“للشباب ثقافتهم الخاصة ولغة تقدمية مستمرة. نحن بحاجة إلى أن نصغي إليهم في طريقتهم في تفسير الأشياء وأن نرد عليهم بطريقة يمكنهم فهمها. لا أستطيع أن أجيب على شاب يواجه صعوبة معيّنة ي كتاب لاهوت قديم، أي “يقول اللاهوت هنا”، لأنّه لن يفهمه” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في مقابلة أجرتها معه قناة “TVI/CNN” في البرتغال
مقابلة واسعة أجرتها قناة TVI / CNN Portugal مع البابا فرنسيس في الحادي عشر من آب أغسطس الماضي وقد تمَّ بثّها بالكامل مساء الاثنين الخامس من أيلول الجاري ومن بين المواضيع التي تناولها البابا فرنسيس في هذه المقابلة اليوم العالمي للشباب الذي سيعقد في لشبونة في عام ٢٠٢٣ والحرب في أوكرانيا ودور المرأة في الكنيسة.
في جوابه على سؤال حول كيف أصبح اليوم العالمي للشباب بهذه الأهميّة للكنيسة وله شخصيًّا قال البابا فرنسيس لقد كانت هذه فكرة البابا يوحنا بولس الثاني. هذه الأيام هي تلك التي تجمع، بطريقة ما، شبابًا من أجزاء مختلفة من العالم، وتقوّي لأن الشباب يمنحون القوة لبعضهم البعض، ويتحدثون عن أنفسهم، ويشعرون بالدعم. وعلى الرغم من أنهم يتحدثون بلغات مختلفة وينتمون إلى ثقافات مختلفة، إلا أنهم يلتقون ويدركون معًا أن لديهم أشواق مشتركة ورغبات مشتركة. ولغات الشباب هي إبداعية جدًا، وعلينا أن نتعلم الكلمات التي يخترعها الشباب لمواقف معيّنة. لكن هذا الإبداع هو علامة لكونهم متجذِّرين في الحاضر بينما يتطلعون إلى المستقبل. ويساعدهم على ذلك واقع أنهم يجتمعون ويشعرون بالقوة ليشقوا طريقهم نحو المستقبل. وبالتالي وراء كل هذا هناك عبقرية يوحنا بولس الثاني.
تابع البابا فرنسيس مجيبًا على سؤال حول مشاركته في اليوم العالمي للشباب ورسالته لهم وقال أعتقد أنني سأذهب. إنَّ البابا سيذهب. قد يذهب البابا فرنسيس أو البابا يوحنا الرابع والعشرون، لكن البابا سيذهب. عندما يذهب المرء إلى لقاء للشباب، عليه أن يكون مستعدًا لواقع أنه قد يتحدثون معه بلغة أخرى. للشباب لغتهم الخاصة، والتي تأتي من ثقافتهم الخاصة، لأن هناك ثقافة للشباب. وهي تأتي أيضًا من الإبداع الفردي. لا يمكنك أن تذهب الآن للتحدث مع الشباب بلغة أوروبية مشتركة، على سبيل المثال. علينا أن نتحدث بلغة الشباب، وهذا لا يعني أنه شيء من فئة أدنى، لا. للشباب ثقافتهم الخاصة ولغة تقدمية مستمرة. نحن بحاجة إلى أن نصغي إليهم في طريقتهم في تفسير الأشياء وأن نرد عليهم بطريقة يمكنهم فهمها. لا أستطيع أن أجيب على شاب يواجه صعوبة معيّنة ي كتاب لاهوت قديم، أي “يقول اللاهوت هنا”، لأنّه لن يفهمه. عندما يقدمون لي مشكلة إنسانية، أو مشكلة لاهوتية، – وهذا الأمر يحدث لك أيضًا – علينا أن نجيبهم بلغة يفهمونها، ووفقًا للخبرات التي يعيشونها اليوم. إن الحاضر هو هواء الشباب.
