تحدث البابا فرنسيس اليوم قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي عن يسوع الذي أراد أن يخلِّص المرأة الزانية أمام رغبة الكتبة والفريسيين في رجمها. وتوقف قداسته عند مغفرة الله الرحومة التي تفتح طرقا جديدا، مشددا على أهمية التوبة والوعي بكوننا خطأة.
تلا قداسة البابا فرنسيس، صلاة التبشير الملائكي، وتحدث قبل الصلاة إلى المؤمنين والحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس عن إنجيل اليوم، الأحد الخامس من زمن الصوم، والذي يحدثنا فيه القديس يوحنا عن المرأة الزانية (يو 8، 1 ــ 11). وقال البابا إن هذا الحدث يتعارض فيه تصرفان، تصرف الكتبة والفريسيين من جهة وتصرف يسوع من جهة أخرى. فالكتبة والفريسيون يريدون الحكم على المرأة لأنهم يعتبرون أنفسهم حماة الشريعة وتطبيقها بأمانة، أما يسوع فيريد أن يخلِّصها، لأنه يجسد رحمة الله الذي بالمغفرة يفدي وبالمصالحة يجدد.
ثم توقف الأب الأقدس عند هذا الحدث بالتفصيل مذكرا بأن يسوع وبينما كان يعلِّم في الهيكل أتاه الكتبة والفريسيون بامرأة أُخذت في زنًى فأقاموها في وسط الحلقة سائلين يسوع قوله في رجمها حسب ما تقضي الشريعة. وعاد قداسة البابا إلى ما كتب القديس يوحنا “وإِنَّما قالوا ذلكَ لِيُحرِجوهُ فيَجِدوا ما يَشْكونَه بِه” (6). وتابع البابا إن هدفهم كان على الأرجح أن يكون الرفض المحتمَل لرجم الزانية ذريعة لاتهام يسوع بعدم إطاعة الشريعة، أما الموافقة المحتمَلة من قِبل يسوع فستكون مبررا لإبلاغ السلطات الرومانية بأنه يعتبر نفسه مَن عليه إصدار الأحكام ولا يسمح للشعب بالمعاقبة. يريد الكتبة والفريسيون المنغلقون في الشرعوية، حسب ما واصل الأب الأقدس، حبس ابن الله في منظورهم، منظور الحكم والإدانة، إلا أن ابن الله لم يأتِ إلى العالم ليحكم ويدين بل ليخلِّص ويقدم للأشخاص حياة جديدة. ثم توقف البابا فرنسيس عند رد فعل يسوع، فذكَّر بأنه ظل صامتا بعض الوقت وانحنى يخط بإصبعه في الأرض، ثم قال “مَن كانَ مِنكُم بلا خَطيئة، فلْيَكُنْ أَوَّلَ مَن يَرميها بِحَجَر!” (7). وهكذا يسائل يسوع ضمائر هؤلاء الأشخاص، قال البابا فرنسيس، فبينما يعتبرون أنفسهم حماة العدالة يدعوهم يسوع إلى إدراك كونهم بشرا خطأة، ولا يمكنهم بالتالي منح أنفسهم حق البت في حياة أو موت مَن هم مثلهم. وهكذا انصرفوا واحدا بعد واحد يتقدمهم كبارهم سنا متراجعين عن رجم المرأة. وقال قداسة البابا إن هذا الحدث يدعو كل واحد منا إلى الوعي بأننا خطأة، وإلى أن نلقي ما نمسك في أيادينا من حجارة التحقير والإدانة والثرثرة التي نرغب أحيانا في أن نرمي بها الآخرين.
وتابع البابا فرنسيس التذكير بهذا الحدث فتوقف عند بقاء يسوع وحده والمرأة، الرحمة والبائسة حسب وصف القديس أغسطينوس. وأضاف الأب الأقدس أن يسوع هو الوحيد الذي بلا خطيئة، الوحيد الذي كان بإمكانه أن يرميها بالحجر، لكنه لم يفعل هذا لأن الرب لا يريد أن يموت الخاطئ، “بل أن يرجع عن طريقه فيحيا” (راجع حز 33، 11). وهكذا يقول يسوع للمرأة كلمات جميلة: “إِذهَبي ولا تَعودي بَعدَ الآنَ إِلى الخَطيئة” (11)، فاتحا أمامها دربا جديدة هي ثمرة الرحمة، طريقا تتطلب التزامها بألا تخطئ مجددا. وواصل قداسة البابا فرنسيس كلمته إلى المؤمنين والحجاج مؤكدا أن هذه دعوة موجَّهة لكل واحد منا، وأضاف أننا مدعوون في زمن الصوم هذا إلى الاعتراف بكوننا خطأة وطلب المغفرة من الله، وهذه المغفرة ستجعلنا، من خلال المصالحة ومنحنا السلام، نبدأ تاريخا متجددا. وختم قداسة البابا فرنسيس كلمته إلى المؤمنين والحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي اليوم الأحد مذكرا بأن كل توبة هي انفتاح على درب جديدة جميلة، متحررة من الخطيئة وسخية، ودعا قداسته إلى عدم الخوف من طلب المغفرة من يسوع لأنه يفتح لنا باب الحياة الجديدة. ثم طلب الحبر الأعظم من العذراء مريم أن تساعدنا على أن نشهد للمحبة الرحومة لله الذي، وفي يسوع، يغفر لنا ويجعل حياتا جديدة مقدما لنا دائما إمكانيات جديدة.
هذا وعقب تلاوة صلاة التبشير الملائكي حيا قداسة البابا فرنسيس المؤمنين المجتمعين في ساحة القديس بطرس والقادمين من روما ومن مناطق أخرى من العالم، مشيرا إلى وجود الكثير من طلاب المدارس. حيا الأب الأقدس أيضا عددا من الصبية الذين يستعدون لتلقي سر التثبيت داعيا إياهم إلى أن يكونوا شهودا شجعانا ليسوع وللإنجيل. ثم طلب البابا فرنسيس من الجميع ألا ينسوا أن يصلوا من أجله.
اخبار الفاتيكان