دعا البابا فرنسيس أمس دولاً مثل الصين وفيتنام لا تقيم “علاقات كاملة” مع الفاتيكان، الى الموافقة على تحقيق ذلك باستجابة عرضه إجراء “حوار” محترم بين الثقافات.
أمام 80 أسقفاً من 35 دولة آسيوية تجمعوا في مدينة هايمي الكورية الجنوبية برئاسة مطران بومباي الكاردينال أوسوالد غراسياس، تحدث البابا طويلا عن رغبة الكنيسة في إقامة “حوار” بين ثقافات المنطقة بتنوعها وتعدديتها.
وفي القداس الذي أحياه أمام قصر هايمي، كرر شعار هذا التجمع الكبير “يا شباب آسيا، استيقظوا، مجد الشهداء يلمع فيكم”. وقال إن “شهداء كوريا والشهداء الآخرين في آسيا، سلموا أجسادهم الى مضطهديهم. نستطيع ان نواجه تحدي أن نكون تلامذة المسيح اليوم في هذه الظروف”.
ومن غير ان يسمّي الصين أو فيتنام، مد البابا يد الحوار إليهما والى دول أخرى لا تقيم علاقات ديبلوماسية مع الفاتيكان. ففي حضور اثنين من الكرادلة الصينيين اللذين أتيا من هونغ كونغ، أمل الحبر الأعظم، و”في إطار هذا الانفتاح على الآخرين، ألا تتردد بلدان قارتكم التي لم يقم معها الكرسي الرسولي بعد علاقات كاملة، في تشجيع حوار يستفيد منه الجميع”. وأوضح مرتجلاً أنه لا يتحدث “فقط عن حوار سياسي، بل عن حوار أخوي أيضاً”، ذلك أن على هذه البلدان أن تدرك ان “هؤلاء المسيحيين لم يأتوا مثل غزاة فاتحين”. واضاف أن “الكنيسة لا تدعو الناس الى اعتناق المسيحية بالتبشير، بل تجتذبهم إليها”، مستشهداً بسلفه البابا بينيديكتوس الـ16.
وأوصى الكنيسة بأن تكون “متنوعة وخلاقة في شهادتها”، ذلك أن “التحدي هو ألا يقتصر عملنا على الاستماع الى الكلمات التي يقولوها الآخرون، انما فهم الرسالة التي لم يقولوها عن تجاربهم وآمالهم وتطلعاتهم. واذا لم تشأ رسالتنا أن تكون مناجاة، يجب ان يحصل انفتاح بالعقل والروح لقبول الأشخاص والثقافات”.
ودعا البابا كذلك الى مسيحية راسخة الجذور، معتبراً أن الإيمان، قبل كل شيء، مهدد بالمادية والعادات البورجوازية. وحض الكنيسة على التمسك بالأصول والتقاليد، وأن “تكون خلاقة في شهادتها بفضل الحوار والانفتاح على الجميع”.
ومساء طالب في ختام اليوم الآسيوي للشبيبة الكاثوليكية في قداس احتفالي، الشباب بأن “يستيقظوا ويدافعوا عن القيم المسيحية للمجتمع المعاصر” حتى لو عرضوا حياتهم للخطر.
وأفاد الناطق باسم الفاتيكان الأب فيديريكو لومباردي أن البابا فرنسيس عمد الكوري الجنوبي لي هو-جين، وهو والد احدى ضحايا حادث غرق العبارة في 16 نيسان والذي أودى بـ 300 شخص. قرر الرجل اعتماد اسم فرنسيس تبركاً بالبابا، وقد وضع الحبر الأعظم شارة صفراء على ردائه تضامناً مع ذوي الضحايا.
والدول الآسيوية التي لا تقيم علاقات مع الفاتيكان هي الصين وكوريا الشمالية وفيتنام وأفغانستان وبوتان وبروناي ولاوس وميانمار.
ويذكر أنه عندما سافر البابا من روما إلى سيول الخميس، سمحت السلطات الصينية لطائرته بعبور أجوائها. وكانت تلك المرة الأولى يسمح فيها لبابا بالتحليق في الأجواء الصينية خلال جولاته الآسيوية. وكان البابا سابقاً يوحنا بولس الثاني مُنع من ذلك. وقد قطعت الصين علاقاتها مع الفاتيكان عام 1951 حين استولى الحزب الشيوعي على السلطة.
ورداً على خطوة بيجنيغ، وجّه البابا تحياته التقليدية إلى حكومات البلدان التي يمر في أجوائها، إلى السلطات الصينية. وردت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشونييغ ما إن بلادها “كانت صادقة على الدوام في الرغبة في تحسين العلاقات مع الفاتيكان، وقد اتخذت خطوات إيجابية في هذا المجال”.
النهار