إلتقى قداسة البابا فرنسيس عصر السبت في أبرشيّة “Soamandrakizay” مئة ألف شاب قدموا من مختلف أنحاء مدغشقر وبعد كلمة الأسقف قدّم أحد الشباب شهادته وتحدّث عن التغيير الذي أحدثته في داخله الرسالة التي قام بها مع المساجين إذ حوّلته وأغنته وغيّرت له أسلوبه في النظر إلى الآخرين. بعدها تحدّث الأب الأقدس متوجّهاً أولاً إلى الشاب الذي قدّم شهادته وقال لم تتعلّم أن تكتشف المزايا وإنما أيضًا القصص التي تختبئ خلف كل وجه وتركت جانبًا جميع الانتقادات التي تشلّ، إذ أدركت أن العديد من المساجين ليسوا هناك لأنّهم أشرار وإنما لأنهم قاموا بالخيار الخاطئ.
تابع البابا فرنسيس مكرّرًا هذا هو موقف الله تجاهنا، فهو لا يحكم علينا لأننا أخطأنا الدرب لا بل يذكّرنا على الدوام كم نحن ثمينين في عينيه. فهو لا يدعونا بخطايانا وأخطائنا ومحدوديتنا بل يدعونا بأسمائنا، لأنَّ كل فرد منا هو ثمين في عينيه. أما الشيطان وبالرغم من أنّه يعرف أسماءنا يفضل أن يدعونا مرارًا وتكرارًا بخطايانا وأخطائنا وبهذا الشكل يجعلنا نشعر أنّه وبالرغم من كل ما سنقوم به لن يتغيّر شيء أبدًا. وأصرّ الأب الأقدس في هذا السياق على الشباب لكي يكونوا في مسيرة على الدوام وفي بحث عن السعادة التي لا يمكن لأحد أن ينتزعها منا واثقين أنَّ يسوع القائم من الموت يبقى معنا ولا يتركنا أبدًا بل يدعونا وينتظرنا ليوكل إلينا رسالة مهمّة.
أضاف الحبر الأعظم يقول نعلم جميعًا وبحسب خبراتنا الشخصية أنّه بإمكاننا أن نضيع وأن نركض خلف أوهام تعطينا وعودًا وتسحرنا بفرح جذّاب وسريع، سهل وفوري ولكنها في النهاية تترك القلب والنظر والنفس في منتصف الطريق. تلك الأوهام التي عندما نكون في سنِّ الشباب تغرينا بوعودٍ تخدِّرنا وتسلبنا الحيوية والفرح وتغلقنا في حلقة بدون مخرج ومليئة بالمرارة. وحث البابا الشباب في هذا السياق قائلاً: علينا أن نتحاشى عدوى الأوهام والمرارة، وفكرة أنَّ الأمور لن تتغيّر أبدًا؛ وأضاف إنّها مرارة خطيرة تسيطر علينا عندما لا يكون لدينا حتى القليل الضروري لنحارب يومًا بعد يوم أو الفرص الفعليّة للدراسة ليست كافية؛ وعندما يغيب العمل الذي يعرقل المستقبل وعندما يسود الظلم والفقر. عندها يأتي يسوع ليقول لنا: “لا، هذه ليست الدرب…” يدعونا بأسمائنا ويقول لكل فرد منا “إتبعني!”. لا لكي يجعلنا نركض خلف أوهام وإنما لكي يحوّل كل شخص منا إلى تلميذ مرسل هنا والآن. هو أوّل من يُبطل جميع الأصوات التي تسعى لكي تسيطر عليكم وتخدّركم أو لكي تُسكتَكُم لكي لا تبحثوا عن آفاق جديدة. هو يريد أن يحوّلنا جميعًا ويجعل حياتنا رسالة.
تابع البابا فرنسيس يقول يسوع يدعو ولكنّه يطلب منا ألا نخاف من الالتزام فنتخطّى اللامبالاة ونجد أجوبة مسيحية للمشاكل اليومية. يطلب منا أن نثق ونؤمن في قدراتنا وإمكانياتنا. من جهة أخرى على التلميذ الذي يريد أن ينمو في الصداقة مع المسيح ألا يراوح مكانه ويتذمّر بل عليه أن يتحرّك ويتصرّف؛ لأنّه من خلالكم سيدخل المستقبل إلى مدغشقر والكنيسة… والرب يدعونا لكي نكون بناة للمستقبل… وأنا أدعوكم ليسأل كل فرد منكم نفسه: “هل يمكن للرب أن يعتمد علي؟ هل يمكن لشعب مدغشقر أن يعتمد علي؟ هل يمكن لوطني مدغشقر أن يعتمد علي؟
أضاف الحبر الأعظم يقول لكن من المهمّ ألا نسير وحدنا لأن الله لا يريد مغامرين منفردين، لأن العزلة هي إحدى أسوأ التجارب التي يمكننا أن نتعرّض لها. من المستحيل أن يكون المرء تلميذًا مرسلاً وحده: نحن بحاجة للآخرين لكي نحيا ونتقاسم الحب والثقة اللذين يمنحنا إياهما الرب. إن اللقاء الشخصي مع يسوع لا يعوّض بغيره ويتمُّ في الجماعة. يمكن لكل فرد منا بالتأكيد أن يقوم بأمور عظيمة ولكن معًا يمكننا أن نحلم ونلتزم في سبيل أمور لا يمكن تخيّلها! ولذلك لا يجب علينا أن ننعزل أبدًا أو أن نرغب في العمل كل بمفرده إنها إحدى أسوأ التجارب التي قد نتعرّض لها.
بعدها شجّع البابا الشباب على عيش الروابط العائلية للأخوّة والتضامن وقال لا يمكن لأحد أن يقول للآخر “لست بحاجة لك” وأضاف علينا أن نشجّع الحياة الجماعية التي بفضلها يمكننا أن نتعلّم أن نكتشف المعجزات اليوميّة. وحث الأب الأقدس الشباب في هذا السياق لكي يجيبوا بالـ “نعم” بدون مراوغة على مثال مريم لكي ينالوا نور الرجاء ويجعلوا مدغشقر أكثر فأكثر الأرض التي حلم بها الرب. إنها “نعم” الذين يريدون الالتزام وهم مستعدون للمخاطرة ويريدون المراهنة على كل شيء بدون أية ضمانات أخرى غير اليقين بأنهم حاملين للوعد. إن تلك الشابة الصغيرة قد أصبحت اليوم أمًّا تسهر على أبنائها الذين يسيرون في الحياة متعبين احيانًا ومعوزين ولكنّهم يرغبون في أن يبقى نور الرجاء متّقدًا! وخلص البابا فرنسيس إلى القول هذا ما نريده لمدغشقر ولكل فردٍ منكم ولأصدقائكم ألا ينطفئ أبدًا نور الرجاء!
أخبار الفاتيكان