أجرى البابا فرنسيس مقابلته العامة المعتادة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان. وقال البابا إن مقطع الإنجيل الذي قرأ على مسامع الحاضرين يتحدث عن المرأة النازفة التي شفاها يسوع من مرضها، بعد أن اقتربت هذه المرأة من الرب “وقالت في نفسها: يكفي أن ألمس رداءه فأبرأ” (متى 9، 21). ولفت البابا إلى أن المرأة تصرفت على هذا النحو إذ كان يحركها إيمان عظيم، كما أن الرغبة في الشفاء حملتها على تخطي أحكام شريعة موسى إذ كانت تعتبر “نجسة” بحسب الشريعة لأنها كانت تعاني من النزيف. وكانت امرأة أقصاها المجتمع! مع ذلك شعرت أن يسوع قادر على شفائها من مرضها ومن حالة التهميش وعرفت أن الرب سيشفيها.
مضى البابا إلى القول إن يسوع قدّر إيمان هذه المرأة التي كان يتفاداها الجميع وحوّل رجاءها إلى خلاص. وأشار إلى أننا لا نعرف اسم هذه المرأة بيد أن الآيات القليلة التي تحدثت عنها وتخبرنا عن لقائها بيسوع ترسم مسيرة إيمانية قادرة على استعادة حقيقة وعظمة كرامة كل كائن بشري. ومن خلال اللقاء مع يسوع تنفتح أمام رجال ونساء كل زمان ومكان طريق التحرير والخلاص. وأوضح البابا أن إنجيل القديس متى يُخبرنا أن المرأة لمست رداء يسوع سرا وتصرفت بالسر بسبب وضع التهميش والإقصاء الذي كانت تعيش فيه. وعندما رآها يسوع، لم يوبخها ولم يطلب منها أن ترحل عنه بل على العكس نظر إليها بأعين الرحمة والحنان. لقد عرف تماما ما حصل وبحث عن اللقاء الشخصي معها وهذا ما كانت تريده المرأة النازفة.
هذا ثم لفت البابا إلى أن الإنسان الخاطئ يشعر بأنه مقصي بسبب الخطايا الكثيرة التي يرتكبها، بيد أن الرب يدعو الخاطئ إلى الاقتراب منه. هذه هي لحظة النعمة والغفران. إنها لحظة الرحمة. وأكد البابا فرنسيس أننا جميعا خطأة، بغض النظر عن حجم وكمية الخطايا التي نرتكبها. ومع ذلك يقول الرب لكل واحد منا: هيا تعالَ، أنا أغفر لك وأعانقك. هذه هي رحمة الله، علينا أن نتسلح بالشجاعة ونذهب إليه ونطلب المغفرة عن خطايانا تماما كما فعلت هذه المرأة النازفة. وبعد أن برأت هذه المرأة استعادت صحتها وعافيتها، وتحررت أيضا من التمييز الاجتماعي والديني، فعادت إلى وسط الجماعة متحررة من ضرورة التصرف في الخفاء. وذكّر البابا في هذا السياق أن الشخص المقصي يتصرف عادة في الخفاء، ودعا إلى التفكير بالمشردين اليوم وبالمصابين بداء البرص، وقال: “لنفكر بالخطأة أيضا”، مضيفا أن الرب يحررنا ويساعدنا على الوقوف على أرجلنا. وختم البابا تعليمه الأسبوعي مذكرا الجميع بأن الرب يسوع هو مصدر البركة الوحيد ومنه ينبع الخلاص لجميع البشر، ويتم قبول الخلاص بواسطة الإيمان!
وفي ختام تعليمه الأسبوعي وجه البابا تحياته إلى وفود الحجاج والمؤمنين، كما وجه تحية حارة للحجاج الناطقين باللغة العربية، وخاصة القادمين من العراق والأردن والشرق الأوسط. وقال لهم: إن معجزة الشفاء التي قام بها يسوع اليوم تؤكد لنا أنه عندما يبدأ الرجاء البشري في التبخر ويبدو كل شيء مستحيلا، فإن شمس الرجاء الإلهي تشرق للذين، وبرغم من ظلام التجربة، يحافظون على شعلة إيمانهم مشتعلة. ليبارككم الرب جميعا ويحرسكم من الشرير!
إذاعة الفاتيكان