تابع الاب الأقدس يقول لقد عبرت منذ فترة لأساقفة إيطاليا عن قلقي بأنّه وفي بعض المناطق يشعر كهنتنا بأنهم يتمُّ الاستهزاء بهم وتجريمهم بسبب جرائم لم يرتكبوها وقلت لهم إنه عليهم أن يجدوا في أسقفهم صورة الأخ الأكبر والأب الذي يُشجّعهم خلال هذه الأوقات الصعبة ويحفّزهم ويعضدهم في مسيرتهم. وبالتالي كأخ كبير وأب أرغب أنا أيضًا في أن أكون قريبًا منكم، أولاً لكي أشكركم باسم شعب الله المقدّس والأمين على كل ما يناله منكم وأن أُشجعكم بدوري على تجديد تلك الكلمات التي قالها الرب بحنان يوم سيامتنا والتي تشكّل المصدر لفرحنا: “لا أَدعوكم خَدَماً بعدَ اليَوم… فَقَد دَعَوتُكم أَحِبَّائي” (يوحنا ١٥، ١٥).
أضاف الحبر الأعظم يقول لقد سمعنا بوضوح خلال الأزمنة الأخيرة الصرخة الصامتة والمجبرة على أن تبقى صامتة للعديد من إخوتنا ضحايا سوء استعمال السلطة والضمير والاعتداءات الجنسية من قبل كهنة. وكما تعلمون نحن ملتزمون بقوّة في القيام بالإصلاحات الضرورية لإعطاء دفع من الجذور لثقافة تقوم على العناية الراعوية لكي لا تتمكّن ثقافة الاستغلال من أن تجد المجال لكي تنمو أو لكي تستمر. ليست بالمهمّة السهلة وهي تتطلب التزام الجميع. وإن كان الإغفال والإهمال قد تحولا في الماضي إلى شكل من أشكال الإجابة، نريد اليوم أن يصبح الارتداد والشفافية والصدق والتضامن مع الضحايا أسلوبنا في صنع التاريخ كذلك نريد أن تساعدنا جميع هذه الأمور لنكون أكثر تنبُّهًا إزاء جميع الآلام البشريّة.
تابع البابا فرنسيس يقول هذا الألم يؤثرّ بالكهنة أيضًا وقد لمست هذا الامر خلال زياراتي الراعوية العديدة في أبرشيّتي كما في الأبرشيات الأخرى حيث تمكّنت من ألتقي وأحاور الكهنة بشكل شخصي. لكن بدون أن نتجاهل أو نقلل من قيمة الأذى الذي سببه البعض من إخوتنا، سيكون من الظلم ألا نعترف بالعديد من الكهنة الذين وبشكل دائم وصادق يقدّمون ذواتهم وما يملكونه من أجل خير الآخرين ويعيشون أبوّة روحيّة تعرف كيف تبكي مع الذين يبكون؛ كثيرون هم الكهنة الذي يجعلون من حياتهم مشروع رحمة في مناطق وأوضاع قاسية، بعيدة أو مبعدة وعلى حساب حياتهم. أعترف بما تقومون به وأشكركم على شجاعتكم ومثالكم.
أضاف الأب الأقدس يقول أنا مقتنع أنّه بقدر ما نكون أمناء لمشيئة الله، سيجعلنا زمن التطهير الكنسي الذي نعيشه أكثر فرحًا وبساطة، وفي المستقبل القريب سيحمل هذا الزمن ثمارًا وافرة. لا نفقدنَّ الشجاعة! إنَّ الرب يطهّر عروسته ويعيدنا إليه. هو يسمح لنا باختبار المحن لكي نفهم أننا تراب بدونه. في هذا السياق سيساعدنا اليوم أن نعيد قراءة الفصل السادس عشر من النبي حزقيال. هذا هو تاريخ الكنيسة. ويمكن لكل فرد منا أن يقول هذه هي قصّتي، وفي النهاية، ومن خلال عارك سوف تبقى الراعي، وتوبتنا المتواضعة التي تقف صامتة بين الدموع إزاء فظاعة الخطيئة وعظمة مغفرة الله التي لا تُسبر، تصبح نقطة البداية في قداستنا.