أضاف الاب الأقدس مجيبًا على سؤال حول ما يجب فعله لكي يكون اليوم العالمي للشباب لحظة مصالحة ونور للصعوبات التي تعيشها الكنيسة البرتغالية وقال إن البعد هو الذي يزيد الصعوبات. إذا كنت غاضبًا منك، أبتعد عنك، أنت في طريقك وأنا في طريقي، ولن تكون هناك مصالحة أبدًا. لكن عندما يتم تقصير المسافات، عندما يقترب أحدهم من الآخر، يكون هناك حوار، وربما جدالات أيضًا، لا يهم، ولكن هناك حوار وهناك يمكن “صنع” المصالحة. على سبيل المثال في البلدان التي توجد فيها ثقافتان مختلفتان، للبلد عينه، يحاول الكثير من الناس جعل الثقافات تلتقي، ومع الشباب يكون الأمر سهلاً جدًّا، إن كان من خلال الرياضة، أو الفن، أو الأوركسترا، أو الاهتمامات المشتركة، وإما من خلال المناقشات، لأن الشباب لديهم قدرة كبيرة على الاقتراب من بعضهم البعض. أما نحن البالغين الذين لدينا خبرة أكبر في الحياة، نحن نحمي أنفسنا أكثر، وندافع عن أنفسنا. إنَّ الشباب هم أكثر جرأة وحرية. وبالتالي ماذا علينا أن نفعل؟ أن نقترب منهم ولكن ليس بشكل مصطنع، وإنما من خلال الأشياء ذات الاهتمام المشترك. واليوم العالمي للشباب هو بالتأكيد قرب عالمي من الشباب.
تابع البابا فرنسيس مجيبًا على سؤال حول الحوار بين الأجيال وما ينبغي علينا أن نتعلّمه من بعضنا البعض وقال على الشباب أن يتحلوا بنظرة نحو المستقبل ونظرة نحو الماضي، لأنَّ الشباب الذين يتطلعون إلى المستقبل فقط يبقون بدون عضدٍ ودعم. على الشاب أن يتحاور مع جذوره مثل الشجرة. لكي تعطي الشجرة ثمرًا، يجب أن يأتيها شيء ما من الجذور. ولكن هل هذا يعني أنه عليَّ أن أختبئ في الجذور؟ لا، لأن هذا الأمر لن يعطي ثمرًا. لكن النظر إلى الجذور، هو أمرٌ لا يسمح به إلى الحوار مع المسنين، وهو أحد الأشياء التي أصر عليها، لأنه في بعض الأحيان يذهب الشباب إلى مركز للمسنين لزيارتهم، يكونون في البداية قلقين قليلاً، ولا يعرفون ماذا يفعلون. ولكن عندما يبدؤون بالحديث، يتحمّسون، بالطبع، لأنهم يصغون ثم يتناقشون مع المسنين ويشعرون بأنهم متأصلون ولديهم جذور. إنَّ إحدى طرق عدم الرغبة في الانتماء إلى الجذور هي رفض الحوار مع المسنين. إن الحوار مع المسنين لا يعني أنه عليك أن تفعل كل ما فعلوه في حياتهم، وإنما عليك أن تصغي إليهم لأنهم جذورك، وجذور ثقافتك، ووطنك، وأسلوبك في الحياة وعائلتك. تعتبر ثقافة الجد والجدة من أعظم البركات عندما يسير الشاب قدمًا، ويتطلع إلى المستقبل، فيما يكون قادرًا على التواصل مع المسنين. كتب شاعر أرجنتيني جملة جميلة جدا تقول “إن ما تملكه الشجرة من الزهور يعيش مما قد دفنَته تحت الأرض”.
