“إنَّ حماية الحياة البشريّة والحفاظ على الأرض والهيكليات لا يتمّان فقط في حالات الطوارئ وإنما أيضًا وبشكل خاص في نشاطات التقدير والوقاية” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته لأعضاء الخدمة الوطنيّة للدفاع المدني
استقبل قداسة البابا فرنسيس في قاعة بولس السادس بالفاتيكان أعضاء الخدمة الوطنيّة للدفاع المدني وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة قال فيها في هذه المناسبة السعيدة التي يُبهجها قرب عيد الميلاد المجيد لا يمكن لفكرنا وصلاتنا أن ينسيا الأشخاص الذين سقطوا هذا العام ضحايا الكوارث الطبيعية وكذلك نشعر أيضًا بالرغبة في تذكّر عاملي الإنقاذ الذين بذلوا حياتهم في سبيل إنقاذ حياة الآخرين.
تابع الأب الأقدس يقول يشارك اليوم في هذا الحشد عاملو إنقاذ وأشخاص تمَّ إنقاذهم مع العديد من المواطنين العاديين الذين قرّروا أن يضعوا مهاراتهم ووقت فراغهم في خدمة الجماعة بالتزام وسخاء مؤكّدين على ملء فعاليّة نظام يشكِّل أحد الأشكال الأكثر تعقيدًا للتضامن العام من أجل حماية الأمان الفردي والجماعي. تتميّز إيطاليا بجمال المناظر وغنى الإرث التاريخي والفني. هذه العناصر الرائعة للأسف تتعايش مع أوضاع خطورة وضعف، غالبًا ما تتّحد لتخلق أوضاعًا خطيرة. إنَّ العلم والتكنولوجيا اليوم بإمكانهما أن يساعداننا على معرفة وتوقّع العديد من الظواهر الطبيعية ولكنَّ هذه التقديرات لم تنجح في أن تُترجم إلى عمليات وقاية بإمكانها أن تخفف الأذى والخسائر في الأشخاص والأمور.
هكذا أضاف الحبر الأعظم يقول لا يتوقف الدفاع المدني الإيطالي عن تذكيرنا بأنّ حماية الحياة البشريّة والحفاظ على الأرض والهيكليات لا يتمّان فقط في حالات الطوارئ وإنما أيضًا وبشكل خاص في نشاطات التقدير والوقاية وفي مرحلة العودة إلى الحالة الطبيعية التي، وبالرغم من التزام الجميع، تكون أحيانًا طويلة وأكثر تعقيدًا مما يمكن تخيّله. أنتم تعلمون جيّدًا أنّه وكما قلت في الرسالة العامة “كُن مُسبّحًا”: “لا يمكن حصر الثقافة الإيكولوجية في سلسلة من الأجوبة العاجلة والجزئية للمشاكل التي تظهر في مجال التدهور البيئي، ونفاذ المخزونات الطبيعية، والتلوث”. لكن هناك حاجة لـ “نظرة مختلفة، وفكر، وسياسة، ومنهج تعليمي، ونمط حياة وروحانية” لأنَّ “البحث فقط عن علاج تقني، كلما برزت مشكلة بيئية، يعني الفصل بين أمور هي في الواقع متصلة، وإخفاء مشاكل النظام العالمي الحقيقية والأكثر عمقًا”.
لهذه الأسباب، تابع الأب الأقدس يقول، تصبح الرسالة التربوية الرسالة الأهمّ للدفاع المدني لكي تتمَّ تنشئة كلِّ مواطن على معرفة أماكن الحياة اليوميّة فيتبنّى هكذا تصرّفات تخفّف المخاطر بالنسبة له وللآخرين. بهذا المعنى تصبح مفيدة المبادرات التي تنظّم في المدارس مع الأطفال والشباب الذين سيكونون مواطني ومتطوِّعي الغد. لذلك أقول للشباب دائمًا أن يلتزموا لكي يُحبّوا ويحموا الطبيعة وينشروا قيم التعايش ويجتهدوا لكي وبفضل التزام كل فرد نتمكن من العيش بشكل أكثر تضامنًا وبالتالي أكثر أمانًا.
أضاف الحبر الأعظم يقول إلى المؤسسات المحليّة توكَل مهمّة تنظيم الاستعمال الصحيح للأرض، وفي بعض الحالات أحيانًا من خلال السعي لتصحيح الأخطاء التي تمَّ ارتكابها في الماضي وغالبًا بسبب نقص المعرفة، والعمل على إدارتها وصيانتها بشكل دائم. مهمّ أيضًا تنظيم خطط الحماية المدنية ونشرها: إنها أدوات ضروريّة من أجل تنظيم عمليات الوقاية وتنسيق الإجابة في حالات الطوارئ.
إن الدفاع المدني، تابع الأب الأقدس يقول والذي غالبًا ما يدعى للعمل أيضًا خارج الحدود الدولية هو نظام يقوم على مبدأ التعاضد ولذلك هو يشكل أمرًا مميزًا يمكنه أن يلهم قطاعات أخرى من الحياة العامة. وبالتالي فالجلوس بسرعة حول طاولة من أجل الاتفاق على خيارات فعالة وتنفيذها، متخطين الفردانية في سبيل هدف متقاسم، يمكنه أن يصبح الأسلوب للإجابة بشكل ملائم على حاجات الشعوب في منظار الخير العام. وإذ نسير على هذه الدرب يصبح من الأسهل أن نضع نصب أعيننا لا المشاكل وحسب وإنما أيضًا ولاسيما الأشخاص ونكتشف رسالتنا كخدمة جديرة وموهِّلة للجماعة بأسرها. وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول بهذا الروح أتمنى لكم أن تحتفلوا بعيد الميلاد بفرح القلب وسلامه. ليبارككم الرب ولتحفظكم العذراء مريم وأسألكم من فضلكم أن تصلّوا من أجلي.
اذاعة الفاتيكان