في إطار زيارته إلى المكسيك توجه البابا فرنسيس بالتوقيت المحلي إلى ولاية شياباس الجنوبية حيث احتفل بالقداس في مدينة سان كريستوبال دي لاس كازاز بحضور عدد كبير من السكان الأصليين. تخللت الاحتفال الديني عظة للبابا استهلها بكلمات صاحب المزامير “شَريعَةُ الرَّبِّ كامِلَةٌ” (مزمور 19، 8) وهي تُنعِشُ النَّفْسَ وتُعَقِّلُ البَسيط وتُفَرِّحُ القُلوب وتُنيرُ العُيون. وأكد البابا أن هذه الشريعة أعطيت لشعب إسرائيل لتسمح له بالعيش في الحرية التي دُعي إليها بعد أن اختبر العبودية وطغيان فرعون. لقد أصغى الرب إلى صراخ شعبه. إنه الله الذي يتألم إزاء الألم وسوء المعاملة والظلم في حياة أبنائه وباتت كلمته وشريعته رمزا للحرية والفرح والحكمة والنور.
بعدها تحدث البابا فرنسيس عن توق الإنسان إلى العيش بحرية ولهذا التوق نكهة أرض الميعاد، وقد كُتب هذا الشعور في قلب الإنسان وفي ذاكرة العديد من الشعوب التي تطمح إلى رؤية زمن تتخطى فيه الأخوة الاحتقار وينتصر فيه التضامن على الظلم ويُلغي فيه السلامُ العنف. وأكد البابا أننا نجد في الرب يسوع المسيح تضامن الآب السائر بجنبنا، وفيه تجسدت هذه الشريعة الكاملة واتخذت وجها كي ترافق شعبه وتدعمه. لقد صار الرب الطريق والحق والحياة كي لا تنتصر الظلمات وكي يشرق فجر جديد على حياة أبنائه. هذا ثم أشار البابا فرنسيس إلى بروز محاولات رمت إلى القضاء على هذا التوق، وإلى تخدير النفس وإقناع الأجيال الفتية بأن التغيير مستحيل والأحلام لا يمكن أن تُحقق.
وإذ ذكّر بالجرائم التي يرتكبها الإنسان بحق الطبيعة والبيئة ـ كما جاء في الرسالة العامة “كن مسبحا” ـ شدد البابا على أن التحدي البيئي الذي نعيشه ومصدره البشري يعنياننا جميعا ويحاكياننا. لذا لا يسعنا أن نغض الطرف إزاء أضخم الأزمات البيئية في التاريخ. وفي هذا السياق، اعتبر البابا أن السكان الأصليين قادرون على تقديم دروس للآخرين في مجال الحفاظ على البيئة لأنهم يعرفون كيف يعيشون بتناغم ووئام مع الطبيعة، كما سبق أن ذكّر أساقفة أمريكا اللاتينية في وثيقة أباريسيدا.
مع ذلك ـ مضى البابا إلى القول ـ عانى السكان الأصليون من التهميش والإقصاء في المجتمع ووُضعوا أحيانا في مرتبة أدنى من حيث القيم والتقاليد، كما قام البعض بتجريدهم من أرضهم من أجل تحقيق مشاريع تلوّثها. من هذا المنطلق اعتبر البابا فرنسيس أنه من الأهمية بمكان أن يقوم الجميع بفحص ضمير ويتعلموا طلب المغفرة، قائلا للسكان الأصليين إن عالم اليوم، الذي يعاني من ثقافة الإقصاء، يحتاج إليكم! كما أن الأجيال الفتية تحتاج إلى حكمة المسنين! وختم البابا عظته مشجعا الجميع على متابعة الشهادة لآلام وموت وقيامة المسيح، “شريعة الرب الكاملة التي تنعش النفس”.
إذاعة الفاتيكان