منذ ولادتها في شباط الفائت وحتى اليوم، لا نلحظ في نشاط “حركة التجدد للروم الكاثوليك” سوى أخبار عن الجولات، الصور والزيارات على المناطق والقيادات المسيحية التي يقوم بها مؤسّسو الحركة. هل كان ينقص الطائفة الكاثوليكيّة مؤسسة إضافية تدفع أبناءها إلى لملمة انقساماتهم والالتفاف مجدداً حول كنيستهم؟
“التجدد للروم الكاثوليك” جمعية تجمع كل الطاقات، النخب والوزنات الكاثوليكيّة من مختلف القطاعات المهنيّة، وتشكّل مساحة للمناقشة، العمل، المبادرات، الإنتاج، تبادل الأفكار والآراء، في محاولة لإيجاد نواة ضغط وتأثير حيال القضايا المتعلقة بالروم الملكيين الكاثوليك. هذا ما قاله رئيس “التجدّد للروم الكاثوليك” شارل عربيد عن روحية هذه الحركة في حديثه الى “النهار”.
تأسست الجمعية في شباط 2016، وهي تضم 9 اشخاص يشكلون هيئتها التأسيسيّة وأكثر من 75 منتسباً مهتماً بإعلاء شأن كنيسته وطائفته.
لا يُصنّف عربيد الحركة بأنها سياسية أو دينية، بل يؤكد أن ” الشأن العام من ابرز اهتماماتها وتتطلّع إلى المسائل المرتبطة بالكنيسة داخلياً”. وينشط في حركة “التجدد” من خلال مشاركته الفاعلة في المناقشة، الحوار والتواصل لتفعيل دور الكاثوليك في المجتمع اللبناني. وهو لا يُشاطر من يطلق على “التجدد” صفة الحركة المنغلقة على ذاتها أو المتقوقعة كاثوليكياً، بل يعتبر أنها “حركة منفتحة من الروم الكاثوليك على المسيحيين، ومن المسيحيين على كل لبنان. همّها تعزيز الحضور المسيحي عموماً وتكثيف مشاركته في القرارات الوطنية، كل من منظاره وموقعه. وما تقوم به حالياً، هو استحداث مركز دراسات للطائفة يتعلّق بإبداء الرأي والمشورة في القضايا الوطنية العامة من جهة، والخاصة بالكاثوليك من جهة أخرى”.
التنوّع داخل الطائفة لا يعني الشرذمة
هل ثمّة حاجة إلى مزيد من المؤسسات؟ ألا ترون أنها دليل شرذمة؟، “إطلاقاً لا”، يجيب عربيد، “جئنا لنكمل العمل الجماعي داخل الطائفة”، جازماً بأن الحركة ليست ضد أحد، بل “نحن منفتحون على الجميع، ونرفض ما يُتداول وكأننا حركة اعتراضية. نحن جدّيون وإيجابيون نلتزم التجديد على شتى المستويات، خصوصاً أن فعل التجدّد ورد في الإرشاد الرسولي”.
لكن ما الذي يميّز هذه الحركة عن سواها؟. يقول: “اولاً، يمكن لكل أبناء الطائفة الانضمام إلى الحركة من عكس بعض المؤسسات الكاثوليكية، ومنها المجلس الأعلى الذي يستقطب أعداداً محددة من أبنائها وتتشكل هيئته التنفيذية من رجال دين وسياسيين ووزراء ونواب الطائفة. ثانياً، تعتبر “التجدّد” حركة علمانية، تفتح ذراعيها أمام الراغبين في استنهاض الطائفة والتواصل مع الروم الكاثوليك داخل لبنان وفي بلاد الاغتراب”.
وبماذا تختلف هذه الحركة عن المجلس الأعلى أو عن رابطة الروم الكاثوليك؟
“تتكامل الجمعية مع المجلس الأعلى، لا سيما أن مجموعة كبيرة من أعضائها موجودون في المجلس”، ويضيف عربيد: “إن الجمعية ليست على خلاف أو تناقض مع المجلس. لذلك علينا أن نتعاون أكثر، ونحن بتصرف الأبرشيات لمساعدتها في الأمور الاقتصادية، الاجتماعية، العلمية وغير ذلك”. وعن رابطة الروم الكاثوليك يقول: “لا خلاف معها، لكننا مجموعة تختلف عنها”، متسائلاً: “أين المشكلة في التنوّع داخل الطائفة؟ وهل أصبح التنوّع دليل شرذمة؟”.
وعن تشكيل أداة ضغط لتحقيق الأهداف عبر المؤسسات الموجودة بدل “تفريخ” مؤسسة من هنا أو حركة من هناك؟، يلفت إلى “اننا لسنا في حالة رفض، بل لمسنا أننا بحاجة الى تجديد الأوضاع داخل طائفتنا، ومطالبتنا السريعة بلملمة الخلافات داخل كنيستنا التي مرّت بأزمة ولا تزال. وقد يتجسّد ذلك بتواصلنا مع المذاهب الأخرى”.
التجدّد يعني نفضة والنفضة تعني مواجهة، هل أنتم مستعدون لذلك؟. “أتمنى ألا نتواجه مع أحد”، ويضيف عربيد: “لأن هذه الطائفة تتعامل مع الآخرين من مبدأ الحوار، التلاقي والاعتدال. لكن حين يستدعي الأمر قراراً وموقفاً فيه خير لمصلحة الوطن، عندها سيكون موقفنا حازماً، صريحاً وواضحاً”.
الطموح الإيجابي ليس عيباً
لا يخفي عربيد أن خللاً ما يعتري بعض المؤسسات والمحاكم الروحية في الطائفة، ويؤكد أن الحركة قادرة على أن تفعل أشياء كثيرة حيال هذا الواقع، مشيراً الى أن الكوادر المتنوعة الاختصاصات على استعداد لمساعدة الأبرشيات والمطارنة عبر المناقشة والحوار وإيجاد الحلول وتحسين ظروف العمل داخل المؤسسات، وتعزيز الوجود المسيحي وتفعيل الأداء العام في إدارات الدولة ومؤسساتها”. فضلاً عن ذلك ثمة مشكلات مزمنة في البلد، تنوي الحركة المشاركة في طرح حلول لها، منها انتظام العمل السياسي، مكافحة الفساد ومحاربة الفقر وغيرها.
ورداً على اتهامه بالإفادة من الحركة لتحقيق طموحات سياسية، يعتبر عربيد أنه “إذا كان الطموح إيجابياً، للعطاء وللبناء والمشاركة، فهذا ليس عيباً. لكن ما يهمني هو إبراز الطاقات المفيدة وذات القيمة المضافة والدفع بها للوصول إلى مواقع تعمّم منها الفائدة على المسيحيين والوطن عموماً وعلى أبناء الطائفة خصوصاً”، موضحاً أن “حركة التجدد للروم الكاثوليك” ليست انتهازية ولا وصوليّة، وهي لم تصمم على قياس أشخاص بل تعتبر حركة واعدة لمجموعة فاعلة”.
النهار