ستة آلاف مسبحة وردية باركها قداسة البابا فرنسيس أمس الخميس بعد صلاة التبشير الملائكي وهي جاهزة للانطلاق إلى سوريا حيث ستوزّع – بفضل مبادرة هيئة مساعدة الكنيسة المتألّمة – للجماعات المسيحية الممتحنة خلال سنوات الحرب القاسية هذه، وإذ توّجه الأب الأقدس إلى المؤمنين سائلاً إياهم أن يستمروا في الصلاة من أجل السلام في الشرق الأوسط قال الآن أسألكم أن ترافقوا بالصلاة ما سأقوم به: سأبارك عددًا كبيرًا من مسابح الورديّة المخصصة للإخوة في سوريا. بمبادرة من هيئة مساعدة الكنيسة المتألّمة تمّ صنع حوالي ستة آلاف مسبحة واليوم في عيد العذراء مريم الكبير هذا سأباركها ليتمَّ توزيعها في ما بعد على الجماعات الكاثوليكية في سوريا كعلامة لقربي منها ولاسيما من العائلات التي فقدت أحد أفرادها بسبب الحرب. إن الصلاة التي تُتلى بإيمان تكون قديرة! لنستمر في صلاة الوردية من أجل السلام في الشرق الأوسط والعالم بأسره.
وفي إطار حملة الصلاة “عزِّ شعبي” ستوزع في الخامس عشر من أيلول هذه المسابح التي باركها البابا فرنسيس على مسيحي سوريا الذين تم اختطاف او قتل أحد أفراد عائلاتهم خلال الحرب؛ وهذه المسابح قد صنعها مسيحيو بيت لحم ودمشق وستوزع في رعايا سوريّة عديدة بمناسبة عيد أحزان مريـم السبعـة. وخلال القداديس والتطوافات سيصلّي المؤمنون على نيّة الأشخاص الذين قُتلوا ومن أجل عائلاتهم. بالإضافة إلى المسابح سيتم أيضًا توزيع الكتاب المقدّس باللغة العربية وصلبان من خشب زيتون الأراضي المقدّسة. ونقرأ في بيان صادر عن هيئة مساعدة الكنيسة المتألّمة أنّه وفي الخامس عشر من أيلول سبتمبر المقبل أيضًا سيشارك البابا فرنسيس في هذه المبادرة مجدّدًا إذ سيبارك أيقونة الطوباوية مريم العذراء المتألّمة معزيّة السوريين والتي وهبتها له الكنيسة الأرثوذكسيّة.
وفي هذا الإطار أجرى موقع فاتيكان نيوز مقابلة مع مدير هيئة مساعدة الكنيسة المتألّمة في إيطاليا ألساندرو مونتيدورو الذي شرح الدوافع لولادة هذه المبادرة في سوريا يبدو فيها أن الحرب لم تنتهِ أبدًا. وفي جواب على سؤال حول الشعور المعاش في ساحة القديس بطرس خلال بركة المسابح قال مدير هيئة مساعدة الكنيسة المتألّمة أعتقد أن من يسمعنا يمكنه أن يفهم بشكل عفوي ما مثّلته تلك اللحظة بالنسبة لكل فرد منا والتي تميّزت بطابع روحي قوي لدى رؤيتنا للبابا أمام هذه المسابح. فمسابح الوردية هذه ستشكّل لدى عودتها إلى سوريا لحظة تعزية روحية حقيقية لهذه العائلات المسيحية – كاثوليك وأرثوذكس – والتي ولأكثر من ثمان سنوات تألمت بأشكال لا توصف. نتحدث بشكل خاص عن تلك العائلات المسيحية التي فقدت أحد أفرادها – إذ أكثر من ألفي عائلة قد فقدت أحد أفرادها خلال هذه الحرب – أو تم اختطاف أحد أفرادها ونحن نتحدث في هذا السياق عن ثمانمائة عائلة. وبالتالي أرادت هيئة مساعدة الكنيسة المتألّمة وبفضل جهوزية الأب الأقدس الرائعة أن تنظّم لهم لحظة صلاة معزّية. فبعد ثمان سنوات من الحرب في سوريا لا نجد الأزمة البشريّة وحسب، هناك أيضًا وللأسف من يقول إن النزاع قد انتهى ولكن الحرب في الواقع لم تنتهِ. وبالتالي نحن نفكر في آلامهم آملين أن تتمكّن هذه اللحظة من التعزية الروحية أن تقدم لهم بعض الدعم.
