ترأس البابا فرنسيس القداس في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان مع “مرسلي الرحمة”. وتخللت الاحتفال الديني عظة للبابا استهلها مشيرا إلى ما فعله الرسل بعد قيامة المسيح وصعوده إلى السماء إذ يحدثنا سفر أعمال الرسل بأن هؤلاء شهدوا بشجاعة لقيامة الرب يسوع من الموت. وأكد فرنسيس أن كل شيء بدأ من قيامة الرب يسوع، لأنه من هذه القيامة تأتّت شهادة الرسل، ومن خلالها وُلد الإيمان والحياة الجديدة لأفراد الجماعات يميّزها روح الإنجيل. ولفت البابا إلى أن القراءات في قداس اليوم تسلط الضوء على ناحيتين مهمتين: أولا الولادة الشخصية الجديدة، وثانياً الحياة الجماعية. وأشار فرنسيس إلى أنه يفكّر بالخدمة التي يقدّمها مرسلو الرحمة حول العالم وذلك بدءاً من يوبيل سنة الرحمة، وهذه الخدمة تسير في اتجاهين: إنها خدمة تجاه الأشخاص كي يولدوا مجددا من العلى، وهي أيضا خدمة للجماعات، كي تعيش بفرح وأمانة وصية المحبة.
تابع البابا فرنسيس عظته مؤكدا أن الإنجيل يذكّرنا بأن الشخص المدعو إلى الشهادة لقيامة المسيح من الموت ينبغي عليه أن يولد من العُلى. وإلا لصار مثل نيقوديمس الذي وعلى الرغم من كونه معلما في إسرائيل لم يفهم كلمات يسوع عندما قال له إن الشخص الذي لم يولد من العلى ـ أي من الروح والماء ـ لن يرى ملكوت الله. ولم يفهم نيقوديمس منطق الله، الذي هو منطق النعمة والرحمة وبحسبه يصبح كل شخص صغير كبيراً، ويصير الآخِرون أوّلين، ومن يقر بأنه مريض ينال الشفاء. وهذا الأمر يتطلب منا أن نترك المكانة الأولى أو الصدارة في حياتنا لله الآب والابن والروح القدس. وحذّر البابا فرنسيس مرسلي الرحمة من مغبة أن يعتقدوا أنهم يحتوون على كاريزما فائق الطبيعة مسلطا الضوء على ضرورة أن يكونوا كهنة بسطاء ومتواضعين ومتّزنين، قادرين على ترك أنفسهم يتجددون باستمرار بواسطة الروح القدس يحركهم هذا الروح الذي يهب حيث يشاء.
هذا ثم انتقل البابا إلى الحديث عن الناحية الأخرى للخدمة التي يقوم بها مرسلو الرحمة ألا وهي خدمة الجماعة، مشددا على أهمية أن يكونوا كهنة قادرين على رفع علامة الخلاص في صحراء هذا العالم، وهذه العلامة هي صليب الرب يسوع، كمصدر للارتداد والتجدد بالنسبة للجماعة كلها والعالم برمته. وأكد البابا في هذا السياق أن الرب القائم من الموت هو القوة التي تولد منها الشركة في الكنيسة وهذا الأمر ينسحب على البشرية كلها من خلال الكنيسة. وعلاقة الشركة هذه يصوّرها لنا سفر أعمال الرسل عندما يحدثنا عن التلاميذ الذين كانوا يعيشون بقلب واحد ونفس واحدة. في ختام عظته أكد البابا أن الكنيسة والعالم هما بحاجة اليوم إلى الرحمة كي تطغى الوحدة التي أرادها الله بواسطة المسيح على العمل السلبي للشر الذي يمكن أن يستفيد من العديد من الوسائل المتاحة أمامنا اليوم ـ مع أنها قد تكون جيدة بحد ذاتها ـ بل تُستخدم لتفصل بين الجماعات، عوضا عن توحيدها، وعبر عن ثقته وقناعته بأن الوحدة هي أقوى من الصراع كما في جاء في الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل.
إذاعة الفاتيكان