اختتمت الجمعية العامة الحادية عشرة لمجلس كنائس الشرق الأوسط المنعقدة في عمان، أعمالها، واصدرت بيانا جاء فيه:
“1- إحمدوا الرب لأنه صالح، إلى الأبد رحمته” (مز 136: 1)، تحت هذا الشعار التأمت الجمعية العامة الحادية عشرة لمجلس كنائس الشرق الأوسط للمرة الأولى في عمان – المملكة الأردنية الهاشمية، بمشاركة الكنائس الأعضاء من العائلات الكنسية التي يتألف منها المجلس: العائلة الأرثوذكسية الشرقية، والعائلة الأرثوذكسية، والعائلة الكاثوليكية، والعائلة الإنجيلية، وذلك من 6 إلى 8 أيلول 2016، بضيافة كريمة من بطريركية القدس للروم الأرثوذكس، وفي حضور رؤساء المجلس: آرام الأول، كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا، ثيوفيلوس الثالث، بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين والأردن للروم الأرثوذكس، مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، والمطران منيب يونان، رئيس الكنيسة اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة، ورؤساء الكنائس الأعضاء أو ممثليهم، وأعضاء اللجنة التنفيذية، والقائم بأعمال الأمين العام الأب ميشال جلخ، وسائر العاملين في المجلس.
2- إننا نشكر الله الواحد، الآب الخالق والإبن الفادي والروح القدس المعزي، الذي جمعنا معا في هذه الجمعية العامة لنصلي ونشكره تعالى على عطاياه ونعمه التي يغدقها علينا دائما، هو الإله الصالح والكثير الرحمة، وقد أوجدنا في هذه البقعة من العالم حيث ولد المخلص يسوع المسيح، ومن حيث انطلقت بشارة الإنجيل إلى أقطار المسكونة، لنكون شهودا لرحمته وسلامه.
3- في الجلسة الافتتاحية، تحدث رؤساء المجلس ورؤساء الكنائس الأعضاء أو ممثلوهم، والسفير البابوي في العراق والأردن، وممثل البطريرك المسكوني، والقائم بأعمال أمين عام المجلس، مؤكدين دعمهم للمجلس ورسالته، ومشددين على أولوية صمود المسيحيين في ظل الظروف الصعبة التي يعانونها.
4- يأتي انعقاد الجمعية العامة في وقت تشهد المنطقة تحولات ديموغرافية خطيرة ومصيرية تجلت بتصاعد موجات الصراع والعنف والتطرف والظلامية والإرهاب والتطهير العرقي والديني والتهجير بطرق إلغائية ودموية، مما يهدد كيان الدول وسلامة المجتمعات ونسيجها البشري المتنوع وحياة أبنائها. وكالعادة، يدفع المدنيون الأبرياء، من مسيحيين وغير مسيحيين، ثمن هذه الصراعات من أرواحهم وممتلكاتهم وأمنهم واستقرارهم، ولا سيما في السنوات الأخيرة في سوريا والعراق ولبنان، مع استمرار معاناة الشعب الفلسطيني منذ عقود بحرمانه أبسط حقوقه، وفشل تحقيق المقررات الدولية في قيام الدولة الفلسطينية بكامل مقوماتها.
5- تنظر الجمعية العامة بتقدير وتفاؤل إلى المبادرات الريادية العديدة الصادرة عن مؤسسات ومرجعيات إسلامية في المنطقة، والتي ركزت على رفض التطرف والعنف، وأكدت احترام التنوع والاختلاف، وأقرت بدور المكون المسيحي الأساسي وأصالته في الحضارة العربية والمنطقة بأسرها، وطالبت بالمحافظة عليه. وتأمل الجمعية العامة أن تترجم هذه المواقف بخطوات عملية، لا سيما من خلال الكتب والمناهج التربوية، بهدف الإنتقال إلى آفاق جديدة من الشراكة والتعاون.
6- استمعت الجمعية العامة إلى تقرير القائم بأعمال الأمين العام عن المرحلة السابقة، وواقع المجلس والآفاق المستقبلية لعمله ورسالته. وذكرت بأن المجلس، الذي يعتبر مكانا للتلاقي والتعاون بين مسيحيي الشرق الأوسط، يسعى من أجل الوحدة المسيحية، وتنشيط الحوار المسكوني ورفده بمبادرات مشتركة بين الكنائس، وتفعيل العلاقات المسيحية – الإسلامية، وتأمين وصول الروح المسكونية إلى قاعدة المؤمنين الواسعة.
7- عبرت الجمعية العامة عن رفضها كل أشكال التطرف والإرهاب والإقصاء والتكفير، ونددت بشدة بمذابح الإبادة التي ارتكبتها الأمبراطورية العثمانية التركية عام 1915 بحق الأرمن والسريان والكلدان والآشوريين والروم ومسيحيي جبل لبنان، واقتلاعهم من جذورهم في أرض الآباء والأجداد، وتهجيرهم. كما أكدت الجمعية السعي الدائم إلى بناء شبكة أمان من خلال العمل على توفير مقومات صمود المسيحيين، ووقف نزيف هجرتهم من منطقة الشرق الأوسط، وإعادة من تهجر منهم إلى منازلهم. واقترحت الجمعية العامة تكليف اللجنة التنفيذية الجديدة بتشكيل وفد لزيارة مرجعيات دينية مسيحية وإسلامية وعواصم القرار من أجل شرح وضع مسيحيي الشرق، ومحاولة إيجاد حلول مستدامة.
8- طالبت الجمعية العامة أصحاب القرار محليا وإقليميا ودوليا بما يلي:
أ- التدخل لوقف الحرب، والامتناع عن إمداد المجموعات الإرهابية بالسلاح، وتأمين حل سلمي للأزمة في سوريا يضمن وحدة البلاد والعيش المشترك الآمن والحر بين مختلف مكوناتها الحضارية والدينية ضمن دولة مدنية.