أضاف الأب الأقدس مجيبًا على سؤال حول الطريقة التي يصلّي فيها البابا وقال لم أغير طريقتي في الصلاة، أتلو صلاة المسبحة كما كنت أفعل في طفولتي. أصلي مع الكتاب المقدس وأتأمل. أصلي الفرض الليتورجي كل يوم. أي أنا أصلّي بعدة طرق. أضع نفسي أمام الله وأحيانًا يتشتت انتباهي، أما هو فلا يشتت انتباهه، وهذا أمر يعزّيني. لا أذكر أي قديس كان قلقًا لأنه كان ينام أثناء الصلاة، فقال له المعرِّف: “أُشكر الله، إنها نعمة أن تنام أمام الرب”. الصلاة هي أن تكون في حضرة الله وأن تتركه يتكلم. كما أنه لا يمكن للمرء أن يصلي بدون حرية. وهذا أمر واضح. كذلك على كلِّ فرد أن يصلّي كما يلهمه الروح القدس.
أضاف الاب الأقدس مجيبًا على سؤال حول كيف يمكننا أن نتنبّه إلى أنَّ الروح القدس يريد أن يكلّمنا وقال يشعر المرء، على سبيل المثال، إزاء حدث ما، أو قراءة، أو شخص فقير في الشارع أو شخص مريض، يشعر بشيء ما، والروح القدس هو الذي يدفعه لكي يقوم بشيء ما. إنَّ الروح القدس يتكلم جميع اللغات. فكر في صباح العنصرة، والارتباك الذي أحدثه، لأن الناس الذين لم يفهموا شيئًا قالوا: “إنهم في حالة سكر”. لماذا؟ لأن الجميع كان يسمعهم يتحدثون بلغتهم الخاصة، يوم فظيع، لأنه صانع الاختلافات. ولكن، من ناحية أخرى، مع كل هذه الاختلافات هو يصنع الانسجام، والذي هو شيء مختلف عن النظام. قد يكون النظام أن تذهب إلى مقبرة وتجد كل شيء منظّم، ولكن ليس هناك حياة. أما في الانسجام فهناك حياة وهذا ما يفعله الروح القدس. يعطيك هذه الموهبة ويعطي الآخر تلك ولكن كلُّ شيء في تناغم وانسجام. وهذا هو المعنى الكنسي. يكون هناك أحيانًا من يقول: “أنا متدين جدًا، وأدافع عن القيم المسيحية”، لكنه غير قادرٍ على أن يعيش في تناغم مع الكنيسة. لإنه يفتقر إلى الروح القدس، هو يملك أيديولوجية دينية ولكن ليس لديه الروح القدس.
تابع البابا فرنسيس مجيبًا على سؤال حول كيف يمكن قراءة علامة تعيينه لثلاثة نساء في دائرة الأساقفة وقال المعمدون هم رجال ونساء والكنيسة هي أنثى. الكنيسة هي امرأة، الكنيسة هي عروس المسيح. وكانت الإدارة العادية للكنيسة تفتقر للنساء. أما الآن فهناك أمينات سرٍّ للدوائر الفاتيكانية وبالتالي لماذا لا نُشرك النساء أيضًا في انتخاب الأساقفة؟ أتحدث عن خبرة شخصيّة إنَّ أكثر التقارير نضجًا التي تلقيتها لمنح الإكليريكيين السيامة الكهنوتية كانت تلك التي قدمتها نساء الحي في الرعية التي كانوا يعملون فيها. من ثمَّ إنَّ المرأة مسؤولة عن أن تحمل قدمًا أمومة الكنيسة. لذلك، من أجل انتخاب أساقفة، من الجيد أن تكون هناك نساء يفكرن كيف يجب أن يكون الأسقف هناك. بعبارة أخرى، إن إدخال المرأة ليست نزعة نسويّة، وإنما هي عدالة، لأن المرأة قد تمَّ وضعها جانبًا على الصعيد الثقافي. “تريدين أن تفعلي شيئًا للكنيسة؟ إذهي إلى الدير”. لا. يمكنها أن تكون علمانيّة تعمل؛ وهنا في الفاتيكان ليس للرجال فقط، لا. هنا يوجد متسع لجميع المعمدين. وهذا الأمر لم أخترعه أنا، ولكنّه يأتي من السنوات العشرين أو الثلاثين الماضية، وهو يتحقق اليوم ببطء. على سبيل المثال، لمدة ثلاث سنوات، في أمانة الاقتصاد، ومجلس الاقتصاد، كان هناك ستة كرادلة وستة علمانيين، والرئيس كان كاردينالاً. في تعيين السنوات الثلاثة الماضية عينت خمس نساء ورجل، وبدأت الأمور تعمل بشكل أفضل. لأن المرأة تعرف كيف تدير الأمور بأسلوب مختلف، ولديها أسلوب في القيام بالأشياء يختلف عن أسلوبنا لأنها تفكر بشكل مختلف، ولديها “حسُّ الأمومة” الذي يجعلها مختلفة.
