استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم الاثنين في الفاتيكان أعضاء معهد لاهوت الحياة المكرسة Claretianum ووجه لهم خطاباً حثهم فيه على اتباع الرب والاعتناء بالحياة الجماعية وعيش التنوع الثقافي كمسيرة أخوة ورسالة، وتعزيز اللقاء بين أجيال مختلفة في إطار الحياة المكرسة والكنيسة والمجتمع.
استهل البابا كلمته مشيرا إلى أن ضيوفه يحتفلون بالذكرى السنوية الخمسين لتأسيس معهدهم، موضحا أنه خلال النصف قرن المنصرم، قدم المعهد خدمة قيمة تماشيا مع روح القديس أنطونيو ماريا كلاريت الذي التزم في دعم وتعزيز الحياة المكرسة بكافة أشكالها. وأضاف أن إسهام المرسلين الكلاريتان وسط العائلات الرهبانية من خلال المرافقة الروحية والتنوير العقائدي وأيضا الاستشارات القانونية معروف في العالم كله، وهذا ما تشهد له المنشورات العديدة التي يصدرها المرسلون منذ أكثر من مائة سنة، ما ترك بصمة على ما أصبحت اليوم دائرة معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية.
تابع البابا خطابه قائلا إنه بعد أعمال المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني تأسس معهد “كلاريتيانوم”، وانتشر في بلدان عدة مساهما في تحقيق فهم أفضل للاهوت الحياة المكرسة، ومسلطا الضوء على الديناميكيات المسيحانية والتاريخية والقانونية. هذا بالإضافة إلى الإسهام في مجال العلوم الإنسانية، ما أعطى وجهاً أكثر إنسانية للحياة المكرسة.
وقال البابا إنه يرفع الشكر على التعابير المتنوعة لنشاط المعهد، والتي ساعدت الأشخاص والجماعات، من بينها تنظيم دورات دراسية، ومؤتمرات وغيرها. وهذه الأنشطة تتم في بلدان عدة شأن المكسيك، بولندا، المملكة المتحدة وإندونيسيا، كما أن حضور المرسلين جلي جداً في الكنائس المحلية وفي مجالس الرؤساء العامين في مختلف أنحاء العالم. وعبر فرنسيس عن امتنانه للحاضرين على مساهمتهم في نشر تعاليم الكنيسة والبابا والدوائر المعنية بالحياة المكرسة.
تابع الحبر الأعظم قائلا إنه في هذا الزمن الذي تريد أن تعيش فيه الكنيسة بزخم دعوتها السينودسية، طُبعت خدمة المرسلين بالرغبة في تطبيق ما كان مهماً بالنسبة للقديس أنطونيو ماريا كلاريت. ولفت إلى أن المعهد حافظ على علاقات الشركة مع الكرسي الرسولي، ورعاة الكنائس الخاصة ومجالس الرؤساء العامين، وعمل أيضا على مقاسمة الخدمة مع العديد من الرهبان والراهبات والكهنة والمؤمنين العلمانيين.
وشجع البابا ضيوفه في هذا السياق على الاستمرار في خدمة الحياة المكرسة بروح القديس كلاريت، مشددا على أهمية هذه الحياة بالنسبة للكنيسة والعالم. كما أن الإسهام الذي يقدمه المكرسون هو شهادة للرب، ولا بد أن تكون أدريتهم أماكن للضيافة والتسبيح والشكر، وحيث تنمو الرغبة في عيش روح التطويبات، بالإضافة إلى نمو الخدمة حيال الفقراء وتعزيز التضامن والأخوة والرسالة.
لم تخلُ كلمات البابا فرنسيس من الإشارة إلى مشكلة النقص في الدعوات والشيخوخة التي تعاني منها اليوم الحياة المكرسة، وحذر من مغبة الاستسلام للتشاؤم لأن هذا الأمر يقضي على الإيمان، مشددا على أن الرب يعضدنا ويدعونا إلى الأمانة والخصوبة. كما لا بد أن يثبت المكرسون في كلمة الرب وفي تاريخ وإبداع المؤسسين كي يتمكنوا من العيش برجاء.
بعدها أكد البابا أنه يدرك التحديات العديدة التي يواجهها المكرسون في زماننا الحاضر ودعا ضيوفه إلى الالتزام في اتباع الرب والاعتناء بالحياة الجماعية وعيش التنوع الثقافي كمسيرة أخوة ورسالة، وتعزيز اللقاء بين أجيال مختلفة في إطار الحياة المكرسة والكنيسة والمجتمع. كما شجع الحاضرين على البحث دوماً عن دروب جديدة لخدمة الرب وشعب الله، قائلا: لا تتعبوا من الذهاب إلى الحدود، حتى إلى حدود الفكر، ولا تتعبوا من فتح دروب جديدة ومرافقة الآخرين وأنتم راسخون في الرب كي تكونوا جريئين في رسالتكم.
هذا ثم ذكر الحبر الأعظم ضيوفه بأن البابا الراحل يوحنا بولس الثاني حذّر من مغبة التقليل من أهمية الدراسة، وإهمال اللاهوت والتأمل والعلوم، لأن هذا الأمر يفقر عمل الرسالة ويغذي السطحية. وشكر فرنسيس الحاضرين على اهتمامهم الدؤوب في الدراسة والبحوث. ثم تطرق البابا إلى الفقر الإنجيلي، كالذي عاشه الرب، موضحا أن المكرسين مدعوون إلى المشاركة في هذا الفقر، وإلى المكوث إلى جانب الفقراء، وأكد في الختام إنه يمكن ملاقاة المسيح من خلال الجسد الجريح لكل فقير. هذا ثم منح البابا ضيوفه بركاته الرسولية طالباً منهم أن يصلوا من أجله.