انضمت صحيفة “البلد” إلى الصحف المأزومة، معلنة عزمها صرف مجموعة من موظفيها، ما يؤشر إلى تفشّي وباء البطالة ضمن جسد الصحافة المكتوبة في لبنان، والذي ينتقل مؤخراً من صحيفة إلى أخرى.
وفي التفاصيل أن “مؤسسة الوسيط الدولية”، التي تضم مجموعة من المؤسسات المطبوعة بينها جريدة “البلد” ومجلة “ليالينا” وجريدة “الوسيط” الاعلانية، تتجه لاعتماد سياسة تقليص عدد الموظفين، الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ حوالى الستة أشهر، من دون تقديم أسباب واضحة لهذا الأمر. في حين أن الإدارة، التي لم تفتح مجال الاستفسار أو النقاش مع الموظفين، لم تقدّم سوى ذريعة “الضائقة المادية” كسبب لتأخير رواتبهم، على ما يقول مصدر مطلع لـ”المدن”.
إلا أن الأزمة التي بدأت منذ حوالى السنة، وتراكمت على مدى الأشهر الماضية، تصاعدت مؤخراً بعدما سُرّبت إلى الموظفين لائحة تضم 20 اسماً تنوي الإدارة صرفهم في الفترة المقبلة، بعدما وضعت أسماءهم لدى وزارة العمل وأبلغت الوزارة أنها لا تنوي دفع تعويضاتهم ومستحقاتهم المالية، ما جعل الأزمة تتخطى مسألة التأخير في الرواتب لتشمل الصرف التعسفي وعدم دفع المستحقات. ويؤكّد المصدر أنه كلما حاول الموظفون الاستفسار عن حيثيات هذا القرار وعن مصير رواتبهم المتأخرة، كانت الإدارة تقابلهم بالصدّ وعدم التجاوب مكتفية بالقول إن أزمة المؤسسة من أزمة الصحافة الورقية. فيما يتم تداول أنباء عن احتمال التوجّه نحو إغلاق النسخة الورقية لـ”البلد” والإبقاء على الموقع الالكتروني، لكن من دون تأكيد هذا الأمر حتى الآن، إلا أن المؤكّد في هذا الإطار هو أن إدارة الصحيفة تبحث عن موظفين بدوام جزئي وبرواتب أدنى، وقامت مؤخراً بتوظيف شخصين ضمن هذه الشروط.
على إثر ذلك، توجّه عدد من الموظفين التابعين لـ”مؤسسة الوسيط الدولية” إلى وزارة العمل لإيداع قضيتهم لدى وزير العمل، محمد كبارة، حيث أطلعوه على التفاصيل كافة، بما فيها مسألة تأخير رواتبهم والصرف التعسفي من دون دفع التعويضات والمستحقات، إلا أن الجلستين الأولى والثانية لم تفضيا إلى نتيجة مع الإدارة، التي كان ردها بأنها ستقوم بدفع الرواتب المتأخرة وأشهر الإنذار على دفعات، مضيفة أنه لكن لا يمكنها دفع التعويضات بذريعة الأزمة المالية، حسبما يقول المدير المالي في المؤسسة ريشارد ميسبريان لـ”المدن”، مضيفاً أن التذرع بوجود أزمة مالية لا يبدو مقنعاً، خصوصاً أن مؤسسة “الوسيط” لا تعاني أزمة إعلانات، بما في ذلك صحيفة “البلد” التي تقوم عائداتها، منذ تأسيسها قبل 13 عاماً، على الاشتراكات وحجم الاعلانات، عدا عن أن المؤسسة لا تواجه أعباء تكاليف الطباعة، بما أنها تملك مطبعتها الخاصة.
وعلى الرغم من أن الموظفين يصرّون على التمسك بمستحقاتهم وتعويضاتهم ورواتبهم المتأخرة، إلا أن الأشهر الماضية شهدت موجة استقالات من المؤسسة نتيجة للضغط النفسي الكبير الذي مارسته الإدارة على الموظفين والذي تمثّل في قطع الرواتب بشكل فجائي من دون إنذار مسبق بذلك، إضافة إلى أسلوبها المتعالي في التعاطي معهم، ما دفع 30 موظفاً إلى ترك العمل لعدم تحمّلهم وطأة ذلك، فيما يستمر باقي الموظفين اليوم في معركتهم من أجل نيل حقوقهم. ويشير ميسبريان إلى أن الإثنين المقبل، هو الموعد الأخير للتفاوض مع الإدارة، إذ سيعقد اجتماع في وزارة العمل للتباحث في قضيتهم وحقوقهم التي ينصّ عليها القانون، وفي حال عدم التوصّل لاتفاق، فإنّ القضية ستُحوّل إلى مجلس العمل التحكيمي.
المدن