تابع الحبر الأعظم يقول الدعوة، أكثر من خيارنا، هي جواب على دعوة مجانية من الرب. ما أجمل أن نعود باستمرار إلى تلك النصوص الإنجيلية التي تُظهر لنا يسوع الذي يصلي ويختار ويدعو “لِكَي يَصحَبوه، فيُرسِلُهم يُبَشِّرون” (مرقس ٣، ١٤). أريد ان أُذكِّر هنا بمعلّم كبير في الحياة الكهنوتية في بلدي الأم، الأب لوسيو خيرا الذي وغذ كان يتحدث إلى مجموعة من الكهنة خلال مرحلة صعبة في أمريكا اللاتينية قال لهم: “علينا دائمًا، ولاسيما عند الصعوبات، أن نعود إلى اللحظات المنيرة التي اختبرنا خلالها دعوة الرب لنا لكي نكرّس حياتنا بأسرها لخدمته”. هذه الشعلة هي التي يمكنها أن تشعل نار اليوم ولكل يوم وأن تحمل الدفء والنور إلى إخوتي وأخواتي. لقد قلنا “نعم” في أحد الأيام، وهذه الـ “نعم” قد ولدت ونمت داخل جماعة مسيحية بفضل أولئك القديسين الذين يعيشون بقربنا والذين اظهروا لنا بإيمان بسيط بأنَّ الأمر يستحق أن نعطي كل شيء للرب وملكوته.
أضاف الأب الاقدس يقول في أوقات الصعوبة والهشاشة، كما في أوقات الضعف التي تظهر فيها محدوديتنا من الأهمية بمكان ألا نفقد الذكرى المُفعمة بالامتنان لمرور الرب في حياتنا، ذكرى نظرته الرحيمة التي أرسلتنا لكي نخاطر من أجله ومن أجل شعبه، ولكن من المهم أيضًا أن نتحلّى بالشجاعة لكي نعيشها وننشد مع صاحب المزمور نشيد التسبيح الخاص بنا “لأنَّ إلى الأبد رحمته” (راجع المزمور ١٣٥). فالامتنان هو على الدواح سلاح قوي؛ لأنّه فقط إن كنا قادرين على التأمل والشكر بشكل ملموس على جميع تصرفات المحبة والسخاء والتضامن والثقة والمغفرة والصبر والاحتمال والشفقة التي نُعامل بها سنسمح عندها للروح القدس أن يعطينا تلك النسمة المنعشة القادرة على أن تجدّد حياتنا ورسالتنا.
تابع البابا فرنسيس يقول أيها الإخوة شكرًا على أمانتكم للالتزامات التي اتخذتموها. إنه لمن المهم أن يكون هناك، في مجتمع وثقافة قد حوّلا “ما هو تافه وعديم الجدوى” إلى قيم، أشخاص يراهنون بحياتهم ويسعون للالتزام بأمور لمدى الحياة. هذا الأمر يدعونا للاحتفال بأمانة الله الذي لا يتوقّف أبدًا عن الثقة والغيمان بنا بالرغم من محدوديتنا وخطايانا ويدعونا لنقوم بذلك بدورنا. وإذ ندرك بأننا نحمل كنزًا في أوانٍ من خزف، نعرف أنَّ الرب ينتصر في الضعف ولا يتوقّف أبدًا عن مساعدتنا ودعوتنا وعن إعطائنا مائة ضعف “لأنَّ إلى الأبد رحمته”.
أضاف الحبر الأعظم يقول شكرًا على الفرح الذي من خلاله عرفتم أن تبذلوا حياتكم وأظهرتم عبر السنوات قلبًا حارب وكافح لكي لا يصبح مرًّا ويتّسع يوميًّا بالمحبة نحو الله وشعبه. شكرًا لأنكم تسعون إلى تعزيز روابط أخوذة وصداقة بين الكهنة ومع أسقفكم، فتعضدون بعضكم بعضًا فتعتنون بالمريض وتبحثون عن الذي عزل نفسه وتتعلّمون حكمة المسن وتتقاسمون الخيور وتعرفون كيف تضحكون وتبكون معًا. شكرًا على شهادة المثابرة والاحتمال في الالتزام الراعوي الذي يحملنا غالبًا إلى الكفاح مع الرب في الصلاة على مثال موسىى في شفاعته الشجاعة للشعب “لأنَّ إلى الأبد رحمته”.
