استقبل قداسة البابا فرنسيس في قاعة بولس السادس بالفاتيكان المشاركين في المؤتمر الوطني لكاريتاس إيطاليا بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين على تأسيسها وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال إن رسالتكم التربوية التي تهدف دائمًا إلى الشركة في الكنيسة وإلى خدمة ذات آفاق واسعة تطلب منكم الالتزام في محبة ملموسة تجاه كل كائن بشري مع خيار تفضيلي نحو الفقراء الذين من خلالهم يطلب منا يسوع المساعدة والقرب. محبة يُعبّر عنها من خلال تصرفات وعلامات تمثل أسلوبًا يتماشى مع الوظيفة التربوية لكاريتاس على جميع المستويات.
تابع الأب الأقدس يقول إزاء تحديات وتناقضات زمننا، تأتي مهمّة كاريتاس الصعبة والأساسيّة لكي تصبح خدمة المحبة التزامًا لكل فرد منا، أي أن تصبح الجماعة المسيحية ناشطة في عيش المحبة. هذا هو الهدف الأساسي لوجودكم وعملكم: أن تكونوا الدافع والروح لكي تنمو الجماعة كلها في المحبّة وتعرف أن تجد دروبًا جديدة على الدوام لكي تقترب أكثر من الأشد فقرًا وتكون قادرة على قراءة ومواجهة الأوضاع التي يعاني منها ملايين الإخوة في إيطاليا وأوروبا والعالم.
أضاف الحبر الأعظم يقول إزاء التحديات العالميّة التي تزرع الخوف والشر والمضاربات الوهميّة الماليّة – حتى على الغذاء أيضًا – والتدهور البيئي والحروب، من الأهميّة بمكان أن نسير قدمًا، معًا في عملنا اليومي، في التزام التربية على اللقاء المحترم والأخوي بين الثقافات والحضارات وعلى العناية بالخليقة من أجل “إيكولوجيّة شاملة”. أشجّعكم لكي لا تتعبوا أبدًا من أن تشجّعوا بقوة وصبر ومثابرة جماعات تملك الرغبة بالحوار، فنعيش النزاعات بأسلوب إنجيلي، بدون تجاهلها وإنما من خلال جعلها فرصًا للنمو والمصالحة: هذا هو السلام الذي ناله لنا المسيح ونحن مدعوون لحمله.
تابع البابا فرنسيس يقول أرغب بتشجيعكم أيضًا على الاستمرار في الالتزام ازاء المهاجرين. إن ظاهرة الهجرة التي تشكل اليوم أبعادًا حساسة يجب إدارتها من خلال سياسات فاعلة وبعيدة النظر، تبقى على الدوام غنى ومورد من جهات نظر مختلفة. بالتالي وبالإضافة إلى التقارب التضامني، يتوق عملكم الثمين إلى تفضيل الخيارات التي تعزز على الدوام الإدماج بين الشعوب الغريبة والمواطنين الإيطاليين من خلال تقديمه للعاملين الأساسيين الأدوات الثقافية والمهنية الملائمة لهذه الظاهرة المعقدة وخصوصيّاتها.
أضاف الحبر الأعظم يقول تصبح شهادة كاريتاس حقيقيّة وذات مصداقيّة عندما تُلزم جميع لحظات الحياة وعلاقاتها وإنما أيضًا مهدها وبيتها الذي هو العائلة، الكنيسة البيتيّة. فالعائلة هي في جوهرها “محبّة” لأن الله نفسه خلقها بهذا الشكل: إن نفس العائلة ورسالتها هما المحبّة. تلك المحبّة الرحيمة التي تعرف كيف ترافق وتميّز وتدمج أوضاع الهشاشة.
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول بثقة تامة بحضور المسيح القائم من الموت وبالشجاعة التي تأتي من الروح القدس، يمكنكم أن تمضوا قدمًا بدون خوف وتكتشفوا في التزامكم الراعوي آفاقًا جديدة على الدوام، وتعزَّزوا أساليب جديدة فتجيبون هكذا على الدوام بشكل أفضل على الرب الذي يأتي إلى لقائنا في وجوه وقصص الإخوة والأخوات الأشدَّ عوزًا. لتكن رحمتكم، في عالم اليوم المعقد، متنبّهة ومُطّلعة على الواقع، ملموسة وكفوءة، قادرة على التحليل والبحث والدراسة والتفكير؛ شخصيّة وإنما أيضًا جماعيّة، وذات مصداقيّة بفضل شهادة إنجيلية صادقة وفي الوقت عينه منظّمة لتقدّم خدمات محدّدة وموجّهة، مسؤولة وقادرة على التجدُّد ومنفتحة على الجميع وتدعوهم ولاسيما فقراء العالم وصغاره ليدخلوا بشكل فعال في الجماعة، لأنّ الفقراء هم الخيار القوي الذي يقوم به الله في سبيل كنيستنا لكي تنمو في المحبة والأمانة.
إذاعة الفاتيكان