عقد أساقفة كنيسة السريان الكاثوليك الأنطاكية مجمعهم السنوي في الوكالة البطريركية بروما في الفترة من 8-10كانون الأوّل 2014، برئاسة صاحب الغبطة مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، ومشاركة جميع آباء المجمع القادمين من أبرشيات لبنان والعراق وسوريا ومصر والولايات المتحدة وكندا وفنزويلا والنيابة البطريركية فيالقدس والأردن والوكالة البطريركية في روما.
وكان الموضوع الرئيسي الذي عالجه المجمع السرياني لهذا العام هو الوضع الكنسي في كلٍّ منسوريا في خضمّ الحرب المدمّرة الدائرة فيها منذ أربع سنوات، والعراق بعد هجوم ما يُعرف “بالدولة الإسلامية (داعش)” على مدينة الموصل وسهل نينوى في الصيف المنصرم،وإفراغهما بالكامل من المسيحيين، وتهجيرهم القسري إلى كردستان وإلى خارج البلاد. وخرج الآباء بالتوصيات التالية:
أوّلاً:
لا يكتفي آباء المجمع السرياني بالتنديد والإستنكار والشجب لما جرى للمسيحيين في مدينة الموصل وسهل نينوى باقتلاع أبرشية الموصل بكاملها من جذورها التاريخية، بليطلقون صرخة مدوّية إلى قادة الدول الكبرى وضمائر العالم، ويستنهضون شهامة الأحرار والقيادات الوطنية والسياسية في العراق،للإسراع في تحرير الموصل وبلدات سهل نينوى، ليعود أهلها إليها، ويعيشوا في سلامٍ وأمان. ويطالبون بضماناتٍ دولية ومحلّية لرعاية المهجَّرين والتعويض عن خسائرهم، وتوفير مستلزمات السكن اللائق والعيش الإنساني الكريم.
ثانياً:
في سبيل أمن الشعب السوري الواقع ضحية حرب مدمّرة منذ أربع سنوات، ومن أجل السلام في المنطقة، يناشد أساقفةُ الكنيسة السريانية الأنطاكية الكاثوليكية قادةَ الدول وجميعذوي الإرادات الصالحة ممّن لهم دفّة القرار في العالم، لإيجاد حلٍّ سياسي للنزاع في سوريا، والعودة إلى طاولة المفاوضات، والكفّ عن إذكاء نار الحرب عوض التهدئة، ويطالبون بالإسراع في الإفراج عن المطرانين يوحنّا ابراهيم وبولس اليازجي والكهنة المخطوفين.
ثالثاً:
فيما يُبدي الأساقفة السريان ارتياحهم لما جاء في التوصية الثانية من بيان مؤتمر الأزهر الشريف المنعقد في القاهرة في 3 و4 كانون الأوّل الجاري بتأكيده على أنّ”المسلمين والمسيحيين في الشرق هم إخوة، ينتمون معاً إلى حضارةٍ واحدة وأمّةٍ واحدة، عاشوا معاً على مدى قرونٍ عديدة، وهم عازمون على مواصلة العيش معاً في دول وطنية سيّدة حرّة مستقلّة تحقّق المساواة بين المواطنين جميعاً وتحترم الحريات”، يطالبون بجعل هذه المبادئ واقعاً مُعاشاً. لذا ينتظرون من الحكومات في بلادنا أن تعيد النظر في سياساتها تجاه المكوّنات الدينية والقومية المختلفة، فتطهّر قوانين الدولة والمناهج الدراسية والبرامج الإعلامية والتوجيهية من كلّ ما يخلّ بمكانتهم وحقوقهم ومقدّساتهم كمواطنين.كما ينتظرون من قادة الفكر وعلماء الدين تهذيب الخطاب الديني وفق هذا النهج، وشجب كلّ خطابٍ تكفيري أو صدامي أو زارع للفتنة.
رابعاً:
إزاء الحروب المشتعلة في منطقة الشرق الأوسط، والأزمات الأمنية المتنقّلة، وهجمة الإرهاب التكفيري والمهدّد باجتياح الحدود، يناشد آباء المجمع السرياني القوى السياسية في لبنان لتجاوُز الخلافات، وإيثار مصلحة الوطن العليا، والإسراع في انتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية اللبنانية، والإلتفاف حول الجيش والقوى الأمنية في مساعيها لاستتباب السلام والإستقرار في البلد.
خامساً:
يعرب المجمع عن تأييده للمّ شمل الصفّ الفلسطيني وضمان حقوقه، وصولاً إلى قيام دولته المستقلّة عبر مباحثاتٍ حرّة وقراراتٍ دولية ضامنة وجادّة وملزِمة. بذلك يُنزَع فتيل حروبٍ عدّة في المنطقة.
سادساً:
بمناسبة مرور الذكرى المئوية الأولى للشهداء السريان في جنوب تركيا، يخصّص آباء المجمع سنة 2015 للإحتفال بهذه الذكرى، للصلاة والإستذكار والوحدة الكنسية. وستشمل الإحتفالات فعاليات روحية وثقافية وفنّية في الرقعة البطريركية، وفي أوروبا وأميركا حيث يتواجد قسمٌ كبير من أبناء الشهداء والجاليات السريانية والشرقية.
سابعاً:
يضمّ آباء مجمع الكنيسة السريانية أصواتهم إلى صوت قداسة البابا فرنسيس، الذي طالما ارتفعدفاعاًعن مسيحيي الشرق وحقّهم في الحياة والأمان والحماية، والحصول على حقوقهم المدنية كاملةًفي أوطانهم. ويؤكّدون لأبنائهم وبناتهم الروحيين أنّ الكنيسة ستكون إلى جانبهم وفي خدمتهم حيثما كانوا، في الوطن أو في المهجر.
ثامناً:
قرّر الآباء استحداث أكسرخوسيات، أي نيابات رسولية، في أوروبا وكندا لرعاية أبنائنا السريان الكاثوليك ومتابعة خدمتهم الروحية في بلاد الإنتشار، تمهيداً لإنشاء أبرشيات في المهاجر. كما انتخب آباء السينودس مطراناً جديداً لأبرشية حمص، خلفاً للمثلّث الرحمات المطران ثيوفيلوس جورج كسّاب.
تاسعاً:
قرّر آباء السينودس إنشاء لجنة خاصة لمتابعة خطى التقارب والتعاون بين الكنيستين السريانيتين الشقيقتين الأنطاكيتين الكاثوليكية والأرثوذكسية. وفي سياق الوحدة الكنسية، رحّب آباء السينودس بمقترح قداسة البابا تاوضروس الثاني بالإتّفاق على الأحد الثالث من نيسان للإحتفال سويّةً بعيد القيامة المجيد. ويأتي هذا المقترَح داعماً لما كان قد اقترحه الطوباوي البابا بولس السادس قبل خمسين عاماً.
وختاماً يشكر آباء السينودس الدول والمؤسّسات الكنسية والإنسانية التي مدّت يد العون إلى المنكوبين في العراق وسوريا، وكلّ من سعى ويسعى إلى بناء السلام ومساعدة شعوبنا للعودة إلى ديارهم بسلام وأمان: “طوبى لفاعلي السلام، فإنّهم أبناء الله يدعون”.
روما في 10/12/2014 أمين سرّ المجمع المطران باسيليوس جرجس القس موسى
زينيت