بدأ قداسة البابا فرنسيس في برنامج زيارته الرسولية إلى تايلاند، الكهنة والرهبان والمكرسين والمكرسات، الإكليريكيين ومعلمي التعليم المسيحي، وذلك في رعية القديس بطرس في منطقة سام برام التابعة لمدينة بانكوك. وتحدث قداسته إليهم معربا عن سعادته لتمكنه من رؤية والإصغاء إلى والمشاركة في فرحهم، ولمـْس عمل الروح القدس فيهم. ثم وجه البابا فرنسيس الشكر للأسقف الذي رحب به ثم لراهبة كانت قد قدمت شهادة في بداية اللقاء، وأكد قداسته نمو مشاعر الامتنان لديه، خلال إصغائه إلى هذه الشهادة، للمرسلين والمرسلات، كما وتحدث عن الرغبة في أن تكون كلماته الأولى كلمات شكر إلى جميع المكرسين وذلك على خصوبة استشهادهم الصامت في أمانة وتفانٍ. وتابع قداسته أن المكرسين حتى وإن لم يروا ثمار تضحياتهم فقد كانوا وعد رجاء، ولهذا دعا البابا الجميع إلى تذكر معلمي التعليم المسيحي والمكرسين المسنين، وإلى شكر الله عليهم وعلى المسنين في جماعاتنا، وطلب إخبار المسنين الذين لم يتمكنوا من المشاركة في هذا اللقاء أن البابا يباركهم ويشكرهم كما ويطلب بركتهم أيضا.
ثم انتقل الأب الأقدس للحديث عن الدعوات مشيرا إلى أن قصة دعوة كل شخص تميزت بمن ساعده على اكتشاف وتمييز نار الروح القدس، ولهذا فمن الجميل والهام أن نشكر، ففقط حين نكون قادرين على التأمل والشكر الملموس على كل لفتات المحبة والسخاء، التضامن والثقة، وأيضا على أفعال المغفرة والصبر، التحمل والشفقة التي عوملنا بها فسنجعل الروح القدس يهبنا النسيم النضر القادر على تجديد حياتنا ورسالتنا. وإلى جانب الشكر دعا قداسة البابا الحضور إلى لمس كونهم مدعوين إلى المساعدة على تشكيل الحياة الجديدة التي يهبنا إياها الله، مدعوين إلى خصوبة رسولية وإلى الكفاح بقوة من أجل ما يرضي الله. دعا أيضا إلى طلب نعمة أن تلمس مشاعرنا ونظراتنا نبض قلب الله. وتابع البابا أن بإمكاننا جميعا التساؤل كيف يمكننا تنمية الخصوبة الرسولية، وقال إن كلا منا يمكنه طرح هذا التساؤل والإجابة عليه في داخله. وعاد قداسته إلى كلمات الراهبة التي قدمت شهادتها مذكرا بحديثها عن أن الرب قد جذبها بالجمال، حيث كان جمال صورة للعذراء بنظرتها المميزة ما دخل قلب الراهبة حاثا إياها على التعرف على مريم بشكل أكبر، لم تكن الكلمات أو الأفكار ما جذب الراهبة بل بدأ كل شيء بنظرة جميلة. وتحدث البابا بالتالي عن التفاعل مع الجمال والروعة والدهشة القادرة على فتح آفاق جديدة وإثارة تساؤلات جديدة. وأضاف قداسته أن الحياة المكرسة غير القادرة على الانفتاح على المفاجأة، على التفاجؤ كل يوم إلى جانب الفرح والبكاء، تظل في منتصف الطريق. وواصل البابا فرنسيس أن الرب لم يدعونا ليرسلنا إلى العالم كي نفرض واجبات على الأشخاص أو تحميلهم أعباء أكثر مما لديهم، بل لمقاسمة الفرح وأفق جميل جديد ومفاجئ. وذكّر قداسته في هذا السياق بكلمات البابا الفخري بندكتس السادس عشر أن الكنيسة لا تنمو بالاقتناص بل بالجذب. وواصل مذكرا بما كتب في الإرشاد الرسولي “فرح الإنجيل” عن أن التبشير بالمسيح يعني إظهار أن الإيمان به واتّباعه ليسا فقط شيئا حقا وصائبا، بل هما أيضا شيء جميل وقادر على أن يغمر الحياة برونق جديد وفرح عميق، حتى وسط التجارب. وانطلق الأب الأقدس من هنا للحديث عن ضرورة تفادي الخوف من انثقافٍ أكبر للإنجيل، وتحدث عن الحاجة إلى إيجاد أشكال جديدة لنقل الكلمة قادرة على إثارة وتحريك الرغبة في التعرف على الرب.