خبرة شخصيّة أخرى استقبلتُ في إحدى المرات رئيسة دولة، أو رئيسة حكومة، لا أتذكر جيدًا، ولكن امرأة تحكم في بلدٍ وكانت قد حلَّت نزاعًا كان من الصعب حله، وهي امرأة متزوجة ولديها أبناء، فسألتها: “أخبريني، كيف فعلتي لحلِّ هذا النزاع؟”. بقيت صامتة، ثمَّ بدأت بتحريك يديها هكذا. فنظرت إليها ولم أفهم. فأجابت: “كما نفعل نحن الأمهات عادة”. إنها طريقة أخرى لحل النزاعات والمشاكل. في الاقتصاد الجديد، مع الاقتصادات الجديدة، على سبيل المثال Mazzucato في الولايات المتحدة أو غيرها أيضًا، بدأت النساء تفتح على هذه الخطى مسارات اقتصادية أكثر إبداعًا وخصوبة. والمرأة هي أم، والأم تختلف عن الأب. إن المرأة قادرة على تدبير أمورها بنفسها. وهناك إحصائية بشكل عام، ولكن هذا مجرد فضول: من الصعب جدًا على الرجل الذي يبقى أرملًا أن يسير قدمًا بعائلته، عليه أن يتزوج مرة أخرى…. أما المرأة الأرملة فهي قادرة على أن تسير قدمًا بعائلتها. فبيد تقوم بأمر ما وباليد الأخرى تقوم بشيء… من ناحية أخرى، فإن النساء – وهذا شيء أريد أن أقوله لأنه تكريم للمرأة – لا يتخلَّينَ أبدًا عما قد يبدو أنه أمرٌ ميؤوس منه. كُنتُ اضطرُّ أحيانًا إلى الذهاب إلى بوينس آيرس، من رعيّة إلى قطاع آخر، وكانت الحافلة تمر من أمام السجن. في كثير من الأحيان، نظرًا لأنه مكان تمر فيه الحافلات، كنت أرى صف أمهات السجناء اللواتي كنَّ هناك لزيارة أبنائهنَّ. إنَّ المرأة لا تخجل بابنها، ولا تنكره. أما الآباء فلا يذهبون أبدًا. ذات مرة كان هناك امرأة تبكي في السجن، فيما كنت أزور السجناء، فذهبت إليها وقلت: لماذا تبكين؟ فنظرت إليّ وقال: “هو من لحمي ودمي”. بالطبع، كان ابنها. هذا ما تشعر به المرأة، وهذه ليست حكاية غبية، لأن المرأة قادرة على تحمل صفة الله التي هي الحنان.
أضاف الاب الأقدس مجيبًا على سؤال حول الشخصيات النسائيّة في تاريخ الكنيسة والكتاب المقدّس اللواتي ألهَمنَه وقال هناك شخصية من العهد القديم أحبها، وهي يهوديت، امرأة شجاعة، دافعت عن شعبها، وكانت قادرة على أن تقطع رأس العدو. إنها امرأة كاملة. ومريم العذراء بالتأكيد، إنها المرأة بامتياز. ففي مريم نجد القوة والخدمة والأنوثة. وعندما يقترب المرء من العذراء مريم، يجد فيها كل هذه الأنوثة من الكتاب المقدس. آخذ مريم. أما الأخرى، يهوديت فتعجبني بسبب الشجاعة التي كانت لديها. امرأتان شجاعتان. من ثم هناك نساء أخريات. لقد صدر كتاب للاهوتي إيطالي، تحت “سيدات الأعمال”، يدرس فيه جميع نساء الكتاب المقدس. وهناك نساء قويات، قويات جدا. وأخريات أكثر حيويّة مثلا دليلة على سبيل المثال.
