استقبل قداسة البابا فرنسيس في القصر الرسولي في الفاتيكان رؤساء وممثلي الإتحاد اللوثري العالمي وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال يمكننا اليوم أن نتذكّر معًا، كما يعلّمنا الكتاب المقدّس، ما فعله الرب بيننا، ونتوجّه بالذكرى بشكل خاص إلى اللحظات التي طبعت بشكل مسكوني سنة الاحتفال بذكرى الإصلاح اللوثري. لقد كان مهمًّا أن نلتقي في الصلاة لأنّ عطيّة الوحدة مع المؤمنين لا تأتي من مشاريع بشريّة بل تنبت وتزهر من نعمة الله. بالصلاة فقط يمكننا أن نحرس بعضنا البعض، لأنَّ الصلاة تطهِّر وتعزِّز وتنير المسيرة وتحملنا قدمًا. الصلاة هي الوقود لرحلتنا نحو ملء الوحدة. في الواقع، إنَّ محبّة الرب التي نستقيها بالصلاة تحرِّك المحبة التي تقرِّبنا، ومن هنا يأتي صبر انتظارنا والدافع لمصالحتنا والقوة لنسير معًا قدمًا.
تابع الأب الأقدس يقول بالصلاة يمكننا في كلِّ مرّة أن نرى بعضنا بعضًا في المنظار الصحيح، منظار الآب الذي يوجّه نظره المحب إلينا بدون تفضيل أو تمييز. وفي روح يسوع الذي نصلّي من خلاله نعترف بأننا إخوة. هذه هي النقطة التي يجب علينا أن ننطلق منها على الدوام، من هنا ننظر أيضًا إلى التاريخ الذي مضى ونشكر الله لأن الإنقسامات التي أبعدتنا لعصور قد جمعتنا خلال السنوات الأخيرة في مسيرة شركة، المسيرة المسكونيّة التي أحدثها الروح القدس إذ حملنا على ترك الأحكام المسبقة القديمة.
أضاف الأب الأقدس يقول بالذاكرة المنقّاة يمكننا اليوم أن ننظر بثقة إلى مستقبل لا تُثقله التناقضات والتصورات المسبقة الماضية، مستقبل يثقِّله فقط واجب المحبّة المتبادلة، مستقبل دُعينا فيه لنميِّز العطايا المتأتيّة من مختلف التقاليد الدينيّة ونقبلها كإرث مُشترك. قبل التناقضات والاختلافات وجراح الماضي نجد واقع الحاضر المشترك والدائم لعمادنا، الذي جعلنا أبناء لله وإخوة فيما بيننا. لذلك لا يمكننا أن نسمح أبدًا أن نكون أعداء بعد الآن، وإن لم يكن بإمكاننا تغيير الماضي فالمستقبل يسائلنا ولا يمكننا تحاشي البحث عن شركة أكبر في المحبة والإيمان وتعزيزها.
تابع البابا فرنسيس يقول نحن مدعوون أيضًا لنسهر ونتنبّه إزاء تجربة التوقُّف خلال المسيرة، لأن التوقّف في الحياة الروحيّة كما في الحياة الكنسيّة هو تراجع: فالرضا والتوقّف بسبب الخوف أو الكسل والتعب أو بسبب المصالح فيما نسير نحو الرب مع الإخوة، جميع هذه الأمور هي رفض لدعوة الرب، ولنسير معًا باتجاهه لا تكفي الأفكار الصالحة بل ينبغي أن نقوم بخطوات ملموسة ونمد يدنا لبعضنا البعض، أي علينا أن نبذل حياتنا في المحبة والاهتمام بالفقراء وإخوة الرب الصغار. سيفيدنا أن نلمس جراحهم بقوّة حضور يسوع الشافي وببلسم خدمتنا.
وختم الأب الأقدس كلمته بالقول بهذا الأسلوب البسيط والمثالي والجذري نحن مدعوون اليوم بشكل خاص كي نعلن الإنجيل، الأولوية لكوننا مسيحيين في العالم. إن الوحدة المُصالَحة بين المسيحيين هي جوهريّة لهذا الإعلان: ” في الواقع، كيف يمكن إعلان إنجيل المصالحة بدون الالتزام في العمل من أجل مصالحة المسيحيّين؟” (ليكونوا واحدًا، عدد 98). خلال المسيرة يحرِّكنا ويحثّنا مثال الذين تألَّموا بسبب اسم يسوع وقد تصالحوا بشكل كامل في الانتصار الفصحي، كثيرون هم الذين يتألّمون اليوم بسبب شهادتهم ليسوع: إن بطوليّتهم الوديعة والمسالمة هي بالنسبة لنا دعوة ملحَّة لأخوّة حقيقيّة.
إذاعة الفاتيكان