بفرح عظيم، تستعد الكنيسة المارونية لارتفاع بطريرك، علامة من أبنائها، على مذابح الرب طوباويا هو البطريرك اسطفان الدويهي “مؤسس الرهبانيات اللبنانية الثلاث ورائد الإصلاح الليتورجي في الكنيسة المارونية”.
مسيرة إعلان قداسة البطريرك الدويهي “أبو التاريخ الكهنوتي اللبناني” كانت بدأت في العام 1982 مع موافقة المجمع البطريركي على دراسة إمكان إدخال ملف المثلث الرحمات البطريرك الدويهي الى الدوائر المختصة في روما بغية إعلان قداسته، فتأسست رابطة البطريرك إسطفان الدويهي، وهي لا تنتمي الى عائلة أو أيدولوجية أو حزب، هدفها الوحيد متابعة ملف البطريرك لتصل الى دوائر التقديس في روما.
الدعوى التي يتولى متابعتها طالب دعاوى القديسين الأب بولس القزي بين لبنان وحاضرة الفاتيكان، كان بدأ البحث فيها على الصعيد الأبرشي في تشرين الثاني من العام 2000 وصدرت الموافقة على قبولها بعد عامين، ثم أعلن البطريرك مكرما في تموز 2008 لتبدأ بعد نحو عشر سنوات المرحلة الثانية التي يطلق عليها تسمية “دعوى العجائب”، بحسب الأب القزي، والتي تنظر فيها هيئة حاكمة تعمل وفق الأصول الكنسية وتضم رجال دين وعلم وأطباء واختصاصين في علم الآثار والأنتروبولوجيا يقدمون تقاريرهم تباعا تمهيدا لإثبات أعجوبة شفاء ليعلن بعدها التطويب.
يرأس اللجنة، التي تقرر تشكيلها بناء على مرسوم بطريركي أصدرته البطريركية المارونية ووقعه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، النائب البطريركي العام المطران جوزيف نفاع يعاونه الخوري أنطونيوس جبارة بصفته محاميا للعدل، ومن “مؤسسة البطريرك الدويهي” جوزيف رعيدي والمونسنيور اسطفان فرنجية والخوري حبيب صعب بصفته مسجلا، وكانت اللجنة أقسمت اليمين القانونية أمام البطريرك الراعي في بكركي لإتمام المهمة الموكلة اليها.
وإلحاقا بدعوى التطويب واعلان القداسة لاحقا، بدأت مرحلة التعرف الى جثمان البطريرك الدويهي وهي مرحلة تتطلب عملا وجهدا ووقتا كما يقول الأب القزي لناحية إجراء الفحوص التحليلية ولا سيما فحص الحمض النووي DNA الى الفحوص المخبرية الأخرى للتعرف الى رفات البطريرك الدويهي، وهي خطة تأتي عادة قبل إعلان التطويب.
اختصاصية علم الانتروبولوجيا البيولوجية الدكتورة ندى الياس تحدثت الى “الوكالة الوطنية للاعلام” عن مرحلة التنقيب عن الرفات في مغارة القديسة مارينا في وادي قنوبين حيث كان يسود الاعتقاد بأنها تحوي جثامين سبعة عشر بطريركا من بينهم البطريرك اسطفان الدويهي،الا أن أعمال التنقيب التي بدأت في منتصف نيسان الماضي واستمرت الى منتصف حزيران أظهرت، بحسب الياس، وجود عظام ل33 شخصا من أعمار مختلفة بينهم طفل، ما يصعب عملية تحديد رفات البطريرك الدويهي قبل الانتهاء من عملية فرز العظام، واذا ما احتسبنا أن الهيكل العظمي للانسان يتألف من 206 عظام يمكن تصور مشقة جمع عظام 33 شخصا، بحسب عالمة الآثار، التي أشارت الى أن التنقيب حصل على تسع طبقات أثرية داخل مغارة عميقة، وتم استخراج عدد كبير من العظام “عملنا على تنظيفها من مختلف أنواع الترسبات” ووضعت في أكياس وتم إيداعها في الصرح البطريركي الصيفي في الدميان تمهيدا لفرزها على أن تلي هذه المرحلة التي من المتوقع أن تنتهي أواخر الربيع المقبل مرحلة فحص الحمض النووي التي يتولاها الإختصاصي في علم الجينات والأمراض الوراثية البروفسور بيار زلوعة والذي سيعمد الى وضع ما يعرف بdata collection أو جمع البيانات من خلال أخذ عينات من الأشخاص الأحياء لمقارنتهم مع عينات من الرفات العائدة للأشخاص ال33.
الدراسات والأبحاث تتواصل لتحديد هوية جثمان البطريرك الدويهي ودعوى التطويب تسير قدما نحو خواتيمها المرجوة لترفع على مذابح القداسة بطريركا مارونيا عاش بطولة الفضائل الإلهية والإنسانية والأخلاقية، حاملا شعلة قداسة متوهجة لا تخبو على مدار السنين.
وطنية