تابع البابا فرنسيس مجيبًا على سؤال حول المسيرة السينودسيّة القائمة والإسهام الروحي الذي يقدّمه السينودس للعالم وقال هنا نحن بحاجة إلى القليل من التاريخ. في نهاية المجمع الفاتيكاني الثاني، أدرك القديس بولس السادس، أو كان يعرف ذلك وعبّر عنه، أن الكنيسة الغربية، الكنيسة اللاتينية، قد فقدت البعد السينودسي. لأنَّ الكنائس الشرقية كان لديها سينودس أما الغربية فلا. ثم أنشأ الأمانة العامة لسينودس الأساقفة لكي يبدأ الأساقفة في التعود على ذلك. بمناسبة مرور خمسين عامًا على ذلك، ألقيت خطابًا شرحت فيه ما تم القيام به والأسس اللاهوتية للسينودسيّة. كل هذا لخمس أو ست سنوات خلت. بعد ذلك، تمت استشارة جميع الأساقفة حول موضوع السينودس واقترحوا موضوعين رئيسيين: الكهنة والسينودسيّة. فاخترت السينودسية لكي أختتم التعليم حول السينودسيّة. يُعتقد أحيانًا أن السينودسية هي مثل البرلمان، حيث يقول الجميع ما يريدون. لا، السينودسية شيء آخر. أبدأ من الجانب الآخر: لا يوجد سينودس بدون حضور الروح القدس. من هي الشخصية الرئيسية في السينودس؟ الروح القدس. كيف يتمّ السينودس؟ يقول كل واحد ما يشعر به أو ما يفكر فيه، ثم يتمُّ البحث معًا عن الانسجام – هذه الكلمة مرة أخرى – من الروح القدس. أحب القديس باسيليوس لأنه يصف الروح القدس على أنه انسجام. إذا لم يكن هناك الروح القدس، فسيكون السينودس مجرّد برلمان، وبالتالي لا يمكننا أن نسميه سينودس، وإنما برلمان. يجب أن يكون لدينا هذا الموقف السينودسي للتمييز. وهذا ما تعلمته الكنيسة، بفضل القديس بولس السادس، الذي بادر بهذا كله، خلال السنوات الأربعة والخمسين أو الخمسة والخمسين والماضية.
أضاف الاب الأقدس مجيبًا على سؤال حول إن كان الإيمان يتعزز ويتوسَّع في الحوار ما بين الأديان وقال بالطبع، لأن الحوار بين الأديان ليس تحقيق للتوازن أو لكي نرى كيف يمكننا أن نتفق. إنه إصغاء: “ما رأيك؟ كيف تشعر؟” إنه سماع وجهة نظر الآخر والإصغاء إليه والإجابة عليها وإنما هو أيضًأ مسيرة نقوم بها معًا كأشخاص. في مدينتي، في الثلاثينات، كانت هناك مجموعة من الكاثوليك المنغلقين جدًا علموني أن البروتستانت سيذهبون جميعًا إلى الجحيم. وتكلّموا بالكثير من السوء عن لوثر. كنت في الرابعة من عمري عندما سمعت الكلمة المسكونية الأولى من جدتي. كنا نسير في الشارع، وعلى الرصيف المقابل كان هناك سيدتان من جيش الخلاص، ترتديان قبعتان كبيرتان. فسألتُ جدتي: “هل هما راهبتان”؟ فأجابت جدتي: “إنهما بروتستانت، ولكنهما طيبتين”. كانت أول كلمة مسكونية أسمعها في حياتي. هذا هو أن نرى أن الله يعمل من خلال الثقافات، ومن خلال التقاليد الدينية، بطريقة مختلفة. ومن خلال الحوار على الدوام. نحن بحاجة إلى الحوار، لأننا من خلال الحوار لا نضيع أبدًا.