تابع الأب الأقدس يقول شكرًا لأنكم تحتفلون يوميًّا بالإفخارستيا وترعون برحمة في سرِّ المصالحة بدون تشدد أو تراخي وتأخذون الأشخاص على عاتقكم وترافقونهم في مسيرة الارتداد نحو الحياة الجديدة التي يعطيها الرب لنا جميعًا. “كونوا رُحَماءَ كما أَنَّ أَباكُم رَحيم” فتكونون هكذا قادرين على تدفئة قلوب الأشخاص والسير في الليل معهم وعلى الحوار معهم والنزول في غوصهم وظلامهم بدون أن تضيعوا؛ “لأنَّ إلى الأبد رحمته”. شكرًا على جميع المرات التي سمحتم فيها للشفقة أن تحرّككم فاستقبلتم الذين سقطوا وداويتم جراحهم مقدّمين لهم الدفء لقلوبهم ومُظهرين الحنان والشفقة. ما من شيء مُلحٍّ أكثر من هذه الأمور: القرب وان نكون قريبين من الأخ المتألِّم.
أضاف البابا فرنسيس يقول لنشكر أيضًا على قداسة شعب الله الذي دُعينا لنرعاه والذي من خلاله يرعانا الرب ويعتني بنا من خلال نعمة التأمّل بهذا الشعب في الوالدين الذين يربون أبناءهم بمحبة كبيرة، وأولئك الرجال والنساء الذين يعملون ليحملوا الخبز إلى البيت، وفي المرضى والراهبات المُسنَّات اللواتي يبتسمن باستمرار. في هذه المثابرة والمضي يومًا بعد يوم أرى قداسة الكنيسة المُجاهدة. لنشكر على كل فرد منهم ولنسمح لشهادتهم أن تنقذنا وتساعدنا “لأنَّ إلى الأبد رحمته”.
تابع الأب الأقدس يقول رغبتي الثانية الكبيرة إذ أكرر صدى كلمات القديس بولس هي أن أرافقكم لكي نجدّد شجاعتنا الكهنوتية، ثمرة عمل الروح القدس في حياتنا. هناك “اختبار” جيّد لكي نعرف كيف هو قلبنا كرعاة وهو أن نسأل أنفسنا كيف نواجه الألم. غالبًا ما قد نتصرّف كاللاوي أو الكاهن في المثل واللذان مالا وتجاهلا الرجل الملقى على الأرض. آخرون يقتربون بشكل خاطئ وبنظرة تفضيليّة مسببين عزلة وتهميشًا. وفي هذا الخط أيضًا أرغب بتسليط الضوء على موقف دقيق وخطير وهو، كما كان يطيب لبرنانوس أن يقول، “أثمن إكسير للشيطان” والأكثر أذيّة بالنسبة لنا نحن الذين نريد أن نخدم الرب لأنّه يزرع الإحباط واليتم ويحمل إلى اليأس. وإذ يخيب أملنا في الواقع والكنيسة أو في أنفسنا يمكننا أن نعيش تجربة ذلك الحزن الذي كان آباء الشرق يدعونه الفتور. نعرف هذا الحزن الذي يحمل إلى الإدمان ويقود تدريجيًّا إلى الاعتياد على الشر والظلم. إنه حزن يجعل عقيمة جميع محاولات التحوّل والارتداد وينشر استياء وعداوة. وهذا ليس خيار حياة كريمة وكاملة كما أنها ليست رغبة الله لنا، هذه ليست الحياة في الروح القدس التي تنبعث من قلب المسيح القائم من الموت والتي دُعينا إليها.
أضاف الحبر الأعظم يقول إسمحوا لي أن أكرر هذا الأمر، جميعنا بحاجة لتعزية وقوّة الله والإخوة في الأوقات الصعبة. وتفيدنا جميعًا كلمات القديس بولس لجماعاته: “أَسأَلُكم أَلاَّ تَفتُرَ هِمَّتُكم مِنَ المِحَنِ الَّتي أُعانيها مِن أَجلِكُم”؛ “رغبتي هي أن تتشدّد قلوبكم” فتقومون هكذا بالرسالة التي يوكلها الرب إلينا يوميًّا: أن ننقل “فَرحًا عَظيمًا يَكونُ فَرحَ الشَّعبِ كُلِّه”. لقد تمكنا خلال حياتنا من أن نتأمّل كيف أن الفرح يولد مع يسوع على الدوام. حتى وإن كان هناك مراحل عديدة في هذه الخبرة، لكننا نعرف أنّه وابعد من هشاشتنا وخطايانا يسمح لنا الله بأن نرفع رؤوسنا ونبدأ من جديد بحنان لن يخيّبنا أبدًا ويمكنه أن يعيد إلينا الفرح على الدوام. وهذا الفرح لا يولد من مجهودنا الشخصي وإنما من الثقة بأن كلمات يسوع لبطرس لا تزال فاعلة: عندما “يطلب الشيطان أن يغربلكم” لا تنسى أنني “دَعَوتُ لَكَ أَلاَّ تَفقِدَ إِيمانَكَ” (لوقا ٢٢، ٣٢).
