الميلاد وما يطرح من تساؤلات، تواضع الله في مغارة الميلاد، وحاجة العالم إلى الجمال، كان هذا من بين ما تحدث عنه البابا فرنسيس خلال استقباله الفنانين المشاركين في الحفل الموسيقي لمناسبة عيد الميلاد في الفاتيكان.
استقبل قداسة البابا فرنسيس في القصر الرسولي الفنانين المشاركين في الحفل الموسيقي الذي سينظَّم في الفاتيكان بمناسبة عيد الميلاد مساء الغد السبت 14 كانون الأول ديسمبر. وحيا الأب الأقدس في بداية حديثه الفنانين وأيضا الكاردينال جوزيبي فيرسالدي عميد مجمع التربية الكاثوليكية الذي ينظِّم الحفل بالتعاون مع مؤسسة سكولاس أوكورنتس الحبرية ومنظمة رسالة دون بوسكو. وتابع الأب الأقدس أن الفترة التي تسبق الاحتفال بالميلاد تدعونا إلى التساؤل حول ما ننتظر في حياتنا وما هي أكبر الأمنيات في قلوبنا. وواصل أن الله هو مَن وضع في قلوبنا هذه الرغبة، هذا التعطش، وهو مَن يأتي للقائنا على هذه الدرب والتي بالطبع ليست درب الهوس بالامتلاك أو الظهور، فهو يأتي حيثما هناك تعطش إلى السلام والعدالة، الحرية والمحبة.
ذكَّر البابا فرنسيس في كلمته بعد ذلك بحديثه عن المغارة كعلامة بسيطة ورائعة لسر تجسُّد ابن الله، وذلك في الرسالة الرسولية في معنى وقيمة المغارة “علامة رائعة”، حيث كتب: “من مغارة الميلاد تظهر بوضوح الرسالة أننا لا نستطيع أن نترك أنفسنا نُخدع بالثروة وبمشاريع كثيرة سعادتها عابرة وتزول بسرعة… الله نفسه، الذي وُلد في مغارة الميلاد، يبدأ الثورة الحقيقية الوحيدة التي تمنح الرجاء والكرامة للمحرومين والمهمشين: إنها ثورة الحب والحنان. يعلن يسوع، من مغارة الميلاد، بقوة لطيفة، الدعوة إلى التقاسم مع الأخيرين، طريقًا نحو عالم أكثر إنسانية وأخُوّة، حيث لا يتم إقصاء أحد ولا تهميشه” (6). وواصل البابا متحدثا عن تواضع الله وعن عدم قدرتنا على توقع أفعاله بمقاييسنا، وأضاف الأب الأقدس أن الله يدعونا بالتالي إلى أن نكون قادرين دائما على لمس القوة في كل فعل بسيط ينطلق من الإرادة الطيبة. وقال البابا لضيوفه إن هذا ينطبق بشكل أكبر عليهم بحكم عملهم في علاقة وثيقة مع الشباب وتأثيرهم على أفكارهم وتصرفاتهم. وذكَّر في هذا السياق برسالة القديس البابا بولس السادس إلى الفنانين في 8 كانون الأول ديسمبر 1965 والتي تحدث فيها عن حاجة العالم إلى الجمال كي لا يسقط في اليأس، وذلك لأن الجمال، وكما الحقيقة، ينشر الفرح في قلوب البشر.
أكد البابا فرنسيس بعد ذلك كوننا مدعوين إلى بناء ما وصفها بقرية عالمية للتربية يشكِّل مَن يسكنها شبكة علاقات إنسانية هي الدواء الأفضل ضد كل أشكال التمييز والعزل. وفي هذه القرية، واصل الأب الأقدس، يلتقي التربية والفن من خلال لغات الموسيقى والشعر، الرسم والنحت، المسرح والسينما. وقال قداسته إن أشكال التعبير المختلفة هذه عن الإبداع البشري يمكنها أن تكون قنوات أخوّة وسلام بين شعوب العائلة البشرية، وأيضا قنوات حوار بين الأديان. هذا وأراد البابا فرنسيس توجيه الشكر في هذا السياق إلى الساليزيان وإلى مؤسسة سكولاس أوكورنتس الحبرية وذلك على ما تنفذان من مشاريع في منطقة الأمازون بروح الخدمة.
وفي ختام كلمته إلى الفنانين المشاركين في الحفل الموسيقي الذي سينظَّم في الفاتيكان بمناسبة عيد الميلاد ، والذين استقبلهم في القصر الرسولي، شكر قداسة البابا فرنسيس ضيوفه على ما يقدمون من إسهام راجيا الخير لهم في عملهم ومسيرتهم الروحية، ثم تضرع كي ترّق قلوبهم أمام سر الميلاد كي يتمكنوا من نقل هذه الرقة إلى مَن يستمع إليهم.
أخبار الفاتيكان