تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة التبشير الملائكي مع وفود من المؤمنين في ساحة القديس بطرس، ووجه كلمة استهلها مشيرا إلى أن إنجيل هذا الأحد يقودنا مجدّدًا إلى هيكل الناصرة مدينة في الجليل حيث نما يسوع في عائلة وحيث يعرفه الجميع. وإذ كان قد تركها ليبدأ حياته العلنيّة ها هو يعود الآن للمرّة الأولى ويقدّم نفسه للجماعة المجتمعة يوم السبت في الهيكل. ويقرأ نص النبي أشعيا الذي يتحدّث عن المسيح الآتي ويعلن: “اليومَ تَمَّت هذه الآيةُ بِمَسمَعٍ مِنكُم” (لوقا 4، 21). دُهش أهل وطنه وتعجّبوا وبدؤوا يتذمّرون عليه قائلين: لماذا هذا الذي يدّعي بأنه مسيح الرب لا يصنَع هُنا في وَطَنِه كُلَّ شَيءٍ سَمِعنا أَنَّهُ جَرى في كَفَرناحوم والقرى المجاورة؟ فقال لهم يسوع: “ما مِن نَبِيٍّ يُقبَلُ في وَطنِهِ” وذكّرهم بأنبياء الماضي إيليا وأليشاع اللذين صنعا العجائب بين الوثنيين ليدينوا عدم إيمان شعبهم. فَثارَ ثائِرُ جَميعِ الحاضرين، عِندَ سَماعِهِم هَذا ٱلكَلام. فَقاموا وَدَفَعوا يسوع إِلى خارِجِ ٱلمَدينَة، وَساقوهُ إِلى حَرفِ ٱلجَبَل لِيُلقوهُ عَنهُ وَلَكِنَّهُ “مَرَّ مِن بَينِهِم وَمَضى”.
تابع الأب الأقدس يقول إن هذا النص من الإنجيلي لوقا ليس مجرّد قصة شجار بين أبناء المدينة عينها كما يحصل أحيانًا أيضًا في أحيائنا بسبب الحسد والغيرة وإنما يسلّط الضوء على تجربة يتعرّض لها الرجل المتديّن على الدوام. وما هي هذه التجربة؟ إنها تجربة اعتبار الدين استثمارًا بشريًّا وبالتالي يضع الإنسان نفسه في علاقة مع الله بحثًا عن مصالحه الشخصيّة. إن الديانة الحقيقيّة تقوم على قبول وحي إله هو أب ويعتني بجميع خلائقه حتى الأصغر والتي لا قيمة لها في أعين البشر. في هذا تكمن خدمة يسوع النبويّة: في الإعلان بأنه لا يمكن لأي حالة بشريّة أن تسبب دافعًا للإقصاء والتهميش عن قلب الآب وبأن الامتياز الوحيد في عيني الله هو غياب الامتيازات والاستسلام بين يديه.
أضاف الحبر الأعظم يقول “اليومَ تَمَّت هذه الآيةُ بِمَسمَعٍ مِنكُم” (لوقا 4، 21). هذا اليوم الذي أعلنه المسيح في ذلك اليوم، يصلح لكل زمان، ويتردد صداه لنا اليوم أيضًا في هذه الساحة ويذكرنا بآنية وضرورة الخلاص الذي حمله يسوع للبشريّة. فالله يأتي للقاء رجال ونساء جميع الأزمان والأماكن في ظروف حياتهم الملموسة التي يعيشونها. يأتي للقائنا نحن أيضًا. هو الذي يقوم بالخطوة الأولى على الدوام: يأتي إلينا برحمته ليرفعنا من غبار خطايانا؛ يأتي ليمدّ لنا يده وينهضنا من الهوّة التي أسقطنا فيها كبرياءنا، ويدعونا لقبول حقيقة الإنجيل المعزّية والسير على دروب الخير.
وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بالقول في ذلك اليوم بالتأكيد كانت مريم الأم حاضرة أيضًا في هيكل الناصرة. يمكننا أن نتصور أصداء ما جرى في قلبها لدى رؤيتها ليسوع أولاً يُنظر إليه بإعجاب ومن ثمّ يتعرّض للإهانة ويُهدد بالموت. لتساعدنا – هي التي كانت تحفظ كل شيء في قلبها المفعم بالإيمان – لنتحوّل وننتقل من إله المعجزات إلى معجزة الله يسوع المسيح.
وبعد الصلاة حيا الأب الأقدس المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس وقال نحتفل اليوم باليوم العالمي لمرضى البرص. هذا المرض وبالرغم من كونه في تراجع لا يزال وللأسف يضرب لاسيما الأشخاص الأكثر فقرًا وتهميشًا. من الأهميّة بمكان أن نحافظ على التضامن حيًّا مع هؤلاء الإخوة والأخوات الذين أقعدهم هذا المرض، وبالتالي نؤكّد لهم صلاتنا ونؤكّد دعمنا للذين يساعدونهم.
إذاعة الفاتيكان