أضاف مدير هيئة مساعدة الكنيسة المتألّمة مجيبًا على سؤال حول دوافع هذه المبادرة وقال أولاً واقع أنّه ومنذ سنة تقريبًا وعلى الصعيد العالمي يبدو وكان سوريا قد اختفت. فجأة وبعد ست سنوات ونصف تقريبًا وبعد أن تحدثت جميع الصحف العالمية عن مأساة الحرب والازمة البشرية لهذا الشعب الذي تربطنا فيه علاقات وثيقة لم يعد أحد يرغب بالتحدث عن أي شيء. ولذلك التزمت هيئة مساعدة الكنيسة المتألّمة بمساعدة البابا فرنسيس لكي يتمَّ تسليط الضوء مجدّدًا على هذه الأزمة البشريّة الكبيرة. فالسوريون النازحون هم 13 مليون شخصًا أجبروا خلال هذه السنوات على ترك بيوتهم، من بينهم مليونين وثمانمائة طفل أجبروا على ترك عائلاتهم وأرضهم. إزاء هذه المأساة الكبيرة لايزال الإرهاب مستمرًّا في مدن عزيزة علينا كحلب على سبيل المثال؛ ولذلك فقد موّلت هيئة مساعدة الكنيسة المتألّمة مشاريع من أجل سوريا خلال هذه السنوات الثمانية ونحن نتحدث عن ثمانمائة وخمسين مشروعًا بالتحديد. وخلال هذه الأسابيع بالذات قد التزمنا لكي نؤمن الغذاء للعائلات في حلب ودمشق ولنؤمن العلاجات الطبية. للأسف نشعر أن هناك انخفاض في الاهتمام وبالتالي رأينا مع الأب الاقدس أنه علينا أن نعبر عن التزامنا بشكل أكبر لنساعد هذه الشعب المميز والجماعات المسيحية بشكل خاص.
تابع مدير هيئة مساعدة الكنيسة المتألّمة متحدثًا عن المشاريع والأعمال التي تلتزم بها الهيئة خلال هذه المرحلة في سوريا وقال هناك مشروعان، ونحن نلزم فيهما أيضًا سخاء المحسنين لكي نسمح لهؤلاء المسيحيين أن يعودوا إلى المناطق السوريّة الآمنة، أفكر بمدينة حمص ودمشق. وبالتالي وعلى سبيل المثال نحن ملتزمون في إعادة بناء منازلهم. أقول نحن لأنه وللأسف يشكل الحصار الاقتصادي مشكلة كبيرة بالنسبة للشعب السوري ولا يسمح لأحد آخر بأن يلتزم في هذا المجال، ولذلك هناك فقط دعم هيئات ومنظمات المساعدة. وبالتالي نحن نسعى لكي نؤمن لإخوتنا هؤلاء أوضاعًا ملائمة لعودتهم ونتابع في مساعدة الفقراء منهم الذين وبالرغم من القنابل والحرب لم يتمكّنوا من ترك البلاد؛ نحن نقدم لهم المساعدة من خلال أعمال إنسانية وأدوية وعلاجات والكهرباء التي ليست متوفرة في سوريا لجميع السكان. كذلك سنوزع هذه المسابح لأننا – وإذ توجد في سوريا هذه الكنائس الرائعة الكاثوليكية والأرثوذكسية – نعرف مدى حاجة هذه الجماعات لأن تُغذى ليس على الصعيد الإنساني والمادي وحسب وإنما أيضًا على صعيد الإيمان، ونحن هيئة مساعدة الكنيسة المتألّمة وهذا هو ما نقوم به ونقوم به بفرح كبير.
أخبار الفاتيكان