يستهل البابا فرنسيس الاثنين جولته الآسيوية الثانية في سريلانكا التي سيلتقي فيها كنيسة صغيرة تضطلع بدور همزة الوصل بين الطوائف المتناحرة، ثم يزور الفيليبين للقاء كنيسة تمثل الاكثرية الساحقة وتملك نفوذاً قوياً.
خلال هذه الرحلة السابعة خارج ايطاليا منذ انتخابه في آذار 2013، سيلتقي البابا فرنسيس من 12 إلى 19 كانون الثاني الجموع الآسيوية التي سبق ان استقبلته بحفاوة في آب الماضي في كوريا الجنوبية.
كان البابا الارجنتيني يحلم في مستهل حياته بأن يكون مرسلاً في اليابان، وابدى اهتماماً كبيراً بالصين الشيوعية المترامية الاطراف التي بدأ اليسوعيون بالتوجه اليها منذ القرن السادس عشر.
وقال المتحدث باسم الفاتيكان الاب فيديريكو لومباردي ان “هذه الرحلة الثانية الى آسيا رسالة لهذه القارة الكبيرة. من الضروري استعادة حضور البابا في هذا الجزء الكبير من العالم” الذي لم يشمله البابا بندكتس السادس عشر بزياراته.
ولا يشكل الكاثوليك إلا 3% من السكان في آسيا وليسوا اكثرية الا في الفيليبين وفي تيمور الشرقية الصغيرة.
يبدأ البابا فرنسيس (78 عاماً) الاثنين هذه الرحلة الماراتونية التي تستمر أسبوعاً ويجتاز خلالها على متن الطائرة والمروحية وسيارة بابا موبيل البابوية المكشوفة أكثر من 12 الف كلم. وتنتظر منذ الآن سيارتا بابا موبيل في سريلانكا وثلاث في الفيليبين هذا البابا الذي لا يتهيب الجموع.
سيزور البابا سريلانكا من 13 الى 15 كانون الثاني ليدعو الى المصالحة الوطنية بعد حرب اهلية دامية انتهت بسحق الجيش السريلانكي في 2009 لتمرد التاميل.
وتتزامن الزيارة مع مرحلة سياسية بالغة الدقة، مع تغلب الوزير السابق ماثريبالا سيريسينا على الرئيس القوي ماهيندا راجابكسي الذي كان يطمح لولاية ثالثة على رغم الاتهامات بالفساد والاستبداد.
وفي بلاد ما زالت منقسمة بين السنهاليين والتاميل، تضطلع الكنيسة بدور مميز لان الكاثوليك موزعون بين المجموعتين.
تبلغ هذه الزيارة ذروتها مع توجه البابا الى كنيسة ماهدو المريمية في المنطقة التاميلية التي شهدت معارك ضارية.
وفي كولومبو، سيعلن البابا قداسة اول سريلانكي هو جوزف فاز، المرسل الذي اتى من الهند اواخر القرن السابع عشر واوقف بمساعدة الملك البوذي الاضطهادات التي كان يتعرض لها الكاثوليك.
وفي بلد يضم 70% من البوذيين و12% من الهندوس و10% من المسلمين و7% من المسيحيين، من المتوقع ان يحتل الحوار بين الاديان حيزا مهما في الخطابات البابوية.
وتنتظر الفيليبين التي تبعد 4500 كلم الى الشرق ويشكل الكاثوليك 85% من سكانها، البابا الارجنتيني. واعلنت عطلة رسمية لمدة خمسة ايام في مانيلا التي تنتظر توافد جموعا غفيرة لاستقباله.
وبالاضافة الى لقاءين مع العائلات والشبان، ستبلغ الزيارة ذروتها في القداس الذي سيقام في ريزال بارك بمانيلا حيث شارك في استقبال البابا يوحنا بولس الثاني ملايين الاشخاص في 1995، وفي الزيارة التي تستمر يوما واحدا الى منطقة تاكلوبان المنكوبة.
في هذه المنطقة التي اجتاحها في تشرين الثاني 2013 الاعصار هايان، سيحتفل البابا بالقداس على مقربة من المطار ويتناول طعام الغداء مع ثلاثين من الناجين.
وسيوجه البابا نداءات تدعو الى العدالة الاجتماعية في هذا البلد الذي تتفشى فيه مظاهر اللامساواة، ويتطرق الى الكوارث الناجمة عن الاستثمار الكثيف للموارد الطبيعية.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال الكاهن الفرنسي بيار دو شارنتيناي الذي الف كتابا عن هذا البلد، “لدى الفيليبينيين ايمان شعبي قوي لكن من الضروري ان يتطابق مع الحياة الانجيلية”.
وبعيدا عن مظاهر الابهة في روما، سيشعر الفيليبيون بالارتياح مع الاسلوب الدافىء للبابا الارجنتيني.
الكاردينال مانيلا لويس انطونيو تاغلي، النجم الصاعد في مجمع الكرادلة، انتقد هذا الخريف في روما تعبيرا اوروبيا جدا عن الايمان “يسهب في الشرح” لكنه “لا يتطابق كثيرا مع الواقع”.
ومع تعيين البابا ثلاثة كرادلة اسيويين جددا من فيتنام وتايلاند وبورما للمرة الاولى، اضاف الكاردينال مانيلا “ثمة مكان للثقافة الاسيوية في الثقافة الكاثوليكية”.
الفاتيكان – أ ف ب