استقبل قداسة البابا فرنسيس في قاعة بولس السادس بالفاتيكان أعضاء الإتحاد الإيطالي لمكافحة الحثل العضلي وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال أعبِّر عن امتناني للنشاط السخي لشركائكم والمتطوّعين في القطاعات المحليّة داخل الإقليم الوطني في خدمة الأشخاص المصابين بالحثل العضلي أو بإضطرابات عصبية عضلية. أنتم تشكِّلون بالنسبة لهم شعاع رجاء يخفف لحظات الوحدة ويشجّعهم لمواجهة المرض بثقة وسلام.
تابع الأب الأقدس يقول إن حضوركم إلى جانب هؤلاء الأشخاص يضمن مساعدة محبّة إذ تقدِّمون لهم خدمات قيِّمة في الإطار الطبي والاجتماعي. بالإضافة إلى المساعدات الملموسة لمواجهة الحياة اليوميّة، كالتنقُّل والمعالجة الفيزيائيّة والمساعدة البيتيّة يلعب دورًا مهمًّا الدفء البشري والحوار الأخوي والحنان الذين من خلالهم تتكرّسون للمرضى الموجودين في هيكلياتكم. يمكن لإعادة التأهيل الفيزيائيّة أن تترافق مع إعادة التأهيل الروحيّة التي تقوم على تصرّفات قُرب لا لمواجهة الألم الجسدي وحسب وإنما الألم النفسي للترك والوحدة أيضًا.
أضاف الحبر الأعظم يقول من بين ميزات خدمتكم هناك المجانيّة الخالية من المصالح والإيديولوجيات. مجانيّة تترافق بالمهنيّة والاستمراريّة. يُطلب هذا الأمر من شركائكم أيضًا بالإضافة إلى فضائل أخرى كالتحفُّظ والأمانة والتنبُّه والجهوزيّة والفعّاليّة في التدخُّل والقدرة على التكهُّن بالمشاكل التي لا يعبِّر عنها المريض، والتواضع والجديّة والحزم والدقّة والمثابرة واحترام المريض في جميع متطلباته. أشجّعكم لكي تتابعوا على هذه الدرب وتصبحوا على الدوام أكثر فأكثر شهود تضامن ومحبّة إنجيليّة. إنَّ عملكم الثمين هو عامل أنسنة مميّز: بفضل أشكال الخدمة المتعدِّدة التي تعززها منظمتكم وتجسّدها يصبح المجتمع أكثر تنبُّهًا لكرامة الإنسان وتطلُّعاته المتعدِّدة.
تابع الأب الأقدس يقول من خلال النشاط الذي تقومون به يمكنكم أن تختبروا أيضًا أنّه فقط عندما نحب الآخرين ونبذل ذواتنا في سبيلهم يمكننا أن نحقق ذواتنا بشكل كامل. إنَّ يسوع، ابن الله المتجسِّد، ينقل لنا الدافع العميق لهذه الخبرة البشريّة. إذ يُظهر وجه الله الذي هو محبّة، هو يظهر للإنسان أنَّ الشريعة الأسمى لكيانه هي الحب. في حياته الأرضيّة أظهر يسوع الحنان الإلهي إذ “تَجرَّدَ مِن ذاتِه مُتَّخِذًا صُورةَ العَبْد وصارَ على مِثالِ البَشَر وظَهَرَ في هَيئَةِ إِنسان” (فيل ٢، ٧). وإذ شاركنا في موت طبيعتنا، علّمنا يسوع أيضًا أن نسير في المحبّة.
أضاف الحبر الأعظم يقول تمثّل المحبّة الشهادة الإنجيليّة الأكثر بلاغة لأنّها إذ تجيب على الحاجات الملموسة تُظهر محبّة الله الآب الذي يعتني بنا ويتنبّه لكلِّ فرد منا. وباتباعهم لهذا التعليم كتب العديد من الرجال والنساء المسيحيين عبر العصور صفحات رائعة حول محبّة القريب. أفكّر بالكهنة القديسين جوزيبيه كوتولينغو، ولويجي غوانيلا، ولويجي أوريونيه الذين تركت محبتهم بصمة قويّة في المجتمع الإيطالي. كم من الأشخاص، في أيامنا هذه أيضًا، يلتزمون لصالح القريب قد وصلوا إلى إعادة اكتشاف الإيمان لأنّهم التقوا بالمسيح، ابن الله، في المريض. هو يطلب أن نخدمه في الإخوة الأشد ضعفًا ويُحدِّث قلب من يضع نفسه في خدمتهم ويجعلهم يختبرون فرح الحب المجاني، حب هو مصدر السعادة الحقيقيّة.
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، إنَّ المساعدة التي تُقدَّم لمهمَّة جدًّا ولكنّه مهمٌّ أيضًا القلب الذي بواسطته يتمُّ تقديمها. أنتم مدعوون لتكونوا “مدرسة” حياة لاسيما للشباب إذ تساهموا في تربيتهم في ثقافة تضامن وقبول مُنفتحة على حاجات الأشخاص الأكثر هشاشة. وهذا الأمر يحصل من خلال درس الألم الكبير: درس يأتي من الأشخاص المرضى والمتألِّمين لا يمكن لأي جامعة أن تعطيه. إنَّ الذي يتألّم يفهم أكثر قيمة الحياة كعطيّة إلهيّة ينبغي تعزيزها والحفاظ عليها منذ الحبل بها وحتى موتها الطبيعي. أشكركم على التزامكم وأشجّعكم على المتابعة في مسيرتكم مع عائلاتكم وأصدقائكم. تشبّهوا بالعذراء مريم التي وإذ أسرعت لتساعد نسيبتها أليصابات أصبحت رسولة فرح وخلاص، لتعلِّمكم أسلوب المحبّة المتواضعة ولتنل لكم من الرب نعمة التعرُّف عليه في المتألمين. أسألكم أن تصلّوا من أجلي وأمنحكم فيض البركات الرسوليّة.
إذاعة الفاتيكان