“ينبغي على الليتورجية أن تكتشف مجدّدًا ديناميكيّة الروح القدس الذي يلعب دورًا حيويًّا في حياة الإيمان المسيحي” هذا ما قاله واعظ القصر الرسولي الأب رانييرو كانتالاميسا صباح اليوم الجمعة في تأمله الأول لزمن الصوم في كابلة أم الفادي في القصر الرسولي بالفاتيكان بحضور الأب الأقدس.
استهلّ الأب رانييرو كانتالاميسا تأمله مؤكّدًا أن الفضل بإعادة اكتشاف الروح القدس ودوره يعود إلى المجمع الفاتيكاني الثاني الذي سمح للكنيسة بأن تتيقّن أكثر لحضوره وعمله. ولكن، تابع واعظ القصر الرسولي مشيرًا إلى أن الروح القدس لا يزال غير معروفًا بالنسبة للأقنومين الآخرين من الثالوث الأقدس وهذا الأمر يمكننا أن نلحظه في نص “المجمع المقدّس” الدستور في الليتورجية المقدّسة إذ نقرأ: ” إنّ الليتورجيّة تعتبر بحق ممارسة لوظيفة يسوع المسيح الكهنوتيّة يعبّر فيها، بإشارات حسيّة، عن تقديس الإنسان الذي يتّم وفاقاً لكلّ شخص، ويجري فيها جسد يسوع المسيح السرّي، رأساً وأعضاءً، عمل العبادة العامة الكاملة. وهكذا فكلّ احتفال ليتورجيّ، من حيث كونه عمل يسوع الكاهن وجسده الذي هو الكنيسة، فهو عمل غاية في القداسة لا يوازي فاعليتّه قيمة ودرجةً أيّ عمل آخر من أعمال الكنيسة” (عدد 7). وبالتالي نجد أن النص يسلّط الضوء على المسيح والكنيسة بدون أي ذكر مباشر للروح القدس أو عمله.
تابع الأب رانييرو كانتالاميسا يقول ليست المسألة مسألة دفاع عن أحد الأقانيم الثلاثة وإنما الحفاظ على ديناميكيّة الثالوث الأقدس في الليتورجيّة، ديناميكيّة يعبّر عنها القديس باسيليوس بشكل بسيط وواضح إذ يقول: “كما أن الأمور الإلهيّة تنزل إلينا من الآب من خلال الابن في الروح القدس، هكذا أيضًا تصعد الأمور البشريّة إلى الآب من خلال الابن في الروح القدس”، لذلك تابع واعظ القصر الرسولي مشيرًا إلى أنه لا يكفي أن نتذكّر من وقت لآخر أن الروح القدس موجود أيضًا وإنما ينبغي علينا أن نعترف بدوره كحلقة أساسيّة، في مسيرة خروج الخلائق من الله كما في مسيرة عودة الخلائق إلى الله، وبالتالي فالهوَّة التي تفصلنا نحن المؤمنين عن يسوع التاريخي هي مملوءة بالروح القدس الذي بدونه يبقى كل شيء في الليتورجية مجرّد ذكرى، أما معه فيصبح كل شيء حضورًا حقيقيًّا أيضًا.
تابع واعظ القصر الرسولي مؤكّدًا أن الروح القدس هو الوحيد الذي يحيي الليتورجيّة وينعشها لأنه يجدّد جميع الأشياء وأن إحدى أهمّ مهماته هي تقديس النفوس لأنّه ينعش بشكل خاص صلاة العبادة التي هي جوهر وأساس كل صلاة ليتورجيّة.
وختم واعظ القصر الرسولي الأب رانييرو كانتالاميسا تأمله الأول لزمن الصوم بالقول إن الروح القدس يتشفع بنا ويعلمنا أن نتشفّع بدورنا للآخرين، لأن الشفاعة هي مكوِّن أساسيٌّ للصلاة الليتورجيّة كما تعلّمنا الكنيسة التي لا تتشفّع لنفسها وإنما للعالم بأسره: للأبرار والخطأة، وللأحياء والأموات. فالله يقبل صلاة التشفع لأنها صلاة من أجل الآخرين وليست صلاة لأنفسنا وبالتالي فهي صلاة خالية من الأنانيّة وتعكس مجانيّة الله وتتماشى مع مشيئته هو الذي يريد أن يخلص جميع البشر.
إذاعة الفاتيكان