ألقى البابا فرنسيس عظة توقّف فيها انطلاقًا من القراءات التي تمّ الاستماع إليها عند ثلاث كلمات: الجبل، الصعود، الجميع. وقال إن الكلمة الأولى هي الجبل وقد تحدث عنه أشعيا متنبئا بجبل الرب، يرتفع فوق التلال وتجري إليه جميع الأمم (راجع أشعيا 2، 2). وتابع عظته مشيرا أيضًا إلى الجبل في الإنجيل، فيسوع بعد قيامته، دلّ التلاميذ، وكمكان لقاء، على جبل في الجليل، وقال الأب الأقدس يبدو أن الجبل هو المكان حيث يحب الله أن يلتقي البشرية بأسرها. إنه مكان اللقاء معنا كما يُظهر الكتاب المقدس من سيناء إلى الكرمل إلى يسوع الذي أعلن التطويبات على الجبل، وتجلّى على جبل طابور، وبذل حياته على الجلجلة وصعد إلى السماء من جبل الزيتون. وأضاف البابا فرنسيس أن الجبل، مكان اللقاءات العظيمة بين الله والإنسان، هو أيضا المكان حيث قضى يسوع ساعات وساعات في الصلاة (راجع مرقس 6، 46)، ليوحد الأرض والسماء، نحن أخوته بالآب. وتابع البابا فرنسيس عظته مشيرا إلى أننا مدعوون إلى التقرب من الله ومن الآخرين: من الله، في الصمت والصلاة والابتعاد عن الثرثرة التي تلوّث. والتقرب أيضًا من الآخرين، فمن الجبل نراهم من منظور آخر، منظور الله الذي يدعو جميع الأمم. وأضاف الأب الأقدس يقول إن الجبل يذكّرنا بأن الإخوة والأخوات لا ينبغي اختيارهم إنما معانقتهم، بالنظرة وخصوصا بالحياة. يجمع الجبل الله والإخوة في عناق واحد، عناق الصلاة. يقودنا الجبل إلى أعلى، بعيدًا عن أشياء مادية كثيرة عابرة؛ ويدعونا إلى إعادة اكتشاف الأساسي، الذي يبقى: الله والإخوة. تبدأ الرسالة على الجبل، قال البابا فرنسيس، فهناك يتم اكتشاف ما هو مهم. وأضاف: في هذا الشهر الإرسالي لنسأل أنفسنا: ما الذي يهمّ بالنسبة لي في الحياة؟
توقف البابا فرنسيس من ثم عند الكلمة الثانية “الصعود”، وذكّر بما قاله أشعيا (2، 3) “هلُّموا نصعَدْ إلى جبلِ الرب”، وإذ أشار الأب الأقدس في عظته إلى لقاء الله والإخوة، أضاف قائلا يجب ترك حياة أفقية، ومقاومة قوة جاذبية الأنانية، والخروج من الأنا. يتطلب الصعود جهدا ولكنه السبيل الوحيد لرؤية كل شيء بشكل أفضل، كما عند الذهاب إلى الجبل، ففقط من القمة تتم رؤية المنظر الأجمل، وندرك أن ذلك لم يمكن ممكنًا لولا ذاك الطريق الذي هو دائما في صعود. وكما لا يمكن أن نصعد الجبل بشكل جيد إن كنا مثقلين بالأشياء، فهكذا في الحياة أيضًا، ينبغي التخلي عما لا حاجة له. وأشار الأب الأقدس إلى أن هذا أيضًا سر الرسالة: فللانطلاق، ينبغي أن نترك. للإعلان ينبغي التخلي. وأضاف أن الإعلان الصادق ليس مصنوعا من كلمات جميلة، إنما من حياة صالحة: حياة خدمة تعرف التخلي عن أشياء مادية كثيرة تقلص القلب وتجعلنا لامبالين ومنغلقين على أنفسنا؛ حياة تجد وقتًا لله وللآخرين.
تابع البابا فرنسيس عظته متوقفًا عند الكلمة الثالثة “الجميع”، وذكّر بأنها وردت في قراءات اليوم: “جميع الأمم”، يقول أشعيا (2،2)؛ “جميع الشعوب” ردّدنا في المزمور؛ يريد الله “أن يخلُصَ جميع الناس”، يكتب بولس (1 طيموتاوس2، 4)؛ “اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم”، يدعو يسوع في الإنجيل (متى 28، 19). وأضاف البابا فرنسيس يقول في عظته إن الرب يصرّ على تكرار “الجميع”. الجميع لأن ما مِن أحد مُستبعد من قلبه، من خلاصه. الجميع لأن كل واحد هو كنز ثمين ومعنى الحياة أن نعطي للآخرين هذا الكنز. وتابع البابا فرنسيس قائلا: الصعود والنزول، المسيحي هو دائما في حركة، في خروج، وأشار إلى طلب يسوع في الإنجيل “اذهبوا”. وأضاف يقول في عظته إن المسيحي يذهب نحو الآخرين. إن الذي يشهد ليسوع يذهب للقاء الجميع. ويقول يسوع لك أيضا: “اذهب”، لا تضيّع فرصة أن تشهد! وتابع البابا فرنسيس “ما هي التعليمات التي يعطينا إياها الرب للذهاب نحو الجميع؟” وأضاف قائلا في عظته تعليم واحد، بسيط جدًا: تلمذوا. وأشار البابا فرنسيس إلى أن الكنيسة تعلن بشكل جيد فقط إذا عاشت كتلميذة. والتلميذ يتبع كل يوم المعلم ويتقاسم مع الآخرين فرح التتلمذ. لا بالاقتناص إنما من خلال الشهادة، مقدّمين بمحبة تلك المحبة التي نلناها. هذه هي الرسالة: أن نقدم هواء نقيا لمن يعيش منغمسًا في تلوث العالم؛ أن نحمل إلى الأرض ذاك السلام الذي يملؤنا فرحًا كل مرة نلتقي يسوع على الجبل، في الصلاة؛ أن نظهر بحياتنا، ومن خلال الكلمات أيضًا، أن الله يحبّ الجميع ولا يتعب أبدًا من أحد.
وفي ختام عظته مترئسًا القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس احتفالا باليوم الإرسالي العالمي، في الأحد ما قبل الأخير من تشرين الأول أكتوبر، قال البابا فرنسيس إخوتي وأخواتي الأعزاء إن كل واحد منا هو “رسالة على هذه الأرض” مذكّرا هكذا بما كتبه في إرشاده الرسولي “فرح الإنجيل”. وتابع قائلا: تشجّع، إن يسوع ينتظر منك الكثير!
أخبار الفاتيكان