توجه البابا فرنسيس إلى بيت سان خوسي في ميدلين وهو عبارة عن بيت يأوي عددا من الأطفال المتروكين والمشردين وضحايا العنف وتديره رئاسة أبرشية ميدلين الكولومبية. كما يقيم في هذا البيت عدد من الأطفال الذين عانوا من تأثيرات الصراع المسلح في مقاطعة أنتيوكيا. التقى البابا بالمسؤولين عن بيت سان خوسيه والموظفين والأطفال المقيمين فيه. ووجه لهم كلمة قال فيها:
أيها الأخوة والأخوات الأعزاء،
أيها الأطفال الأعزاء!
يسرني أن أكون حاضراً معكم هنا في “بيت سان خوسيه”. شكرا على الضيافة التي خصيتموني بها. وأشكر المدير المونسينيور أرماندو سانتاماريا على كلماته.
أقول لكِ شكراً، يا كلاوديا يزينيا، على شهادتك الشجاعة. وإذ أصغيتُ إلى كل الصعوبات التي مرّيتِ بها، أتذكر في قلبي المعاناة المجحفة التي يواجهها العديد من الأطفال في العالم كلّه، والذين كانوا وما يزالون ضحايا بريئة لشرور البعض.
الطفل يسوع كان أيضاً ضحية الحقد والاضطهاد؛ كان يتعين عليه هو أيضاً أن يهرب مع عائلته، تاركاً بيته وأرضه ليهرب من الموت. رؤية الأطفال يتألمون توجع النفس لأن الأطفال هم المفضلون لدى يسوع. لا يمكننا أن نقبل بسوء معاملة هؤلاء وبأن يُحرموا من الحق في عيش طفولتهم بطمأنينة وفرح ومن مستقبلٍ من الرجاء.
لكن يسوع لا يتخلى عن أي شخص يتألم، خصوصاً أنتم أيها الأطفال، لأنكم المفضلون لديه. يا كلاوديا يزينيا، إلى جانب الأمور الرهيبة التي حصلت، لقد منحكِ الله خالة تعتني بك، ومستشفى اهتم بك وجماعة قدّمت لك الضيافة. إن هذا البيت هو دليل على المحبة التي يكنّها يسوع لكم، وعلى رغبته في المكوث إلى جانبكم. وهذا ما يفعله من خلال الاعتناء المحب لجميع الأشخاص الطيبين الذين يرافقونكم، ويحبونكم ويربونكم. أفكر بالقيّمين على هذا البيت وبالموظفين وبالعديد من الأشخاص الآخرين الذين أصبحوا جزءا من أسرتكم. لأن ما يجعل من هذا المكان بيتاً هو دفءُ عائلة نشعر فيها بأننا محبوبون، محميّون، مقبولون وحيث نحظى بالعناية والمرافقة.
ويسرّني جداّ أن يحمل هذا البيت اسم القديس يوسف، والبيتان الآخران اسمي “يسوع العامل” و”بيت لحم”. إنكم بين أياد طيبة! هل تذكرون ما كتب القديس متى في إنجيله، عندما روى أن هيرودوس، وفي لحظة من الجنون، قرر أن يقتل يسوع المولود حديثا؟ وكيف تكلّم الله بالحلم مع يوسف، بواسطة ملاك، وأوكل إلى رعايته وحمايته أثمن كنوزه: يسوع ومريم؟ قال متى إن يوسف، وبعد أن كلمه الملاك، أطاع فوراً وفعل ما أمره به الله: “فقام فأخذ الطفل وأمه ليلا ولجأ إلى مصر” (متى 2،14). إني واثق بأنه كما حمى القديس يوسف العائلة المقدسة ودافع عنها، هكذا يدافع عنكم ويحميكم ويرافقكم. وهذا ما يفعله أيضاً يسوع ومريم لأن القديس يوسف لا يستطيع البقاء بدون يسوع ومريم.
أيها الأخوة والأخوات، الرهبان والعلمانيون، يا من تستقبلون ـ في هذا البيت وبيوت أخرى ـ هؤلاء الأطفال وتعتنون بهم بمحبة، الذين اختبروا من صغر سنّهم المعاناة والألم، أود أن أذكّركم بواقعين بالغي الأهمية لأنهما جزء من الهوية المسيحية: المحبة التي ترى يسوع حاضراً في الصغار والضعفاء، والواجب المقدّس في حمل الأطفال إلى يسوع. في هذا الواجب، في أفراحه وأتراحه، أوكلكم أنتم أيضاً إلى حماية القديس يوسف. تعلموا منه: وليلهمكم مثاله ويساعدكم في اعتنائكم المحب بهؤلاء الصغار، الذين هم مستقبل المجتمع الكولومبي، والعالم والكنيسة، كي يتمكنوا ـ وعلى غرار يسوع نفسه ـ من النمو في الحكمة والنعمة أمام الله والبشر (راجع لوقا 2، 52). وليرافقكم وليحميكم يسوع ومريم، مع القديس يوسف، ويملئوكم حناناً ومحبة وقوة.
أعدكم بالصلاة من أجلكم كي تتمكنوا، في بيئة المحبة العائلية هذه، من النمو بالمحبة والسلام والسعادة، وهكذا تستطيعون تضميد جراح الجسد والقلب. الله لا يتخلى عنكم، إنه يحميكم ويعضدكم. والبابا يحملكم في قلبه. لا تنسوا أن تصلوا من أجلي.
إذاعة الفاتيكان