استقبل قداسة البابا فرنسيس في القصر الرسولي المشاركين في دورة التنشئة الدولية الخامسة للمرشدين العسكريين حول القانون الإنساني الدولي، والتي تنظمها في روما من 29 حتى 31 تشرين الأول أكتوبر الدائرة الفاتيكانية المعنية بخدمة التنمية البشرية المتكاملة بالتعاون مع مجمع الأساقفة ومجمع تبشير الشعوب. وفي كلمته إلى ضيوفه أشار الأب الأقدس إلى موضوع الدورة وهو “الحرمان من الحرية الشخصية في إطار النزاعات المسلحة. رسالة المرشد العسكري”، كما ووجه الشكر إلى الكاردينال بيتر توركسون عميد دائرة التنمية البشرية المتكاملة على كلمته.
ذكّر البابا فرنسيس بعد ذلك بحديثه قبل سنوات إلى المشاركين في دورة سابقة للمرشدين العسكريين عن ضرورة نبذ تجربة اعتبار الآخر عدوا يجب القضاء عليه لا كشخص له كرامته خلقه الله على صورته، وذكّر أيضا بحثه خلال اللقاء المذكور على التذكر الدائم، حتى خلال الحروب، أن كل كائن بشري هو مقدس. وأراد قداسة البابا تجديد هذه الدعوة والتي تحمل اليوم معنى أكثر إلحاحا إزاء الأشخاص المحرومين من حريتهم الشخصية لأسباب تتعلق بالنزاعات المسلحة. وأشار في هذا السياق إلى أن السجناء خلال النزاعات المسلحة غالبا ما يكونون ضحايا انتهاكات لحقوقهم الأساسية ما بين اعتداءات وعنف وتعذيب بأشكال مختلفة ومعاملة قاسية وغير إنسانية ومهينة. تحدث البابا فرنسيس أيضا عن الكثير من المدنيين الذين يتعرضون إلى الاختطاف والاختفاء القسري والقتل، ومن بين هؤلاء هناك الكثير من الرهبان والراهبات الذين لا يُعرف عنهم شيء أو كانت حياتهم ثمن تكرسهم لله وخدمة البشر بدون تفضيل أو أحكام مسبقة. وأكد الأب الأقدس في هذا السياق صلاته من أجل جميع هؤلاء الأشخاص وعائلاتهم كي يتحلوا دائما بشجاعة السير إلى الأمام وعدم فقدان الرجاء.
ثم انتقل الحبر الأعظم إلى القانون الإنساني الدولي مذكرا بما يتضمن من قواعد من أجل حماية كرامة السجناء، وخاصة تلك المتعلقة بالقوانين التي يجب تطبيقها خلال النزاعات المسلحة الدولية. وشدد الأب الأقدس على ضرورة احترام وتطبيق هذه القواعد بصرامة نظرا لما لها من أسس أخلاقية وأهمية كبيرة من أجل حماية الكرامة البشرية في إطار النزاعات المسلحة المأساوي. وتابع قداسته أن هذا ينطبق أيضا على السجناء بغض النظر عن طبيعة وخطورة الجرائم التي يمكن أن يكونوا قد ارتكبوها، وأضاف أن احترام كرامة الشخص البشري وسلامته الجسدية لا يمكن أن يكون على أساس ما يفعل الأشخاص، بل هو واجي أخلاقي يُدعي إليه كل شخص وكل سلطة.
دعا قداسة البابا بعد ذلك المرشدين العسكريين، خلال تأدية رسالتهم في تشكيل ضمائر عناصر القوات المسلحة، إلى عدم ادخار الجهود من أجل قبول قواعد القانون الإنساني الدولي في قلوب الموكلين إلى دعمهم الرعوي. وقال لضيوفه إن ما ترشدهم هي كلمات الإنجيل “كنت سجينا فجئتم إلي” (راجع متى 25، 36). وتابع البابا أن على المرشدين العسكريين مساعدة نلك الفئة الخاصة من شعب الله الموكلة إلى عنايتهم من أجل التعرف، وانطلاقا من الإرث المشترك الذي يجمع البشر، على العناصر التي يمكنها أن تصبح جسرا ومنصة لقاء مع الجميع. وأضاف البابا أن خدام المسيح في العالم العسكري هم أيضا الخدام الأوائل للإنسان ولحقوقه الأساسية، وتحدث هنا عن المرشدين العسكريين الذين يرافقون الجنود خلال نزاعات دولية والذين هم مدعوون إلى المساعدة على فتح الضمائر أمام المحبة التي تقرب الإنسان من الإنسان، أيا كان عرق الآخر أو جنسيته، ثقافته أو دينه.
هذا وأراد البابا فرنسيس التوقف عند مرحلة سابقة ألا وهي الوقاية، والتي هي عمل تربوي مكمل لعمل العائلات والجماعات المسيحية. ويعني هذا العمل تكوين شخصيات منفتحة على الصداقة والتفهم والتسامح، الخير والاحترام إزاء الجميع، تنشئة شباب مهتمين بالتعرف على التراث الثقافي للشعوب، ناشطين من أجل نمو عائلة بشرية واحدة كبيرة. ذكّر قداسة البابا المرشدين العسكريين من جهة أخرى بأنهم يعتنون بمن يعملون في الخدمة العسكرية وذلك كي يجعلوهم، وحسب ما جاء في الوثيقة المجمعية “فرح ورجاء”، “خداما لأمن الشعوب وحريتها”.
وفي ختام كلمته خلال استقباله قبل ظهر اليوم الخميس في القصر الرسولي المرشدين العسكريين المشاركين في دورة التنشئة الدولية الخامسة حول القانون الإنساني الدولي، والتي تنظمها في روما من 29 حتى 31 تشرين الأول أكتوبر الدائرة الفاتيكانية المعنية بخدمة التنمية البشرية المتكاملة بالتعاون مع مجمع الأساقفة ومجمع تبشير الشعوب، ذكّر قداسة البابا فرنسيس بمرور 70 سنة على توقيع اتفاقية جنيف حول حماية الأشخاص خلال الحرب، وأكد قداسته لهذه المناسبة الأهمية التي يوليها الكرسي الرسولي للقانون الإنساني الدولي، كما وأعرب عن الرجاء في أن تُحترم في أية ظروف القواعد التي يتضمنها هذا القانون. أكد قداسة البابا أيضا مواصلة الكرسي الرسولي تقديم مساهمته في النقاشات والمباحثات في عائلة الأمم، ثم أوكل الحضور إلى شفاعة مريم العذراء أم الرحمة ومنحهم بركته لهم ولعائلاتهم طالبا منهم الصلاة من أجله.
أخبار الفاتيكان