أَبا جُمهورِ أُمم وأُقيمُ عَهدي بَيني وبَينَكَ وبَينَ نَسلِكَ مِن بَعدِكَ مَدى أَجيالِهم”؛ عهد يمتدُّ عبر الأجيال وفي تاريخ الشعب بالرغم من خطاياه وابتعاده عن الله.
في الواقع، تابع الحبر الأعظم يقول، إن الرب يحبّنا حبًّا والديًّا وبالتالي هذا الحب لا يسمح له بأن ينسانا، وذكّر البابا في هذا السياق بعادة أرجنتينيّة بمناسبة عيد الأم إذ يهدي الأبناء أمهاتهم زهرة تدعى “لا تنسني” وتأتي هذه الزهرة بلونين: أزرق وتُهدى للأمهات الأحياء وبنفسجي للأمهات المتوفيات. هذه هي محبّة الله، إنها كمحبّة الأمهات. الله لا ينسانا أبدًا؛ لا يمكنه أن ينسانا لأنّه أمين لعهده؛ وهذا الأمر يعطينا الأمان. قد نتذمّر ونقول إن حياتنا قاسية أو أننا نعيش صعوبات معيّنة وأننا خطأة… ولكنّ الله لا ينساك أبدًا، لأنّه يحبُّك حبًا والديًا، وهو أب وأم.
أضاف الأب الأقدس يقول إنها أمانة تحمل إلى الفرح. كما كان الأمر بالنسبة لابراهيم هكذا أيضًا بالنسبة لنا، وفرحنا سيكون ابتهاجًا في الرجاء لأنَّ كلٌّ منا يعرف جيدًا أنه ليس أمينًا دائمًا ولكنَّ الله أمين على الدوام؛ يكفينا أن نتأمّل بخبرة لص اليمين. إنَّ الله الأمين لا يمكنه أن ينكر نفسه، ولا يمكنه أن ينكرنا ولا أن ينكر محبّته أو شعبه، لا يمكنه أن ينكرنا لأنّه يحبُّنا. هذه هي أمانة الله. ولذلك عندما نقترب من سرِّ التوبة، أسألكم من فضلكم لا نفكِّرنَّ بأننا ذاهبون إلى المصبغة لننظِّف ثيابنا، لا بل نذهب لننال عناق المحبّة من هذا الإله الأمين الذي ينتظرنا على الدوام.
بعدها تابع البابا فرنسيس مشيرًا إلى الإنجيل الذي تقدّمه لنا الليتورجية اليوم من القديس يوحنا والذي يخبرنا عن علماء الشريعة الذين أرادوا أن يرجموا يسوع لأنّه قال لهم “مَن يَحفَظْ كَلامي لا يَرَ المَوتَ أَبَدًا”. وخلُص الأب الأقدس إلى القول إنَّ الله أمين، هو يعرفني ويحبّني، ولن يتركني وحدي أبدًا بل يمسكني بيدي على الدوام؛ فماذا يمكنني أن أطلب أكثر؟ وماذا يجب علي أن أفعل؟ إبتهج في الرجاء! إبتهج في الرجاء لأن الربَّ يحبُّك كأب وأم!
إذاعة الفاتيكان