أجرى قداسة البابا فرنسيس في ساحة القديس بطرس مقابلته العامة مع المؤمنين، وواصل الأب الأقدس تعليمه انطلاقا من سفر أعمال الرسل “ولَمَّا أَتى اليَومُ الخَمْسون، كانوا مُجتَمِعينَ كُلُّهم في مَكانٍ واحِد، فانْطَلَقَ مِنَ السَّماءِ بَغتَةً دَوِيٌّ كَريحٍ عاصِفَة، فمَلأَ جَوانِبَ البَيتِ الَّذي كانوا فيه، وظَهَرَت لَهم أَلسِنَةٌ كأَنَّها مِن نارٍ قدِ انقَسَمت فوقَفَ على كُلٍّ مِنهُم لِسان، فامتَلأُوا جَميعًا مِنَ الرُّوحِ القُدس، وأَخذوا يتكلَّمونَ بِلُغاتٍ غَيرِ لُغَتِهِم، على ما وَهَبَ لهُمُ الرُّوحُ القُدُسُ أن يَتَكَلَّموا” (رسل 2، 1-4). وقال البابا فرنسيس في بداية تعليمه إن الرسل في ذلك اليوم، أي خمسين يوما بعد الفصح، كانوا مجتمعين في الصلاة، وشدد قداسته على أنه لا يمكن لأحد بدون صلاة أن يكون تلميذا ليسوع، بدون صلاة لا يمكن أن نكون مسيحيين، فالصلاة هي هواء، رئة الحياة المسيحية. ذلك اليوم في العلية، التي أصبحت بيتهم يجمعهم حضور مريم أم الله، عاش التلاميذ حدثا يفوق توقعاتهم، فقد فاجأهم الله بشكل لا يقبل الانغلاق ففتح الأبواب بقوةِ ريح تُذكرنا بالروح، النفخة الأولى، وحقق الوعد بالقوة، وعد القائم قبل صعوده (راجع رسل 1، 8).
وبعد الريح، تابع البابا فرنسيس، تأتي النار التي تُذكِّرنا بالعليقة المشتعلة وبسيناء التي أعطى الله فيها الوصايا العشر (راجع خروج 19، 16-19). وذكّر الأب الأقدس بأن النار ترافق في الكتاب المقدس تجلي الله، وفي النار يسلِّم الله كلامه الحي والناجع (راجع عب 4، 12)، كما وترمز النار حسب ما تابع قداسته إلى عمل الله الذي ينير القلوب ويدفئها. وتحدث البابا فرنسيس هنا عن تكلم بطرس، الصخر الذي اختاره المسيح ليبني عليه كنيسته، فقال قداسته إن كلمات بطرس الضعيفة، التي كانت قادرة حتى على إنكار الرب، قد اكتسبت قوة بفضل نار الروح القدس وأصبحت قادرة على اختراق القلوب والتحفيز على التوبة.
تحدث البابا فرنسيس بالتالي عن تأسس الكنيسة من نار المحبة، وعن قيام العهد الجديد لا على شريعة مكتوبة على ألواح حجرية، بل على عمل روح الله الذي يجعل كل شيء جديدا. وتابع قداسته أن كلمة الرسل قد أصبحت كلمة جديدة ومختلفة ولكن مفهومة وكأنها مترجمة إلى اللغات كافة، وتحدث البابا فرنسيس هنا عن لغة الحقيقة والمحبة التي يفهمها الجميع. وواصل متحدثا عن عمل الروح القدس فقال إنه صانع الشركة وفنان المصالحة، قادر على إزالة الحواجز بين اليهود واليونانيين، بين العبيد والأحرار، ليجعل منهم جسدا واحدا. يبني الروح القدس جماعة المؤمنين في وحدة الجسد وتعدد الأعضاء، وينَمي الكنيسة مساعدا إياها على تجاوز الحدود البشرية والخطايا وأية عثرة.
ثم عاد قداسة البابا إلى كلمات بطرس أمام مَن اعتقد أن التلاميذ قد امتلؤوا من النبيذ، كلمات قرأت ما حدث في ضوء ما قيل بلسان النبي يوئيل (راجع يوء 3). وقال قداسته إن تلك العطية النبوية ليست للبعض فقط بل هي لجميع مَن يدعون باسم الرب. وتابع الأب الأقدس أن الروح القدس يحفز القلوب على تقبل الخلاص الذي يمر عبر شخص يسوع المسيح، وأن الروح القدس يُفعِّل جاذبية الله لنا بالمحبة ليجعلنا نحرك التاريخ ونطلق مسيرات تمر من خلالها الحياة الجديدة.
وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي خلال المقابلة العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس اليوم الأربعاء، متضرعا إلى الرب كي يجعلنا نختبر عنصرة جديدة توسع قلوبنا وتجعل مشاعرنا متناغمة مع مشاعر المسيح، فنُعلن بلا خجل كلمته المحوِّلة ونشهد لقوة المحبة التي تدعو إلى الحياة كل ما تلقى.
أخبار الفاتيكان