ترأس البابا فرنسيس قداسا احتفاليا في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان من أجل راحة نفس الكرادلة والأساقفة الذين وافتهم المنية خلال العام الجاري.
استهل البابا عظته متوقفا عند مثل العذارى العشر في الإنجيل اللواتي خرجن لملاقاة العريس، ولفت إلى أن المؤمن مدعو إلى الخروج، الخروج من رحم الأم ومن البيت الذي وُلد فيه، الخروج من الطفولة إلى سن الشباب ثم سن البلوغ، لغاية الخروج من هذا العالم. وهذا ما ينبغي أن يفعله أيضا خدام الإنجيل الذين يتعين أن يخرجوا من بيئتهم إلى البيئة حيث تدعوهم الكنيسة. وأضاف البابا أن اللقاء مع الرب الذي أحب الكنيسة ووهب نفسه من أجلها، كما يقول القديس بولس في رسالته إلى أهل أفسس، يعطي معنى وتوجّهاً للحياة. ويمكن أن يُحكم على حياة الإنسان من النتيجة التي آلت إليها، تماما كما يُحكم على الزرع من الثمار. فالحياة هي مسيرة نحو ملاقاة العريس، وهي فترة زمنية مُنحت لنا كي ننمو في الإيمان.
وشجع البابا المؤمنين على أن يطرحوا عن أنفسهم السؤال التالي: هل نحن نستعد لملاقاة العريس؟ وأكد في هذا السياق أن انتظار قدوم العريس هو أساس وغاية خدمة الإنجيل، على الرغم من كل الانشغالات التي ترافق تلك الخدمة. لا بد أن يكون المحور قلباً يحب الرب. وبهذه الطريقة – تابع فرنسيس يقول – يمكننا أن نتفهم ما قاله القديس بولس الرسول في رسالته الثانية إلى أهل كورنتوس: “ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي تُرى، بل إلى التي لا تُرى. لأن التي تُرى وقتية، وأما التي لا تُرى فأبدية”. لذا ينبغي ألا نوجّه الأنظار إلى الأمور الأرضية بل يجب أن ننظر أبعد من ذلك. لا بد من الإصغاء إلى صوت العريس الذي يدعونا إلى النظر للرب الذي يأتي ليجعل من كل نشاط استعدادا للعرس.
ومثل الإنجيل يشدد على أن العنصر الأهم ليس اللباس، أو المصابيح، إنما الزيت المحفوظ في أوان صغيرة. وأكد البابا أن هذا الزيت ليس ظاهراً للعيان، ما يعني أن ما يهم الرب ليس المظهر الخارجي إنما القلب. فما يبحث عنه العالم من جاه وسلطة ومظاهر ومجد كلها أمور زائفة، تزول دون أن تترك شيئا. وينبغي على الإنسان أن يبتعد عن الأمور الأرضية ليهيئ نفسه للسماء. لذا من الأهمية بمكان أن يُقال “لا” لثقافة التبرّج التي تعلمنا كيفية الاعتناء بالمظهر الخارجي. بل يجب أن ننقي القلب، وما في داخل الإنسان، وما هو ثمين في عيني الله.
وتطرق البابا إلى ميزة أخرى للزيت الذي ينير عندما يحرق ذاته، وهكذا حياة الإنسان تشع النور عندما تتهالك، فسر العيش هو العيش في سبيل الخدمة. وهكذا يتجاوب الإنسان مع محبة الله، وهذا التجاوب يمر عبر المحبة الحقيقية، ووهب الذات والخدمة. وثمة ميزة ثالثة لهذا الزيت، ألا وهي التحضير، إذ ينبغي أن يُحضر هذا الزيت مسبقاً، وبما أن العذارى الجاهلات لم تكن مستعدات مسبقاً بقين خارج العرس. ويتعين علينا اليوم أن نستعد مسبقاً لهذا العرس، سائلين الرب أن يمنحنا نعمة تغذية هذا الاستعداد بشعلة المحبة وعدم الاستسلام للقنوط والكسل.
في ختام عظته قال البابا إنه فيما نصلي على نية الكرادلة والأساقفة الذين رحلوا خلال هذا العام نسأل شفاعة من عاشوا بعيدا عن الأضواء، وخدموا من صميم القلب، واستعدوا يوميا للقاء مع الرب. ولفت فرنسيس إلى أن هؤلاء الأشخاص كثيرون مذكرا بأن الحياة التي تشبعت من محبة الله وتمرست في المحبة تكون جاهزة لدخول بيت العريس.
فاتيكان نيوز