تابع الأب الأقدس يقول نعرف أنّه ليس من السهل أن نبقى أمام الرب ونسمح لنظرته أن تخترق حياتنا وتشفي قلبنا الجريح وتغسل أرجلنا المخصّبة بروح العالم الذي التصق بها خلال المسيرة ويمنعنا من السير. في الصلاة نختبر ضعفنا الذي يذكِّرنا بأننا تلاميذ يحتاجون لمساعدة الرب ويحرّرنا من نزعة الذين يتّكلون فقط على قواهم الشخصيّة ويشعرون أنّهم أفضل من الآخرين لأنّهم يحافظون على قواعد معيّنة. أيها الإخوة، إن يسوع يعرف أكثر من أي شخص آخر جهودنا ونتائجنا، كذلك أيضًا فشلنا وإخفاقاتنا، وهو الأول الذي يقول لنا: “تَعالَوا إِليَّ جَميعاً أَيُّها المُرهَقونَ المُثقَلون، وأَنا أُريحُكم. اِحمِلوا نيري وتَتَلمَذوا لي فإِنِّي وَديعٌ مُتواضِعُ القَلْب، تَجِدوا الرَّاحَةَ لِنُفوسِكم”. في صلاة كهذه نعرف أننا لسنا وحدنا. صلاة الراعي هي صلاة يسكنها الروح القدس “الذي يصرخ: أبّا، أيّها الآب!”. إن صلاة الكاهن تتغذّى وتتجسّد في قلب شعب الله؛ وتحمل علامات جراح وأفراح أناسه التي تُقدَّم في الصمت أمام الربّ لكي تُمسح بهبة الروح القدس. إنها رجاء الكاهن الذي يثق ويكافح لكي يشفي الربّ هشاشتنا، الشخصيّة والجماعية.
أضاف الحبر الأعظم يقول أيّها الإخوة، نحن نعرف هشاشتنا، نعم؛ ولكن لنسمح ليسوع أن يحوّلها وأن يدفعنا باستمرار نحو الرسالة. لا نفقدنَّ فرح شعورنا بأننا “خراف” ومعرفتنا أنه هو ربّنا وراعينا. لكي نحافظ على شجاعة القلب، من الأهميّة بمكان ألا نهمل هذين الرابطين الأساسيّين لهويّتنا: الأوّل، مع يسوع. في كلّ مرّة ننفصل فيها عن يسوع أو نهمل علاقتنا به، يفقد التزامنا رونقه شيئًا فشيئًا وتفرغ مصابيحنا من الزيت القادر على إنارة حياتنا: “اُثبُتوا فيَّ وأَنا أَثبُتُ فيكم. وكما أَنَّ الغُصنَ، إِن لم يَثْبُتْ في الكَرمَة لا يَستَطيعُ أَن يُثمِرَ مِن نَفْسِه، فكذلكَ لا تَستَطيعونَ أَنتُم أَن تُثمِروا إِن لم تَثبُتوا فيَّ […] لأَنَّكُم، بِمَعزِلٍ عَنِّي لا تَستَطيعونَ أَن تَعمَلوا شيئاً”. وبهذا المعنى، أريد أن أشجّعكم على عدم إهمال المرافقة الروحيّة، بوجود أخ تتكلّمون معه وتتناقشون وتتحادثون وتميّزون مسيرتكم بتمام الثقة والشفافيّة؛ إنه عضد لا يمكن الاستغناء عنه لكي نتمكّن من أن نعيش خدمتنا متمِّمين مشيئة الآب وأن نسما لقلوبنا أن تنبض بـ “الشُّعورُ الَّذي هو أَيضاً في المَسيحِ يَسوع”.