تابع البابا فرنسيس مجيبًا على سؤال حول رغبته في الذهاب إلى كييف وموسكو وما قد يريد أن يقوله لبوتين وزيلينسكي وقال لا أعلم، لا أعلم. لقد تحدثت إلى كليهما، وكلاهما زاراني هنا من قبل. أعتقد دائمًا أنه من خلال الحوار يمكننا أن نمضي قدمًا. هل تعرف من لا يعرف كيف يتحاور؟ الحيوانات. لأنّهم غريزة خالصة. أما الحوار فهو أن تضع غريزتك جانبًا وتصغي. إن الحوار صعب؛ ولكنّه يبدأ في العائلة وإذا كان الحوار غائبًا في العائلة وكان هناك فقط صراخ وشجار فالأطفال أيضًا لن يتعلّموا الحوار. أما بالنسبة للزيارة فلا أعرف بعد، أنا في حوار بينهم فغدًا على سبيل المثال (الثاني عشر من آب) سيكون لدي مكالمة هاتفيّة في الرئيس زيلينسكي، وسنرى. في الواقع، لقد ذهب ثلاثة من ممثليّ إلى كييف: ثلاثة كرادلة. وأحدهم ذهب ثلاث مرات وبقي هناك طوال أسبوع الآلام. لقد ذهب أيضًا أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان للعلاقات مع الدول، أي المسؤول عن العلاقات الدولية. وبالتالي فقد كان حضوري هناك قويًا. أما الآن (الحادي عشر من آب) لا يمكنني أن أذهب لأنه بعد الزيارة إلى كندا تأثرت شفاء ركبتي وقال لي الطبيب: “لا، حتى الزيارة إلى كازاخستان لا يمكنك القيام بها”. لكنني على تواصل معهم، عبر الهاتف، وأفعل ما بوسعي. وأطلب من الجميع أن يفعلوا ما في وسعهم، لأننا معًا يمكننا أن نفعل شيئًا. وأنا أرافق الوضع بصلاتي وألمي. ولكن الوضع مأساوي.
أضاف الاب الأقدس مجيبًا على سؤال حول حياته اليوميّة ولماذا لم يعد يذهب إلى كاستيل غاندولفو وقال لقد قمت بتحويل كاستيل غاندولفو إلى متحف. كان هناك العديد من الأشياء هنا في متحف الفاتيكان التي لم يكن لديها مكان للعرض، وهذا المنزل الذي لم أكن لأذهب إليه أصبح الآن متحفًا. هناك أماكن للذهاب. إذا أردت، يمكنني الذهاب، لأن هناك مكانين آخرين. لكنني أواصل عطلتي هنا في القراءة والاستماع إلى الموسيقى والصلاة. أحب الأوبرا، وأسمعها غالبًا أثناء عملي. أما عن نظامي اليومي فأنا أستيقظ باكرًا عند الساعة الرابعة فجرًا وأتلو صلواتي، أحيانًا أحتفل بالقداس في ذلك الوقت أو في وقت لاحق. ثم يبدأ العمل، وفي المساء أذهب إلى الفراش عند الساعة التاسعة وعند الساعة العاشرة أطفئ الضوء.
وختم البابا فرنسيس حديثه لقناة TVI / CNN Portugal مجيبًا على سؤال حول مصدر قوّته لكي يؤمن بانتصار الخير على الشر وقال أولاً لكل عصر خيوره وشروره. ولا أجرؤ على القول إنه في هذا العصر هناك فقط أمور سيئة، لا، هناك أيضًا أمور جيدة جدًا. والذي يجذِّر إيمانه بيسوع المسيح، رب التاريخ، لا يخاف أبدًا لأنه هو رب التاريخ. إنَّ الأشياء السيئة التي تحدث الآن قد حدثت في أزمنة أخرى وإنما بطريقة مختلفة. وهذا يعني أن القمح والزؤان ينميان معًا.