أجرى البابا فرنسيس صباح يوم أمس الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان واستهل تعليمه الأسبوعي بالقول: أيها الإخوة والأخوات الأعزاء لقد توقفنا في التعاليم السابقة عند كيفيّة أن الروح القدس يفيض على الدوام وبغزارة نعمه على الكنيسة. والآن، وبقوة روحه ونعمته لا يزال المسيح يدعو خَدَمةً لكي يبنوا الجماعات المسيحية كجسده، ومن بينهم يمكننا أن نميّز الخدمة الأسقفيّة. ففي الأسقف، يعاونه الكهنة والشمامسة، يحضر المسيح نفسه ويتابع اهتمامه بكنيسته مؤكدًا لها حمايته وإرشاده.
تابع الأب الأقدس يقول: في حضور وخِدمَةِ الأساقفة والكهنة والشمامسة يمكننا أن نتعرّف إلى وجه الكنيسة الحقيقيّ، في الواقع، ومن خلال هؤلاء الإخوة المختارين من الرب والمكرّسين بسرّ الكهنوت، تحقق الكنيسة أمومتها: تلدنا في المعمودية كمسيحيين وتجعلنا نولد من المسيح؛ تسهر على نمونا في الإيمان وترافقنا إلى حضن الآب لننال منه الغفران، وتحضّر لنا العشاء الإفخارستي حيث تغذينا بكلمة الله وبجسد ودم يسوع، وتلتمس لنا بركة الله وقوة روحه القدوس لتعضدنا خلال مسيرة حياتنا وتغمرنا بحنانه ودفئه لاسيما في أوقات التجربة والألم والموت.
أضاف البابا يقول: تظهر أمومة الكنيسة هذه بشكل خاص من خلال شخص الأسقف وخدمته. في الواقع، وكما اختار يسوع رسله وأرسلهم ليعلنوا الإنجيل ويرعوا قطيعه، هكذا الأساقفة، خلفائهم، قد وضعوا على رأس الجماعات المسيحية كضمانة لإيمانهم وعلامة حيّة لحضور الرب في وسطهم. نفهم بالتالي بأن الأسقفيّة ليست منصب امتياز أو وظيفة شرفيّة. فالأسقفية هي أن يضع المرء على الدوام نصب عينيه مثال يسوع الذي، وكالراعي الصالح، جاء ليَخدُم لا ليُخدَم وليَبذُلَ نفسه في سبيل خرافه. ويظهر لنا الأساقفة القديسون -وهم كثيرون في تاريخ الكنيسة- أن هذه الخدمة لا تُطلب وإنما تُقبل بالطاعة، وبأنها ليست للارتقاء وإنما للتنازل على مثال يسوع الذي “واضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب” (فيل 2، 8).
هناك عنصر ثمين آخر، تابع الحبر الأعظم يقول، وهو أنه عندما اختار يسوع الرسل ودعاهم ليكونوا معًا متّحدين كعائلة واحدة. والأساقفة أيضًا يشكّلون مجمعًا واحدًا يجتمع حول البابا الذي هو حارس وضمانة هذه الشركة العميقة التي أرادها يسوع والرسل. ما أجمل أن يعبّر الأساقفة مع الأب الأقدس عن هذه المجمعيّة الأسقفية، وقد اختبرناها مؤخرًا في الجمعية العامة للسينودس حول العائلة. لنفكر بجميع الأساقفة المنتشرين في العالم والذين، بالرغم من العيش في أماكن وثقافات وتقاليد مختلفة وبعيدة عن بعضها البعض، يصبحون فيما بينهم تعبيرًا للرابط الوثيق بالمسيح وبين جماعاتهم.
وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول: أيها الأصدقاء الأعزاء، إن هذا كلّه يجعلنا نفهم لماذا تعترف الجماعات المسيحية بالأسقف كعطية كبيرة وهي مدعوّة لتُغذي شركة عميقة وصادقة معه من خلال الكهنة والشمامسة. لا وجود لكنيسة سليمة إن لم يتّحد الشمامسة والكهنة بالأسقف، والكنيسة التي لا تتحد بالأسقف هي كنيسة مريضة. فيسوع قد أراد هذه الوحدة بين المؤمنين والأسقف، وبين الأسقف والكهنة والشمامسة أيضًا. وهذا ما يقومون به مدركين أنه من خلال الأسقف يصبح مرئيًا رباط كل كنيسة بالرسل وبكل الجماعات الأخرى المتحدة مع أساقفتها والأب الأقدس في كنيسة الرب يسوع الواحدة.