تابع الأب الأقدس يقول أما الرابط الأساسيّ الآخر فهو أن تنمّوا وتغذّوا العلاقة مع شعبكم. لا تنعزلوا عن شعبكم أو عن الكهنة أو عن الجماعات. ولا تنغلقوا في مجموعات مغلقة ونخبويّة. فهذا في النهاية يخنق الروح ويسمّمه. الكاهن الشجاع هو كاهن “في انطلاق”. و”الانطلاق” يقودنا إلى السير “في طليعة الشعب أحيانًا، وأحيانًا في الوسط وأحيانًا في الخلف: في الطليعة، كي نقود الجماعة؛ وفي الوسط كي نشجّعها وندعمها؛ وفي الخلف لكي نحافظ على وحدتها ولا يبقى أيّ شخص في الخلف. ويسوع نفسه هو المثال لهذا الخيار التبشيري الذي يدخلنا في قلب الشعب. إن تقدمة يسوع على الصليب، ليست سوى ذروة هذا الأسلوب التبشيريّ الذي ميّز حياته بأسرها.
أضاف البابا فرنسيس يقول من المستحيل أن نتحدّث عن الامتنان والتشجيع بدون أن نتأمّل بمريم. فهي، المرأة التي نفذ سيف في نفسها (راجع لوقا ٢، ٣٥)، تعلّمنا التسبيح القادر على فتح أعيننا على المستقبل وعلى إعادة الرجاء إلى الحاضر. وحياتها كلّها قد لُخِّصَت في نشيد تسبيحها، الذي دُعينا نحن أيضًا لإنشاده كوعد بالملء. إن النظر إلى مريم هو عودة “للإيمان بقوّة الحنان والعطف الثوريّة. فيها نرى أن التواضع والحنان ليسا فضيلتيّ الضعفاء بل الأقوياء الذين لا يحتاجون إلى سوء معاملة الآخرين كي يشعروا بأهمّيتهم”. وبالتالي إذا بدأت نظرتنا بالتصلّب أحيانا، أو شعرنا أن قوّة اللامبالاة أو الحزن تريد أن تتجذّر وتسيطر على قلوبنا؛ فلا نخافنَّ من التأمّل بمريم وبترنيم نشيد تسبيحها.
تابع الأب الأقدس يقول وإذا شعرنا في بعض الأحيان بالميل إلى عزل أنفسنا والانغلاق في مشاريعنا، لنحمي أنفسنا من دروب التاريخ الترابية، أو إذا كانت الشكاوى والاحتجاجات والانتقادات والسخرية تسيطر على تصرّفاتنا، بدون أية رغبة في النضال والانتظار والمحبّة… لننظر إلى مريم لكي تنقّي أعيننا من كلّ “قذى” يمكنه أن يمنعنا من الانتباه واليقظة لكي نتأمّل بالمسيح الذي يعيش وسط شعبه ونحتفل به. إنها “الصديقة المتنبّهة على الدوام لكي لا ينقص الخمرُ في حياتنا. إنها التي طعن قلبها بحربة، والتي تفهم كلّ الآلام. وبصفتها أم للجميع، فهي علامة رجاء للشعوب التي تعاني آلام المخاض إلى أن تولد العدالة … وبصفتها الأم الحقيقية، هي تسير معنا وتحارب معنا، وتفيض باستمرار قرب محبّة الله.
وختم البابا فرنسيس رسالته بالقول أيّها الإخوة، مرّة أخرى، “لا أَكُفُّ عن شُكرِ اللهِ في أَمْرِكم” (أفسس ١، ١٦) على تفانيكم ورسالتكم مع اليقين بأن الله يزيل “أصعب الحجارة، التي تتحطّم عليها الآمال والتطلّعات: الموت، والخطيئة، والخوف، والدنيوية. فتاريخ البشرية لا ينتهي أمام حجر القبر، لأنه يكتشف اليوم “الحجر الحيّ”: يسوع القائم من بين الأموات. ليكن الامتنان إذًا هو الذي يولِّد التسبيح فينا ويشجّعنا مرّة أخرى في رسالة مسح إخوتنا بالرجاء. ولكي نكون رجالاً يشهدون بحياتهم للشفقة والرحمة اللتين وحده يسوع قادر على منحنا إياهما. ليباركك الرب يسوع ولتحفظكم العذراء القديسة وأسألكم من فضلكم ألا تنسوا أن تصلّوا من أجلي.
أخبار الفاتيكان