أجرى قداسة البابا فرنسيس مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس واستهلَّ تعليمه الأسبوعي بالقول بهذا التعليم نختتم سلسلة التعاليم المخصّصة للقداس الإلهي الذي نعيش فيه مجدّدًا آلام وقيامة يسوع. لقد وصلنا في التعليم الأخير إلى المناولة وصلاة ما بعد المناولة. بعد هذه الصلاة يُختتم القداس الإلهي بالبركة التي يمنحها الكاهن ووداع الشعب؛ وكما كان العمل الليتورجي قد بدأ بإشارة الصليب باسم الآب والابن والروح القدس، يُختم أيضًا باسم الثالوث.
تابع الأب الأقدس يقول مع ذلك نعرف أنّه فيما ينتهي القداس يُفتح التزام الشهادة المسيحيّة. نخرج من الكنيسة لكي “نذهب بسلام” لنحمل بركة الله في النشاطات اليوميّة وبيوتنا وبيئات عملنا واهتمامات مدينتنا الأرضيّة “ممجِّدين الرب من خلال حياتنا”. من خلال الافخارستيا يدخل الرب يسوع فينا وفي قلوبنا وأجسادنا لكي نتمكّن من أن نُعبِّر في حياتنا عن السرِّ الذي نلناه في الإيمان.
وبالتالي أضاف الحبر الأعظم يقول ننتقل من الاحتفال إلى الحياة مُدركين أنَّ القداس يجد تمامه في الخيارات الملموسة لمن يسمح لسرِّ المسيح بأن يُلزمه. لا ننسينَّ أبدًا أننا نحتفل بالإفخارستيا لكي نتعلّم أن نصبح رجالاً ونساء إفخارستيين. ماذا يعني هذا الأمر؟ يعني أن نسمح للمسيح بأن يعمل من خلال أعمالنا: أن تكون أفكاره أفكارنا ومشاعره مشاعرنا وخياراته خياراتنا. وهذا ما يعبّر عنه القديس بولس في حديثه عن تشبُّهه بيسوع: “لقد صُلِبتُ مع المسيح. فما أَنا أَحْيا بَعدَ ذلِك، بلِ المسيحُ يَحيا فِيَّ. وإِذا كُنتُ أَحْيا الآنَ حَياةً بَشَرِيَّة، فإِنِّي أَحْياها في الإِيمانِ بِابنِ اللهِ الَّذي أَحبَّني وجادَ بِنَفْسِه مِن أًَجْلي”. إنَّ خبرة بولس تنيرنا أيضًا: فبقدر ما نميت أنانيّتنا أي أن نميت ما يتعارض مع الإنجيل ومحبّة يسوع تُخلق في داخلنا فسحة أكبر لقوّة روحه.
تابع الأب الأقدس يقول بما أنَّ الحضور الحقيقي للمسيح في الخبز المقدّس لا ينتهي بالقداس، تُحفظ الإفخارستيا في بيت القربان من أجل مناولة المرضى والعبادة الصامتة للرب في سرِّ القربان المقدّس؛ إن العبادة الإفخارستيا خارج القداس، إن كان بشكل فردي أو جماعي، تساعدنا في الواقع لكي نبقى في المسيح؛ ولذلك على ثمار القداس أن تنمو في الحياة اليوميّة. في الواقع من خلال تنمية اتحادنا بالمسيح تجدد الافخارستيا فينا النعمة التي منحنا الروح القدس إياها في المعموديّة والتثبيت لكي تُصبح شهادتنا المسيحيّة صادقة.
أضاف الحبر الأعظم يقول وإذ تشعل في قلوبنا المحبّة الإلهيّة تفصلنا الإفخارستيا عن الخطيئة: “فبمقدار ما نشترك في حياة المسيح ونتقدم في صداقته، يمسي من الصعب علينا أن ننفصل عنه بالخطيئة المميتة” (التعليم المسيحي ١۳۹٥). إنَّ الاقتراب المُنتظم من المائدة الإفخارستيّة يجدّد ويعزّز ويعمِّق الرابط مع الجماعة المسيحيّة التي ننتمي إليها، بحسب مبدأ أن الإفخارستيا تصنع الكنيسة. وختامًا، تلزمنا المشاركة بالإفخارستيا تجاه الآخرين ولاسيما الفقراء إذ تُربّينا على الإنتقال من جسد المسيح إلى جسد الإخوة حيث ينتظر منا أن نعترف به ونخدمه ونكرِّمه ونحبُّه. وإذ نحمل كنز الاتحاد بالمسيح في آنية من خزف، نحن بحاجة على الدوام للعودة إلى المذبح المقدّس إلى أن نتذوّق في الفردوس بشكل كامل طوبى وليمة عرس الحمل.
وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول لنشكر الرب على مسيرة إعادة اكتشاف القداس الإلهي التي سمح لنا بالقيام بها معًا ولنسمح أن تجذبنا بإيمان متجدِّد إلى هذا اللقاء الحقيقي مع يسوع الذي مات وقام من أجلنا.
إذاعة الفاتيكان