ب- تأمين الدعم المطلوب لعودة النازحين والمهجرين إلى بيوتهم آمنين، وخصوصا مسيحيي الموصل وسهل نينوى في العراق، وهم أصحاب الأرض وسكانها الأصليون.
ج- إنتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية بأقصى سرعة، ليعود إلى المؤسسات الدستورية انتظامها، لما فيه استقرار هذا البلد – الرسالة وازدهاره.
د – شجب أعمال الإبادة والتطهير العرقي والديني والإقتلاع من الجذور التي تعرض ولا يزال يتعرض لها المسيحيون مع سواهم من المكونات في الشرق.
هـ تحمل الدول العربية والأسرة الدولية مسؤولياتها في مساعدة النازحين واللاجئين وتقديم الدعم المطلوب لهم داخل أوطانهم وفي الدول المضيفة، على غرار ما تقوم به الكنائس والمؤسسات الكنسية، وكذلك السعي لتأمين عودتهم إلى ديارهم بالسرعة الممكنة، على أن ينعموا بحياة كريمة وآمنة بالمساواة مع جميع إخوتهم في الوطن.
و- تأكيد دعم قضية الشعب الفلسطيني العادلة، وحقه في إقامة دولته، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم بحسب مقررات الأمم المتحدة.
ز- إنهاء الوضع الشاذ في جزيرة قبرص، وتحقيق وحدة أراضيها، وحماية حقوق جميع مواطنيها.
ح- مناشدة المرجعيات الدولية تكثيف الجهود لإطلاق سراح جميع المخطوفين، لا سيما مطراني حلب بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم، بعدما مضى على اختطافهم نيف وثلاث سنوات، وكذلك الكهنة والمدنيون، والصلاة إلى الله كي يعودوا سالمين بأقرب وقت.
9- في الجلسة الختامية، انتخبت الجمعية العامة أربعة رؤساء جدد، ممثلين العائلات الكنسية الأربع التي يتألف منها المجلس:
– عن العائلة الأرثوذكسية الشرقية: قداسة البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم أجمع.
– عن العائلة الأرثوذكسية: غبطة البطريرك يوحنا العاشر، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس.
– عن العائلة الكاثوليكية: غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو، بطريرك بابل على الكلدان.
– عن العائلة الإنجيلية: القس حبيب بدر، رئيس الإتحاد الإنجيلي الوطني في لبنان
كما انتخبت الجمعية العامة أعضاء اللجنة التنفيذية الجديدة، وختمت أعمالها بانتخاب الأمين العام الجديد للمجلس لمدة أربع سنوات بحسب نظامها الداخلي، وهو الأب ميشال جلخ الراهب الأنطوني الماروني.
وانتخبت الجمعية العامة الرؤساء الأربعة الحاليين للمجلس رؤساء فخريين، وهم: آرام الأول، كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا، ثيوفيلوس الثالث، بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين والأردن للروم الأرثوذكس، مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، والمطران منيب يونان، رئيس الكنيسة اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة.
10- شكر وتقدير وتهنئة
أ- قدرت الجمعية العامة دور المملكة الأردنية الهاشمية وجهودها التاريخية في الوصاية الهاشمية على المقدسات المسيحية والإسلامية في الأراضي المقدسة، وبخاصة في القدس، بحيث أن كنيسة القيامة هي للمسيحيين كما أن الحرم الشريف والأقصى للمسلمين، لما لهذا الموضوع من أهمية كبرى في إرساء قواعد حوار الحياة في تلك الأرض المباركة. وشكرت في الوقت عينه المسؤولين في المملكة لاهتمامهم المميز باستضافة هذه الجمعية، مقدرة الدور الذي يقوم به جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في سبيل توطيد السلام ونشر الاعتدال وحماية حرية العبادة التي ينعم بها المواطنون في المملكة، وهذا ما أكده لجلالته رؤساء المجلس والكنائس الأعضاء خلال لقائهم به أثناء انعقاد الجمعية.
ب- ثمنت الجمعية العامة القانون الذي أقره البرلمان المصري في تنظيم بناء وترميم الكنائس، بما يحفظ كرامة المسيحيين وحقوقهم كمواطنين في هذا البلد.
ج- أعربت الجمعية العامة عن شكرها وامتنانها لمشاركة بعض الكنائس من خارج المنطقة والمنظمات المسيحية العالمية آمال المجلس وهواجسه، دعما لحضوره ورسالته، ولاستمرار الشهادة المسيحية في الشرق.
د- تتوجه الجمعية العامة بالتهنئة إلى جميع المسلمين بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، سائلينه تعالى أن يكون مدعاة خير وبركة وسلام وأمان في منطقتنا المشرقية والعالم.
11- في الختام، تقف الجمعية العامة لمجلس كنائس الشرق الأوسط متضامنة مع شعوب المنطقة، وسائلة الرحمة الإلهية لضحايا العنف فيها، والعزاء للمتألمين، والعزم والشجاعة والتوفيق لكل الساعين إلى تحقيق العدل والسلام. وتبقى كلمة الرب: لا تخافوا… “ثقوا إني قد غلبت العالم” (يوحنا 13: 33) مصدر ثقة ورجاء وثبات، لنتمسك بإيماننا وشهادتنا لإنجيل المحبة والسلام، ونحافظ على إرث آبائنا وأجدادنا في أرضنا المشرقية المقدسة.
“نعمة ربنا يسوع المسيح، ومحبة الآب، وشركة الروح القدس مع جميعكم، آمين (2 كورنثوس 13: 14)”.
وطنية