تحدث البابا فرنسيس بعد ذلك عن قراءته بأسف قبل اللقاء أن المسيحية بالنسبة لكثيرين في هذا البلد هي دين أجنبي، ديانة الأجانب، وتابع أن هذا يدفعنا إلى البحث بشجاعة عن طرق لإعلان الإيمان باللهجة المحلية حسب ما ذكر، مثلما تغني أم لطفلها أهزوجة. وواصل قداسته متحدثا عن منح وجه وجسد تايلاندي ما هو أكثر بكثير من الترجمة، وعن جعل أصداء الإنجيل تتردد بموسيقى هذه الأرض لتحرك نفوس أخوتنا بالجمال ذاته الذي ألهب قلوبنا. ودعا في هذا السياق الجميع إلى التضرع إلى مريم لتمنحنا حماسا جديدا كي نحمل إلى الجميع إنجيل الحياة الذي يهزم الموت، والجرأة للبحث عن طرق جديدة كي تبلغ الجميع عطية الجمال الذي لا يذبل (راجع الإرشاد الرسولي “فرح الإنجيل” 288). وواصل قداسة البابا متحدثا عن نظرة مريم التي تحثنا على أن ننظر في الاتجاه نفسه، إلى الأعلى، وعن عيون قادرة على تجاوز ما هو ظاهري لبلوغ وتبجيل الجمال الحقيقي الذي يعيش في كل شخص. وواصل البابا فرنسيس متحدثا عن نظرة تكسر الأفكار السائدة مذكرا بأن يسوع قد رأى في الخطأة والعشارين رسلا.
عاد الأب الأقدس بعد ذلك للحديث عن بداية الدعوة مشيرا إلى مشاركة الجميع في الأعمال التي يقوم بها شاب يريد عيش الإنجيل مثل زيارة المعوزين والمهمشين، اليتامى والمسنين. وتوقف البابا بالتالي عند فعل الخروج واللقاء وقال إن بإمكاننا أن نكتشف في وجوه من نلقى جمال معاملة الآخر كأخ، وأضاف البابا أنه لا يمكن فهم القداسة بعيدا عن الاعتراف الحي بكرامة كل كائن بشري. شجع الأب الأقدس بالتالي الجميع على تكريس حياتهم يوميا لخدمة يسوع في الأخوة، وتابع أن هذا يتطلب الصلاة، كما وأشار إلى أن التأمل يجعل الله يدخل في كل أمور حياتنا. أكد قداسة البابا أنه بدون صلاة تفقد حياتنا ورسالتنا المعنى والقوة والتوهج، وشدد على ضرورة البحث دائما عن فسحة كي نتذكر، في الصلاة، أن الرب قد خلَّص العالم وأننا مدعوون إلى جعل هذا الخلاص ملموسا.
وختم قداسة البابا فرنسيس كلمته خلال لقائه الكهنة والرهبان والمكرسين والمكرسات، الإكليريكيين ومعلمي التعليم المسيحي في تايلاند شاكرا إياهم على حياتهم وشهادتهم وتفانيهم بسخاء، ودعاهم إلى عدم السقوط في تجربة الإحساس بأنهم قليلو العدد، بل عليهم بالأحرى الشعور بأنهم أدوات صغيرة في يد الله الخلاقة، فهو سيكتب بحياتهم أجمل صفحات تاريخ الخلاص في هذه الأرض.
أخبار الفاتيكان